سبعون يسرا المرحة

يسرا هي يسرا ولكنها أيضا سيفين حافظ نسيم. تلك المرأة التي يحلو لها أن تعيش خارج صورتها المكرسة إعلاميا.
السبت 2025/03/22
يسرا امرأة تحب الحياة بقدر ما تعشق السينما

بعد أن غنّت "يبو قلب رقيق يا وحشني قوي/أنا قلبي رقيق والحب قوي" في فيلم قصر في الهواء عام 1978، لم تكرر يسرا واسمها الحقيقي سيفين حافظ نسيم تجربة الغناء في الأفلام. لا لأن صوتها لا يملك المؤهلات التي يمكن أن تصنع منها مطربة، بل لأن المخرجين وجدوا فيها ممثلة في إمكانها أن تعيد المرأة إلى واجهة السينما المصرية.

واضحة مثل صبية يستثيرها الغزل وغامضة مثل لغز امرأة تجيد صنع المكائد التي تعبّر عن مكر النساء. طبيعية كما لو أنها لا تمثل، ومدهشة لأنها تستخرج من أعماق الشخصية امرأة تشبهها.

يسرا التي تنتمي إلى جيل نسائي أنقذ السينما المصرية من كسادها لا تنافس ليلى علوي في إثارتها الشرقية ولا إلهام شاهين في شخصيتها الجادة غير أنها تفوّقت عليهما بمرحها الفائض. مرح ضحكتها ومرح جسدها. فكانت ملكة إغراء وأيقونة تحدّ في الوقت نفسه. المرأة الحديدية يوما والخفيفة مثل ريشة يوما آخر.

أجمل ما في يسرا أنها تعيش حياتها خارج السينما بتلقائية ومن غير حرج. ترقص وقتما تشاء ولا يقيدها المكان بشروطه. إن كانت في مهرجان أو عرس، فإنها تنسى أنها أصبحت رمزا للأنوثة الجديدة في السينما المصرية.

مثلت أكثر من خمسين فيلما، عشرات المسلسلات التلفزيونية وعددا من المسرحيات. غير أنها تعيش حياتها بتلقائية المرأة التي لا تزال الحياة تفتنها. ليس سرا أنها بلغت السبعين من عمرها. لن يصدق الكثيرون ذلك وهي لا تعتبره سرا. لا تعتبر عمرها سرا. في ذلك تكشف عن قوة شخصيتها وميلها إلى أن تعيش حياتها كما تحب.

لم تتمكّن السينما من يسرا فتحولها إلى أسطورة، فهي حريصة على ألا تمر لحظة من حياتها من غير أن يكون لها معنى تحبه.

يسرا امرأة تحب الحياة بقدر ما تعشق السينما. أتوقع أنها حين تتفرج على أفلامها تعجب مثلنا بالأدوار التي مثلتها غير أنها لا تود أن تعيشها في الواقع.

أحلى ما فيها أنها كانت في التمثيل تنتقل من الجد إلى الهزل بطريقة سلسلة كما لو أنها لا تفعل شيئا غريبا أو مستهجنا.

يسرا ممثلة استثنائية. بدأت في سبعينات القرن العشرين وكانت في كل فيلم جديد من أفلامها تظهر كما لو أنها لم تمثل أدوارا أخرى. هي أخرى دائما.

يسرا هي يسرا ولكنها أيضا سيفين حافظ نسيم. تلك المرأة التي يحلو لها أن تعيش خارج صورتها المكرسة إعلاميا. لقد بلغت السبعين من عمرها وما أحلاها من سبعين.

سيتعلم الكثيرون من يسرا التواضع. ولكنه تواضع لا تحتاجه يسرا التي أدركت في وقت مبكر من حياتها الفنية أن الفن يضفي جمالا على سلوكنا اليومي.

18