"سبعة معان في الحياة" أصغر الأسئلة تقود إلى أعظم الإجابات

أنتاريو (كندا)- سبعة معان في الحياة” للكاتب النرويجي توماس هيلاند إريكسن رحلة متشعبة وغنية لها أن تثري تفكيرنا في هذه الحياة ومعانيها، بمقاربات عميقة تنطلق من الأشياء العادية إلى أعلى مستويات التأمل الفلسفي.
في هذا الكتاب الذي اعتلى قائمة الأكثر مبيعا منذ صدوره عام 2022 في النرويج، وكما جاء في كلمة الغلاف “يتأمل توماس هيلاند إريكسن، أحد أبرز علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية في العالم، سبعة معان في الحياة وهي: العلاقات، الندرة، الأحلام، البطء، اللحظة، فن التوازن، والتخلي. وبأسلوبه الفلسفي المبهر يطرح الكاتب جميع أنواع الأسئلة على طاولة نقاش مفتوح مع المفكرين المعاصرين والقدامى، الأصدقاء والجيران، وصولا إلى قطة العائلة، فكل ما نعايشه يدعونا إلى اكتشاف تلك المعاني، ومع كل صفحة من الكتاب نتبينها أكثر ونتمسك بها، وقد أصبحنا جزءا من شبكة فكرية لا متناهية من الأصوات والأفكار والموسيقى”.

“سبعة معان في الحياة” هي أيضا قائمة طويلة من التأملات ما بعد الحداثية، جريئة وحزينة، خفيفة الظل ومتفائلة لكنها متصالحة مع الحياة، كما لو أن إريكسن يرسل رسائل عن الحياة نفسها إلى كل قارئ بشكل شخصي، ولعل ذلك يبرز أكثر في مقدمته للكتاب التي يقول فيها “كنت طوال حياتي في حوار مستمر مع أشخاص من ثقافات مختلفة، توصلت من خلالها إلى أن الناس في كل مكان يهتمون بمعنى الحياة إذا ما أتيحت لهم فرصة التفكير فيه، لكنهم يقدمون إجابات مختلفة تماما… عندما نتأمل في معنى الحياة وما هي الحياة الكريمة، يبدو الأمر كما لو كنا معاصرين لجميع البشر الذين عاشوا قبلنا”.
ويضيف “ماذا لو كان ما يلزم للاستيقاظ هو المشاعر القوية فقط، مثل الإيمان المطلق بإله، أو الالتزام القوي بمحاربة العنصرية اليومية؟ تقول امرأة مسيحية عرفتها في سيشيل إنها تتمتع بعلاقة مريحة مع المسلمين في الأرخبيل، لأنهم يؤمنون بالله على الأقل. لكن قد يعترض المرء: ماذا عمن لا يؤمنون بإله شخصي؟ يعتبر إنجاب الأطفال، من أجل استمرار النوع، من أكثر الأشياء ذات المعنى في جميع أنحاء العالم تقريبا. لكن ليس الجميع قادرين على إنجاب الأطفال. حتى إن البعض يختار عدم إنجاب أطفال. وإذا كان معنى الحياة يكمن في الأشياء الصغيرة – أوراق الخريف على الأرض، والقطة التي تهر في حضنك، أو كوب من القهوة الإثيوبية الساخنة من سيدامو، ألا تقع على عاتقنا مسؤولية تجاه الأشياء الكبيرة، مثل العدالة العالمية والمناخ؟”.
ويتابع “هذه أسئلة كبيرة، لكن في بعض الأحيان أصغر الأسئلة هي التي تمنحنا شعورا بأننا قريبون من أعظم الإجابات”.
“الحياة، كما قال جون لينون، هي ما يحدث بينما أنت مشغول بأشياء أخرى”. هكذا أجاب توماس هيلاند إريكسن عن سؤال معنى الحياة، ويواصل “لا ينبغي أن ننتظر طويلا للقيام بالأشياء. علينا أن نحاول الاستمتاع بالأشياء الصغيرة والكبيرة”.
وصدر كتاب “سبعة معان في الحياة” حديثا عن “محترف أوكسجين للنشر” في أونتاريو، نقله عن النرويجية المترجم السوري محمد حبيب.
يعتبر توماس هيلاند إريكسن (1961 – 2024)، أحد أهم علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية في العالم اليوم، وتحظى أعماله بتقدير كبير من النقاد والعلماء والعاملين في مجال الأنثروبولوجيا. ركزت أعماله بشكل رئيس على الأبعاد الاجتماعية والثقافية للعولمة، بدءا من القومية وسياسات الهوية، وصولا إلى ثورة المعلومات والتغيير المتسارع وأزمات المناخ والطبيعة. من بين مؤلفاته الأخيرة: “فريدريك بارث: سيرة ذاتية فكرية” (2015)، و”الاحتقان: أنثروبولوجيا للتغيير المتسارع” (2016)، و”مدينة الازدهار: العولمة الهاربة على ساحل كوينزلاند” (2018)، و”الجماعات الإثنية والحدود اليوم: إرث خمسين عاما” (2019) والطبعة الخامسة المنقحة والموسعة من الكتاب المدرسي الشهير “أماكن صغيرة، قضايا كبيرة” (1995 – 2023).
ومحمد حبيب هو مترجم سوري، مواليد 1961، يعمل في مجال الترجمة من النرويجية والإنجليزية إلى العربية منذ تسعينات القرن الماضي، يقيم في ستافنجر بالنرويج منذ عام 2015. ترجم من النرويجية عدة مسرحيات للكاتب المسرحي يون فوسه، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب 2023. كما له ترجمات أخرى منها: مسرحية “اجتماع شمل العائلة” لـ ت.س إليوت، رواية “العمى” لجوزيه ساراماغو، ورواية “تحت البركان” لمالكوم لوري، وروايات “بحر أبيض”، “اللامرئيون” و”عيون ريغيل” لروي ياكوبسن، بالإضافة إلى كتب “دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ” لإريك دورتشميد، “مساهمة في علوم الإنسان: الصحة النفسية للمجتمع المعاصر”، و”كينونة الإنسان” لإيريش فروم، وغيرها من الترجمات.