سبر آراء عبر الهاتف يكشف مخاوف عراقية من ردة فعل أميركية

سياسيون عراقيون يصفون الخطوة بأنّها تنطوي على نوع من التذاكي عبر محاولة تحميل المواطنين مسؤولية أي قرار يتّخذ بشأن تواجد القوات الأجنبية في البلاد.
الأربعاء 2024/01/10
رحيل القوات الأميركية يعني خلو الساحة لإيران في سوريا والعراق

بغداد - دفع الحرج الشديد الذي تواجهه حكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني بسبب تورّطها في إطلاق تعهّد بإخراج القوات الأميركية من العراق، إلى ارتجال سبر آراء عاجل يطلب من المواطنين رأيهم في القضية.

وفوجئ عدد كبير من العراقيين بتلقيهم رسالة نصية على هواتفهم المحمولة، تضمنت استطلاع رأي عن تواجد قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في البلاد.

وجاء في نص الرسالة “عزيزي المواطن، هل أنت مع استمرار مهمة التحالف الدولي في العراق؟”، بالإضافة إلى طلب الإجابة عبر رابط موجود أسفل الرسالة.

ووصف سياسيون عراقيون الخطوة بأنّها تنطوي على نوع من التذاكي عبر محاولة تحميل المواطنين مسؤولية أي قرار يتّخذ بشأن تواجد القوات الأجنبية في البلاد.

ويكمن “التذاكي”، بحسب هؤلاء، في أنّ أي نتيجة قد يفضي إليها سبر الآراء ستكون حتما في خدمة الحكومة، إذ أنّ الإجابة بالموافقة على استمرار تواجد القوات الأجنبية في البلاد ستبرر للسوداني التراجع عن تعهّده المحرج. أما رفض استمرار وجود تلك القوات، فسيعني وجود غطاء شعبي لإخراجها بقرار اتّخذ بشكل ديمقراطي.

ما يضاعف ارتباك الحكومة العراقية أن الولايات المتحدة تتجاهل خطوات بغداد وقراراتها وتصر على عدم سحب قواتها من العراق

وتساءل نائب سابق في مجلس النواب العراقي عن الضمانات المتوفرة لعدم تزوير نتيجة سبر الآراء وتوجيهها في الاتجاه الذي تريده الحكومة، مذكّرا بأن للقوى السياسية المشاركة في حكم البلاد سوابق في التزوير.

وبات موضوع تواجد القوات الأميركية في العراق مبعث قلق شديد للسوداني الذي وجد نفسه مضطرا إلى مسايرة القوى المشكّلة لحكومته من أحزاب وميليشيات شيعية منحازة إلى موقف إيران من التواجد الأميركي في العراق ومساندة للهجمات التي تقوم بها فصائل مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني على مواقع تمركز القوات الأميركية في العراق.

لكن للعراق ارتباطات حيوية بواشنطن يعلم السوداني صعوبة المقامرة بها، ومنها الارتباط المالي الشديد لبغداد بواشنطن التي تزوّد العراق بمبالغ من عملة الدولار من دونها تتوقّف عجلة الاقتصاد العراقي عن الدوران.

وكشف اللجوء إلى حيلة سبر الآراء بكل ما تنطوي عليه من سطحية عن مدى الارتباك الذي تعانيه حكومة السوداني في معالجة ملف تواجد القوات الأميركية في البلاد.

وما يضاعف حالة الارتباك أن الولايات المتّحدة تتجاهل خطوات بغداد وقراراتها وتصرّ على عدم سحب قواتها من العراق.

ونفت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء أي خطة لسحب تلك القوات وهو ما يتعارض مع تصريحات من الجانب العراقي تؤكد العمل على إنهاء الوجود العسكري الأميركي في البلاد.

وكان الوضع قد توتر بين بغداد وقوات التحالف لمحاربة تنظيم داعش بقيادة واشنطن، بعد ضربات نفذها التحالف مؤخرا استهدفت “قوى أمنية عراقية”، وفق تأكيد حكومة بغداد.

وقال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر في تصريحات صحفية “لست على علم بأي إخطار من بغداد لوزارة الدفاع بشأن قرار سحب القوات الأميركية”. وأضاف “سنظل على تشاور وثيق مع الحكومة العراقية بشأن وجود القوات الأميركية وسلامتها وأمنها”، مؤكّدا أن “قواتنا موجودة في العراق بدعوة من الحكومة هناك”.

Thumbnail

والجمعة الماضية أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن تشكيل لجنة ثنائية لترتيب إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في البلاد، مؤكدا موقف بغداد “الثابت والمبدئي” لتحقيق ذلك.

وفي أواخر ديسمبر الماضي قال البيت الأبيض إن الجيش الأميركي استهدف 3 منشآت تابعة لكتائب حزب الله العراقي، ردا على هجوم أصاب قاعدة عسكرية للتحالف الدولي.

وبينما أكدت السلطات الأميركية آنذاك أن الاستهداف لم يمسّ بأي مدني، أدانته الحكومة العراقية في بيان ووصفته بأنه “فعل عدائي واضح ومساس مرفوض بالسيادة العراقية”، وأكدت أنه “أدى إلى استشهاد منتسب للقوات العراقية وإصابة 18 آخرين، من ضمنهم مدنيون”.

وتأُسس التحالف الدولي ضد داعش في سبتمبر 2014، لمحاربة التنظيم في العراق وسوريا، ويضم 85 دولة ومنظمة شريكة، ويوجد في العراق نحو 2500 جندي أميركي.

وتصاعد التوتر في العراق بين فصائل مسلحة، تقول السلطات إنها قوى أمن رسمية، والقوات الأميركية، على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث سبق أن أعلن تشكيل “المقاومة الإسلامية العراقية”، وهو إحدى الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق، في بيانات عن تنفيذه هجمات على قاعدة التحالف في مطاري عين الأسد وأربيل غرب العراق، وكذلك على تل البيدر وقاعدة التنف في سوريا المجاورة، تضامنا مع القطاع.

3