سباق خليجي للاستثمار في الأمونيا الزرقاء

أبوظبي - يبرز في طيات التحول نحو إنتاج الطاقة النظيفة سباق بين دول منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما النفطية منها، أملا في تطوير قطاع يجعلها تدر منه المزيد من الإيرادات مع تركيز قاعدة صناعية في هذا المجال.
وفي أحدث خطوة في هذا المسار الواعد، أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدونك" الخميس عن تصدير أول شحنة أمونيا منخفضة الكربون من إنتاج الإمارات إلى ألمانيا.
وبهذا تلتحق أدنوك بشركة أرامكو التي دشنت باكورة صادراتها من هذا الوقود الصديق للبيئة في أواخر سبتمبر 2020، عندما أرسلت أولى شحنة إلى اليابان.
وهذا الاتجاه يعكس رهان البلدين على الاستثمار في الطاقات البديلة لتنفيذ خطط الطاقة المتجددة استعدادا للمتغيرات العالمية وتزايد تحديات الحد من انبعاثات الكربون.
وتأتي خطوة أدنوك بعد يوم على إعلان قطر اعتزامها بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء، أحد أنواع الوقود الجديدة التي توصف بأنها مصدر طاقة نظيفة.
وبحسب المكتب الإعلامي لحكومة أبوظبي، فقد أنتجت الشحنة التجريبية المتجهة إلى ألمانيا شركة فيرتيغلوب، المشروع المشترك بين أدنوك وأو.سي.آي، في مصنعها فرتيل بمجمع الرويس الصناعي بأبوظبي.
◙ أدنوك تلتحق بشركة أرامكو التي دشنت باكورة صادراتها من هذا الوقود الصديق للبيئة في أواخر سبتمبر 2020 عندما أرسلت أول شحنة إلى اليابان
وذكر المكتب في بيان "تعتبر هذه الشحنة أول شحنة تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون يجري شحنها إلى ألمانيا لصالح أوربيس، المزود العالمي للمعادن غير الحديدية ومن أكبر شركات إعادة تدوير النحاس على مستوى العالم، ويقع مقرها الرئيسي في هامبورغ".
وعند وصول الشحنة إلى ألمانيا، ستتولى شركة هامبورغر هافن آند لوجستيك، إحدى الشركات اللوجستية الرائدة في أوروبا، عمليات مناولة الشحنة.
وهذه الشحنة ضمن عدة شحنات تجريبية تعتزم أدنوك تصديرها لزبائنها في ألمانيا، في سعيها لتوسيع شراكتها الإستراتيجية في مجال الطاقة، لتشمل جميع مكونات وجوانب سلسلة القيمة للهيدروجين.
تأتي هذه الخطوة في أعقاب بيع أدنوك عدة شحنات مماثلة من الأمونيا منخفضة الكربون إلى عملائها في آسيا.
وتخطط أوروبيس لاستخدام الأمونيا منخفضة الكربون بوصفها مادة وسيطة في مصنعها لقضبان الأسلاك، واختبار تطبيقها بوصفه مصدرا إضافيا للطاقة منخفض الكربون للتأهيل الصناعي.
ويمتلك الهيدروجين الذي تحمله الأمونيا القدرة على أن يكون مصدرا للطاقة منخفضة الكربون لعمليات إنتاج المعادن المتعددة، التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.
وليس بعيدا عن الإمارات، فقد أبرمت شركتا قطر للطاقة للحلول المتجددة وقطر للأسمدة الكيمياوية "قافكو"، وهما تابعتان لقطر للطاقة، اتفاقيات بناء مشروع الأمونيا - 7، بقيمة 1.1 مليار دولار".
وتضم الصفقة كذلك عقد الهندسة والتوريد والإنشاء، وقد تم إرساؤه على تحالف من شركة تيسن - كروب، وشركة اتحاد المقاولين "سي.سي.سي".
ووفق وكالة الأنباء القطرية الرسمية، تبلغ طاقة إنتاج المصنع الذي سيتم بناؤه في مدينة مسيعيد 1.2 مليون طن، وسيدخل طور الإنتاج في الربع الأول من العام 2026، ما يجعله "أكبر منشأة من نوعها في العالم".
وقال سعد الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، خلال مؤتمر صحافي إن "مشروع الأمونيا يعتبر مشروعا رائدا لدولة قطر ولهذه الصناعة بشكل خاص".
وأضاف “سيتم إنشاؤه بالاعتماد على خبراتنا في تركيب وتشغيل وصيانة مصانع الأمونيا التقليدية لإنتاج الأسمدة”.
وتابع "نبني على مكانتنا الفريدة في مجال مصادر الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون وعزله، فضلا عن قدراتنا اللوجستية ومزايانا المثالية لتزويد العالم بمنتجات وأنواع وقود مختلفة ومنخفضة الكربون".
وأضاف “يمثل هذا الاستثمار دليلا هاما على الخطوات الملموسة التي نتخذها لخفض كثافة الكربون في منتجات الطاقة لدينا، كما يشكل ركيزة أساسية في إستراتيجية قطر للطاقة للاستدامة والتحول إلى طاقة منخفضة الكربون”.
وبموجب الشراكة، ستعمل شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة على تطوير وإدارة مرافق التقاط وتخزين الكربون المتكاملة، والقادرة على التقاط وتخزين حوالي 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
كما سيتم توفير أكثر من 35 ميغاواط للمصنع من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية من محطة الطاقة الشمسية، التي يتم إنشاؤها حاليا في مدينة مسيعيد الصناعية.
وتعد الأمونيا مكونا رئيسيا في صناعة الأسمدة. ويتم إنتاج الأمونيا الزرقاء عندما يتم التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء الإنتاج التقليدي للأمونيا.
◙ منذ بناء منشأة مشروع نيوم الضخمة لإنتاج الهيدروجين دخلت السعودية في مرحلة جديدة لتطوير مصادر الطاقة بطريقة صديقة للبيئة
ويمكن استخدام الأمونيا الزرقاء، والتي يمكن نقلها باستخدام السفن، في محطات الطاقة لإنتاج كهرباء منخفضة الكربون.
وتسوق الدول المنتجة للغاز مثل قطر لهذه المادة الكيميائية ذات الرائحة الكريهة كبديل عن الهيدروجين.
وتدرس اليابان استخدام الأمونيا لتشغيل مولدات إنتاج الكهرباء التي كانت تعمل سابقا بواسطة الفحم، وهي في شراكة مع السعودية لتزويدها بهذه المادة.
ويمكن توليد حوالي 10 في المئة من الطاقة في اليابان بواسطة 30 مليون طن من الأمونيا الزرقاء، مع إمكانية البدء بإطلاق هذه المادة على نحو مشترك في محطات الطاقة الحالية، ثم ننتقل في النهاية إلى الحرق الأحادي بنسبة 100 في المئة من الأمونيا الزرقاء.
وثمة دول لا يمكنها بالضرورة الاستفادة من احتجاز الكربون واستغلاله وتخزينه أو عملية استعادة النفط بسبب ظروفها الجيولوجية، ولكن سيساعد غاز الأمونيا/الهيدروجين الأزرق الكربوني المحايد في التغلب على هذا العائق.
ومنذ بناء منشأة مشروع نيوم الضخمة لإنتاج الهيدروجين في أغسطس 2019، دخلت السعودية في مرحلة جديدة في تطوير مصادر الطاقة بطريقة صديقة للبيئة، استعدادا لتصديره إلى الأسواق العالمية.
وأبرمت شركة نيوم، التي تأسست في يونيو 2019، صفقة مع إير بروداكتس وأكواباور بقيمة 5 مليارات دولار.
ويهدف المشروع، الذي يعد من بين الأكبر في العالم، إلى توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي ولمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
وثمة مساع أيضا من سلطنة عمان من أجل إنتاج الهيدروجين، وقد عقدت الكثير من الشراكات في العامين الماضيين. وحتى ترسخ أقدامها أكثر أسست تحالفا محليا يضم 13 شركة وجهة للاستثمار في هذا المورد.
كما أن الكويت انضمت إلى السباق رغم الصعوبات التي واجهتها، إذ شرعت مطلع الشهر الماضي في تسويق منتجات مشروع الوقود البيئي الذي دخل حيز التشغيل الكامل في وقت سابق هذا العام، بعدما حققت الاكتفاء الذاتي من هذه المواد الصديقة للبيئة.