سباق بين موعد حساب إسرائيلي مع قطر ودبلوماسية الغاز والسياسة للدوحة

لندن – تدرك قطر أنها في سباق غير معلن ولا شك فيه بين موعد حساب إسرائيلي على تبنيها حركة حماس سياسيًّا واستضافة قادتها وتمويل حكومتها في غزة، ودبلوماسية قطرية أساسها توفير الغاز والنشاط لحل أزمة المحتجزين الإسرائيليين في غزة مما يسترضي الولايات المتحدة بشكل ملموس.
وأبدت إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي غضبا من استضافة قطر لحركة حماس وأرسلت إشارات في أكثر من مرة بشأن مسعاها للانتقام بتصفية قادة الحركة الذين يتواجدون بشكل رئيسي في الدوحة.
وكان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار قد توعد في مطلع الشهر الجاري قادة حماس وشدد على أن إسرائيل عازمة على تصفيتهم “أينما حلّوا” في العالم، خاصة في “لبنان وتركيا وقطر”.
40
في المئة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في جميع أنحاء العالم ستؤمنها قطر
وبالإضافة إلى قيادة جهود الوساطة التي قامت بها للإفراج عن رهائن في غزة وتسعى حاليا لتهدئة جديدة يتم خلالها الإفراج عن دفعة أخرى، تحاول الدوحة استخدام ما يسمى بـ”دبلوماسية الغاز” للخروج من ورطتها حيال إسرائيل والغرب.
ويبدو هذا واضحا من خلال التعهد بزيادة ضخ الغاز في السوق الدولية، وهو ما يبقي على مكانتها كشريك موثوق به، خاصة من قبل الولايات المتحدة.
ولعبت قطر دورا كبيرا في تفادي حدوث نقص في الغاز بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، وهو ما قرّبها من الولايات المتحدة حيث وصفها رئيسها جو بايدن بأنها “حليف رئيسي من خارج الناتو”.
ويقول الكاتب سايمون واتكينز في مقال بموقع أويل برايس “قدّم تقسيم موارد الغاز الطبيعي المسال في قطر إلى القوى الأجنبية قبل غزو أوكرانيا وبعده درسا رئيسيا في الدبلوماسية العالمية، وعزز سمعة الإمارة المتنامية باعتبارها ‘الوسيط الصادق’ في الشرق الأوسط بين القوى العظمى”.
وأضاف واتكينز “تغلبت (الدوحة) على مصاعب غير عادية لتصبح الوسيط الأكثر ثقة في المنطقة في أعين جانبي الانقسام الجيوسياسي، أي الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والمحور الصيني – الروسي وحلفائه من جهة أخرى”.
وأبرمت الدوحة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا وبعده عدة صفقات طويلة الأجل لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الصين.
ثم شهدت نهاية مارس 2022 أول سلسلة من الاجتماعات الحاسمة إستراتيجيا للولايات المتحدة وحلفائها مع كبار المسؤولين القطريين، وهدفت إلى تأمين إمدادات عاجلة من الغاز الطبيعي المسال الحيوي للغرب والشرق وتحريك الإمارة باتجاه دائرة نفوذ الولايات المتحدة.
وبحسب تصريحات مسؤولين قطريين الأسبوع الماضي، ستمثل قطر حوالي 40 في المئة من جميع إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في مختلف أنحاء العالم بحلول 2029.
وتتوافق هذه التوقعات مع بيانات الصناعة المستقلة، حيث من المتوقع أن تتحقق الزيادة الهائلة في الإنتاج من التوسع المستمر الذي تشهده مشاريع حقل الشمال.
وتبلغ مساحة هذا الحقل 6 آلاف كيلومتر مربع، وهو جزء من الحقلين اللذين يشكلان أكبر حقل للغاز في العالم. والقسم الآخر الذي تبلغ مساحته 3700 كيلومتر مربع هو حقل غاز جنوب فارس في إيران، الذي يمثل حوالي 40 في المئة من إجمالي احتياطيات الغاز في البلاد، والمقدرة بـ33.8 تريليون متر مكعب وحوالي 75 في المئة من إنتاجها من الغاز.
وسيشهد برنامج توسعة حقل الشمال في قطر ستة مشاريع تطوير رئيسية جديدة في حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي حتى 2029.
وستُضاف أربعة “قطارات” جديدة (منشآت إنتاج) يبلغ إنتاج كل منها 8 ملايين طن متري سنويا إلى موقع حقل الشمال الشرقي، وقطاران (لهما القدرة الإنتاجية نفسها) إلى موقع حقل الشمال الجنوبي. وسيحقق هذا إنتاجا إجماليا جديدا قدره 48 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال.