سامح يسري أول فنان عربي يقتحم بوليوود بصوت مصري

قال المطرب والممثل المصري سامح يسري لـ”العرب” إن الساحة الفنية المصرية لم تعد تستوعب إلاّ من يتخلى عن مبادئه، وأن المناخ الفني أصبح عبارة عن تكتلات تفرز فقاقيع فنية ونجاحات عشوائية لا تمت للقيم الحقيقية بصلة.
وطالب يسري الدولة بوضع إستراتيجية متكاملة لرعاية الفن والثقافة من جديد، ليعود كلاهما قوة ناعمة لمصر، بدلا من ترك الأمور دون رابط ولا مرجع، وإخلاء الساحة للكيانات الموجودة حاليا، وكلها شركات خاصة تبحث فقط عن الربح المادي.
ومع ذلك يفخر يسري بأنه قهر الظروف ونجح في أن يكون أول فنان عربي، يقتحم بوليوود، معقل أفلام السينما الهندية من خلال مشاركته بالغناء في فيلم “حب في القاهرة” للمخرج جاويد رحمان خان، الذي اختاره للغناء في فيلمه بثلاث لغات (إنكليزي، هندي، عربي)، والمقرر عرضه في 19 دولة، من بينها مصر قريبا.
عصر المال
عن الواقع الحالي للغناء قال سامح يسري إنه لا يستطيع تقييم زملائه، مفضلا أن يترك التقييم للنقاد والجمهور، لكنه عاد ليؤكد على وجود أعمال جيدة على الساحة الغنائية يقدمها فنانون محترمون، لا يتمّ تسليط الضوء عليهم، مؤكدا “لأننا أصبحنا في عصر يحكمه المال”.
ويرى يسري، الذي يتولى الأمانة العامة لاتحاد المنتجين العرب، أن الأغنية المصرية بعد ثورة 25 يناير 2011، وما تبعها من متغيرات على مستويات مختلفة تحتاج إلى أن تأخذ شكلا جديدا يتناسب مع تلك المرحلة المهمة، يكون فيها التركيز على الأمل والبناء الحقيقي للوعي والعقل المصري ليواكب ما يدور في عالم السياسة والمجتمع، ولن يتحقق ذلك إلاّ بفن راق ومحترم.
عرض (شمس وقمر)، الذي يعاد للمرة الثانية، يطرح مشاكل تخص الأخلاق وقيم العمل والعدل وحب الناس والخير والمساواة بين البشر
يسري الذي قدّم أول ألبوماته “طاير” عام 1996 اتهم التطور التكنولوجي بالمسؤولية عن انهيار سوق الكاسيت، حيث ساعد انتشار الإنترنت على سرقة الأغاني، ومع ذلك أكد وجود طفرة في عالم الموسيقى من حيث نمط الأغنية وتوزيعها واختيار القالب الفني الجديد لصياغتها، بما يتناسب مع المنافسة بعيدا عن التقليد، حيث يقول “لأننا نملك من المـــدارس والتراث ما يساعدنا على التطوير”.
حول مشروعه الغنائي الجديد قال لـ”العرب” إنه يسعى إلى إعادة غناء عدد من الأعمال الخالدة لكبار المطربين، مثل محمد فوزي وعبدالحليم حافظ باعتبارهما من الشخصيات الفنية التي يجب ألاّ تختفي، لأنها تركت صدى عند الجمهور العربي، وتنتمي إلى جيل شق طريقه بصعوبة بالغة واستطاع بفنه أن يحتفظ بحب الجماهير حتى الوقت الحالي.
واعتبر أن مشروعه يساهم في الحفاظ على الهوية والثقافة، وعلى طعم الأغاني الخاص، وترسيخ الموسيقى الشرقية، مثلما يلقي الضوء على شخصيات غنائية أثرت في الفن بشكل كبير، معتبرا تقديم تلك الأغاني بصمة مهمة في مشواره الفني. في وقت اختفت فيه الأعمال المسرحية أو الفنية الموجهة للأطفال يواظب سامح يسري على عرض مسرحيته التي ينتجها المسرح القومي للأطفال بعنوان “شمس وقمر” مع الفنانة إيناس نور، ومحمود عبدالغفار.
وتمزج المسرحية المأخوذة عن رائعة توفيق الحكيم “شمس النهار” بين الغناء والاستعراض، وتدور حول ابنة ملك مدللة وكسولة، وكل ما تفعله لا يعدو إلا لعبا ولهوا، إلى أن يأتي راعي الغنم قمر فيقوم بتلقينها دروسا في الحياة.
مسرح الأطفال
يطرح عرض “شمس وقمر” الذي يعاد للمرة الثانية بعد أن حقق نجاحا العام الماضي، مشاكل تخص الأخلاق وقيم العمل والعدل وحب الناس والخير والمساواة بين البشر. ويرى يسري أن غرس روح الثقافة والفكر داخل قلوب الصغار، يؤدى إلى إبراز النموذج السوي المدرك لمعنى الولاء والانتماء بلا تفتيت أو تقسيم، وهذا ما تقوله مسرحية “شمس وقمر”.
ورغم اعترافه بأن اتجاه الدولة في مصر إلى إنتاج مسرحيات تنشر القيم والأخلاقيات يحسب لها، إلاّ أنه يجدها مقصرة في مجال الترويج لها.
وناشد الوزارات المعنية التعاون في ما بينها لبناء الثقافات، لأن ذلك لا يتم إلاّ بالتعاون الفني والرؤية الواضحة، مؤكدا أن المسرحية تواجه العديد من مظاهر البيروقراطية التي تمنع انتشارها في مصر.
سامح يسري يرى نفسه محاربا للفقر والجهل والجوع، وهذا قمة الارتقاء بالمستوى السياسي، وذلك من خلال الارتقاء بالإنسانية ككل وتنمية الشخصية السوية التي تدرك معنى الثقافة
يذكر أن سامح يسري رشح نفسه في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2011 عقب ثورة يناير، لكنه يعتقد أنه فنان يعمل لصالح المجتمع وليس له أيّ هدف سياسي.
ويرى نفسه محاربا للفقر والجهل والجوع، وهذا قمة الارتقاء بالمستوى السياسي، وذلك من خلال الارتقاء بالإنسانية ككل وتنمية الشخصية السوية التي تدرك معنى الثقافة.
وقال إن النجومية تتويج من الناس، لكن حلمه الحقيقي أن يكون كيانا فنيا محترما في التواصل والتعامل مع الآخر وسط التطور التكنولوجي الذي لا يرحم.
وختم سامح يسري حواره مع “العرب” بأنه يتمنى خلال الفترة المقبلة عودة المهرجانات الوطنية إلى ذروتها، حتى تصبح قافلة حقيقية تخترق كل العالم بسلام وأمان.