ساحات منصة إكس الحربية

الحسابات الصينية والروسية على الشبكات الاجتماعية تحاول استمالة المسلمين من خلال تغريدات تتغنى بالإسلام والمسلمين وبحضورهم الرائع.
الثلاثاء 2024/04/30
ما يريده الجمهور

جنبا إلى جنب ساحات الحرب المشتعلة في أوكرانيا وغزة والسودان وتمدداتها شرقا وغربا، تشتعل حرب أخرى لا تقل ضراوة على منصة إكس (تويتر سابقا). هي حرب نفوذ تستهدف ترسيخ الوجود المعنوي والمادي من خلال تغيير أفكار ورؤى الرأي العالمي مسلميه ويهوده ومسحييه، حرب ترفع شعارات: أنا الأكثر تقدما وانفتاحا فكريا وثقافيا، أنا أكثر تطورا تكنولوجيا، أكثر حرية، أنا أكثر عدالة، أنا الأقوى عدة وعتادا.

حرب كل طرف فيها ينال من سمعة الآخر ويقلل من شأنه. ونضرب مثلا بما يفعله حساب الصين بالعربية الذي بحكم متابعتي لم يكن له متابعون قبل حرب غزة في أكتوبر 2023، هذا الحساب تتوزع تغريداته أولا على تشويه وتلطيخ سمعة أميركا تحديدا كبلد للحرية والعدالة والتقدم، وذلك من خلال بث فيديوهات عن المجتمع الأميركي وما أصابه من ترهل وتدهور، وارتفاع معدلات الفقر والعوز، وعن الصناعات الحربية الأميركية الفاشلة، وتردي السياسات الأميركية التي لا هدف لها إلا تأجيج الحروب.

ومن آخر ما تم نشره كان حول زيارة وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن حيث أظهرت التغريدات أنه لم يكن شخصا مرغوبا فيه في الصين (على المستوى السياسي).. وثانيا على ما تحرزه الصين من تقدم في مختلف المجالات وما تحققه من رفاهة لشعبها وما تحتله من موقع على الساحة السياسية العالمية.

وهناك الحسابات الروسية وهي كثيرة، وتمارس نفس أهداف الحرب الصينية مع التركيز على الأمور السياسية والعسكرية والتضخيم من الرئيس بوتين والفخر به كزعيم، فضلا عن توسع دائرتها لتشمل الدول الأوروبية، ومن التغريدات مثلا لحساب الموجز الروسي أن وزارة الدفاع الروسية تقيم معرضًا للأسلحة والمعدات العسكرية التي استولى عليها العسكريون الروس خلال عملية عسكرية خاصة في فيكتوري بارك وتضم أكثر من 30 عينة من المعدات العسكرية التي تنتجها 12 دولة، بما في ذلك أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وتركيا والسويد وتشيكوسلوفاكيا وجنوب أفريقيا وفنلندا وأستراليا والنمسا وأوكرانيا، من بينها أحدث طراز من دبابة ليوبارد الألمانية – Leopard 2A6 – خلال معركة أفديفكا.

ومن اللافت أن الحسابات الصينية والروسية تحاول استمالة المسلمين، وذلك من خلال تغريدات تتغنى بالإسلام والمسلمين وبحضورهم الرائع، مثلا تكشف عن الوجود الإسلامي في الصين ومدى ما يتمتع به هذا الوجود من حرية، أو دعوات للمسلمين في أنحاء العالم للقدوم إلى روسيا والعيش فيها.

وعلى الجانب الآخر دخلت حسابات إيران بالعربية وحسابات حلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا لتشن حربا ضروسا على إسرائيل وأميركا والغرب، مستغلة أجواء الغضب التي تشتعل شرقا وغربا على ما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد الإنسانية في غزة، ومتفاخرة بما لديها من قوة ردع، وأنها الدولة الأكثر نصرة لمحور المقاومة خاصة المقاومة الفلسطينية والأكثر حرصا وسعيا إلى تحرير القدس من أيدي اليهود.

أما الحسابات الأميركية والأوروبية بالعربية فلا تكاد تلقى أي صدى سوى صدى السخرية والاستهزاء والتشويه، نتيجة تجاهلها للغضب الممتد والمتصاعد شرقا وغربا داعيا لوقف الحرب على غزة، تركيزها على خطابات مسؤولي البيت الأبيض الداعم لهذه الحرب.

وأخيرا أشير إلى أن الحرب على منصة إكس ستكون لها تأثيرات بالغة الخطورة على الرأي العام العربي والإسلامي بشكل خاص، فالتلاعب بالأفكار والمشاعر والرؤى وحتى الحقائق على أشده، كلٌّ يريد نفوذا ودعما وحضورا بغض النظر عن مآلات ذلك. ومما يؤسف له أن الحسابات العربية الرسمية والشخصية شبه غائبة، أو لنقل أنها موجودة لكن أحدا لم يعد يعتني بتغريداتها نتيجة انفصالها عن الواقع أو ربما إيثارا للسلامة.

5