سابقة مصرية: الجيش يدرج شركاته في البورصة

القاهرة – قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي الأربعاء إن مصر تعتزم طرح ثلاث أو أربع شركات تابعة للقوات المسلحة في البورصة، ما يشكل سابقة تثير التساؤل عن حجم الاستجابة المحدود؛ هل يكشف عن حذر رسمي من المساس بسلطة الجيش ونفوذه، أو أن الأمر رسالة إيجابية؟
وجاءت الخطوة متأخرة بعد ضغوط من صندوق النقد الدولي، الذي يطالب بطرح جزء من شركات الجيش للبيع. وبعد تأخير وتعطيل غير مفهومين، بدا أن الحكومة قد استجابت للضغوط وقبلت بطرح عدد قليل من هذه الشركات في البورصة، فيما يرى محللون أن العدد لا يعبر عن رغبة في تنفيذ إصلاحات صندوق النقد، وأن ثمة ضغوطا على الحكومة لمنع تنفيذ شرط الصندوق بتفكيك إمبراطورية الجيش.
وقال محلل أسواق المال المصري محمد سعيد “ثمة تباطؤ في طرح شركات الجيش بالبورصة المصرية كحال برنامج الطروحات كاملا،” موضحا أن الخطوة مهمة كي تتراجع الدولة عن منافسة القطاع الخاص مع ضرورة التحول إلى رقيب فقط.
وشدد في تصريحات لـ”العرب” على ضرورة الإسراع في اتخاذ هذا القرار، لأنه يتم الحديث عنه منذ نحو ست سنوات دون اتخاذ قرارات فعلية، ولذلك ينبغي اغتنام الوقت الراهن بالتزامن مع تعطش سوق المال إلى طروحات جديدة.
وتواجه الحكومة ضغوطا لبيع حصص في الشركات المملوكة للدولة بموجب خطة إنقاذ حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022.
وقال مدبولي في مؤتمر صحفي بالقاهرة “في إطار هذه الخطة سيكون هناك أيضا إعلان عن طرح من ثلاث إلى أربع شركات تابعة للقوات المسلحة، سيتم الإعلان عن طرحها في البورصة المصرية.”
وأفاد مدبولي بأن العروض العامة الأولية التي سيُعلن عنها الأسبوع المقبل ستتضمن شركات للدولة في قطاعات المصارف والصناعات والأدوية والاستثمار.
ويرى المحللون أن العدد الذي أعلن عنه رئيس الوزراء المصري بخصوص شركات القوات المسلحة قليل وينبغي أن تتم مضاعفته، لاسيما مع كثرة عدد كيانات الجيش، لكن ذلك ربما يكون بمثابة جس نبض لرد فعل صندوق النقد.
لكن هناك من يرى في هذه الخطوة دليلا على رغبة مصر في إظهار جديتها في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها، وأنها رسالة إيجابية.
وقال اللواء سمير فرج، الخبير الإستراتيجي والمحاضر بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية التابعة للجيش المصري، إن “القوات المسلحة تقول للداخل والخارج إنها ليس لديها ما تخفيه عن اقتصادها، ومستعدة لأن تتنازل عنها لصالح المكتتبين في أسهمها داخل البورصة، وتعلن كل شيء بشفافية ووضوح حول حجم الميزانيات والأرباح والخسائر، وهذه رسالة سياسية أكثر منها اقتصادية.”
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “طرح شركات الجيش في البورصة هو جزء من اتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، الذي سبق أن أوصى بإدراج أسهم شركات الجيش داخل سوق المال، والرئيس عبدالفتاح السيسي يدعم الخطوة، على الأقل كي لا يُقال إنه يمتلك اقتصادا موازيا ويزاحم القطاع الخاص كما يردد البعض.”
ولفت إلى أن الجيش لا يمانع في التنازل عن شركاته، لكنه سيظل يحتفظ ببعضها لأسباب مرتبطة بالأمن القومي، وهذا معمول به عالميا.
وأوضح اللواء سمير فرج أن الشعب يثق بشركات الجيش وسوف يؤدي طرحها في البورصة إلى إنعاش سوق الأسهم بزيادة معدلات الاكتتاب وحجم التعاملات في تلك الأسهم، بما ينعكس على إقامة مشروعات جديدة والتوسع في القائمة بالاستفادة من الثقة بسمعة الشركات العسكرية.
وأجرى صندوق النقد الدولي الشهر الماضي مراجعة متأخرة لبرنامج إقراض لـ46 شهرا انتهى من دون الإفراج عن 1.2 مليار دولار في التمويل المتوقع.
وأفاد الصندوق بأنه “شجّع السلطات على تسريع خططها لتصفية الأصول وتسريع الإصلاحات لخلق بيئة متكافئة وتقليص بصمة الدولة في الاقتصاد.”
وتواجه الدولة العربية الأكثر تعدادا للسكان إحدى أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود.
وارتفعت الديون الخارجية بأربعة أضعاف منذ عام 2015 لتصل إلى 160.6 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024، مدفوعة جزئيا بمشاريع كبيرة، بما في ذلك العاصمة الجديدة شرق القاهرة.
كذلك، ساهمت حرب غزة في تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد. وأدت الهجمات المتكررة على طرق الملاحة في البحر الأحمر من قبل المتمردين الحوثيين إلى تراجع عائدات مصر من قناة السويس (المصدر الأساسي للنقد الأجنبي) بأكثر من 70 في المئة هذا العام.