سؤال الهوى وجوابه

العشاق لا يلتقون إلا على مائدة تتقافز في فضائها الأسئلة والأجوبة.
الخميس 2023/05/18
مَن ينتظر السؤال لا يملك جوابا

نصفنا سؤال ونصفنا جواب. ومن الجواب ينبعث سؤال جديد. تلك هي الحياة بكل ألغازها.

ولكن مَن يسأل مَن؟ ذلك سؤال أيضا سيظل من غير جواب، فحين تقول فيروز “سألتك حبيبي لوين رايحين”، فإن ذلك لا يعني أننا قد وصلنا. لا يعني أيضا أننا في طريقنا إلى أن نفهم مغزى السؤال.

ربما كان القصد منه أننا لن نصل وأن طريقا مشينا فيه لن تكون له نهاية جاهزة. ربما نضل وتضيع خطواتنا.

هناك عبء ثقيل ينبغي التخلص منه، ذلك ما لخصه فريد الأطرش حين قال “اسئل اسئل/ على اللي بيثقل/ ولا تسأليش عليه”، السؤال في محله ولمَن يستحق.

و”اسأل روحك/ قبل ما تسأل إيه غيرني” السؤال يذهب ويجيء. يقترب ويبتعد. غير أنه لا يصل إلى مرحلة الجفاء كما حدث مع نجاة الصغيرة حين قالت “أسألك الرحيلا”.

سؤال صعب ليس أصعب منه سؤال فريد الأطرش “سألني الليل/ بتسهر ليه” هل علينا أن نصدق أن الليل يوجه سؤالا من ذلك النوع أم أن “عيون القلب سهرانة مبتنامشي”؟

مَن ينتظر السؤال لا يملك جوابا. ولكن السؤال ينطوي أحيانا على نوع مرير من اللوم والعتاب، ففي زمن كان المحبون فيه يملكون وقتا لمسايرة غنج التمنع، قال محمد عبدالمطلب “اسأل مرة عليا/ قلي قساوتك ليه/ أنا أفديك بعنيا/ وأكثر منهم إيه/ اسأل مرة عليا/ عليا مرة اسأل”.

في انتظار سؤال المحبوب الذي هو في حقيقته تعبير موارب عن الاشتياق، فإن فاضل عواد لا يملك سوى أن يؤكد أنه يمكن أن يبقى سجين سؤال هو أشبه بالحيرة التي ليس لها نهاية وهو يقول “عليك اسأل عليك اسأل/ عليك اسأل من الرايح ومن الجاي/ وأحن ليك أحن ليك/ مثل راعي ويحن للناي”.

يضفي عواد على سؤاله طابعا رعويا، إما أن يصل ذلك السؤال أو أن لا يصل.

في الحالين فإن السؤال يظل عالقا في هواء المراعي، هناك يمكن أن ينصت المرء إلى صوت فيروز وهو ينساب عذبا “إبقى ميل إبقى أسأل/ مثل الأول ظل أسال/ الله لا يشغلك بال/ وديلي منك مرسال/ أسأل أسأل”.

ولكن العشاق لا يلتقون إلا على مائدة تتقافز في فضائها الأسئلة والأجوبة وهو ما ذهبت إليه أم كلثوم بقولها “بسؤال عن الهوى وجواب وحديث يدور في شفتينا”.

18