زيلينسكي يقيل "الخونة" المحيطين به للتغطية على الفشل في إدارة الحرب

قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توقيف مسؤولين كبارا بسبب “خيانات” في محيطه أثار تساؤلات حول تماسك الموقف الداخلي لأوكرانيا وقدرتها على الاستمرار في الحرب، في وقت يعلن فيه الأوروبيون عن استمرار الدعم ولكن بشكل محدود.
كييف- أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الأحد إقالة المدعية العامة ورئيس أجهزة الأمن في البلاد بسبب كثير من الشكوك بوجود حالات خيانة عدة ارتكبها مسؤولون محليون لصالح الروس، ما يكشف عن مساع من زيلينسكي للتغطية على الفشل بالبحث عن “أكباش فداء” وإقناع الأوكرانيين بأنه مستمر بحرب لا توحي مؤشراتها بأن هناك حلا في الأفق.
يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الاستمرار في الدعم بالحد الأدنى لأوكرانيا مع التحذير من استمرار الحرب على اقتصادات دوله.
وقال زيلينسكي في خطابه اليومي الموجه إلى الأمة “اتخذت قرارا بإعفاء المدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا ورئيس أجهزة الأمن إيفان باكانوف”.

◙ زيلينسكي أقال أيضا رئيس أجهزة الأمن إيفان باكانوف
وأشار إلى أن السلطات الأوكرانية تحقق حاليا في أكثر من 650 حالة خيانة مشتبه بها ارتكبها مسؤولون محليون، بينها ستون حالة في المناطق التي تحتلها القوات الروسية وتلك الموالية لموسكو.
ويرى مراقبون أن تضخيم قضية الخيانة، وتوقيف أسماء بارزة في محيط الرئيس يظهران أن الأمر يدخل في سياق الاستثمار السياسي من الرئيس لتبرئة نفسه من المسار السلبي الذي تتخذه الحرب خاصة أنه رفع في بدايتها شعارات كبيرة أوحت وكأن النصر سهل، لكن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ وروسيا تتقدم ميدانيا.
ولم يستبعد المراقبون أن تكون هذه الخطوة هادفة إلى امتصاص الغضب الشعبي المتزايد بسبب فشل الرئيس زيلينسكي في إدارة الحرب خاصة أنه رفع سقف الآمال عاليا. كما أنها تظهر أن الأوضاع الداخلية في محيط الرئيس غير جيدة، وأنه بات عاجزا عن إقناع قادة الحرب على الاستمرار بنفس الآليات وتحقيق مكاسب مستحيلة في ظل التفوق العسكري الروسي.
وقادت فينيديكتوفا خصوصا التحقيق حول فظائع مزعومة ارتُكِبت في بداية غزو القوات الروسية في مدينة بوتشا، إحدى ضواحي شمال غرب كييف، والتي استحالت في نظر الغرب رمزا لـ”جرائم الحرب” الروسية في أوكرانيا.
ويشكو الأوكرانيون من محدودية الدعم الذي يتلقونه من أوروبا والولايات المتحدة والاكتفاء بدعم محدود عبر إرسال أسلحة غير متكافئة مع ما يعتمده الروس في الميدان، وسهولة استهدافها وإتلافها قبل اعتمادها في الحرب. وفي المقابل يدفع الغربيون أوكرانيا إلى الاستمرار في الحرب دون مراعاة عدم تكافؤ القوى بينها وبين روسيا.
وقال قائد القوات المسلحة البريطانية الأدميرال توني راداكين في مقابلة تلفزيونية بثتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن 50 ألفا من عدد الجيش الروسي سقطوا بين قتلى وجرحى، كما خسرت قواته الآلاف من المدرعات أي “أكثر من 30 في المئة من فاعليتها في القتال البري”.
وأوضح راداكين أن غزو أوكرانيا “أسفر عن مقتل أو إصابة 50 ألف جندي روسي وتدمير قرابة 1.700 دبابة روسية، إضافة إلى نحو 4 آلاف آلية مدرعة”.

◙ الرئيس زيلينسكي فشل في إدارة الحرب بعد أن رفع سقف الآمال عاليا
وتدارك “لكن روسيا لا تزال قوة نووية” وقادرة على مواصلة حملتها العسكرية، معتبرا أن التكهنات حول مرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو إمكان تعرضه للاغتيال، مجرد “تفكير رغبوي”.
وكان بوتين حذّر في بداية يوليو من أن موسكو “لم تبدأ بعد الأمور الجدية” في أوكرانيا، والأسبوع الماضي أعطى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو التوجيهات اللازمة لزيادة “الضغط العسكري”.
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الاثنين أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتفقوا على تقديم 500 مليون يورو (504 مليون دولار) إضافية في صورة مساعدات عسكرية لأوكرانيا. وكتب ميشيل، الذي أعلن القرار عبر موقع تويتر “أوروبا تواصل العمل من أجل السلام ومن أجل الدفاع عن قيمنا”.
ويرفع القرار، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، القيمة الإجمالية للمساعدات العسكرية المرسلة إلى أوكرانيا إلى 2.5 مليار يورو منذ انطلاق الغزو الروسي للبلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن معاهدات الاتحاد الأوروبي تمنع التكتل من استخدام أموال ميزانيته في المشاريع العسكرية. وتأتي المساهمة الدفاعية لأوكرانيا في شكل آلية بقيمة 500 مليون يورو يتم تمويلها بشكل منفصل.
واتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي القرار خلال اجتماع في بروكسل لمناقشة حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، تشمل فرض حظر على صادرات الذهب الروسي للكتلة الأوروبية، بالاضافة إلى سبل تعزيز الإجراءات العقابية الحالية.
وتأتي المساعدات من موازنة يطلق عليها آلية السلام الأوروبية، وهى آليه تمويل منفصلة عن الموازنة الأوروبية. كما تقدم الدول الأوروبية أسلحة لأوكرانيا عبر جهود ثنائية منفصلة عن الكتلة الأوروبية.
وقبل الاجتماع، أبرز وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس أهمية إمدادات الأسلحة لأوكرانيا. وأضاف “هذا ما ساعد الأوكرانيين في وقف الهجوم على أراضيهم”، موضحا أن المساعدات العسكرية تعد الحل الأكثر ترجيحا لفتح موانئ أوكرانيا لاستئناف شحنات الحبوب.
تضخيم قضية الخيانة يظهر أن الأمر يدخل في سياق الاستثمار السياسي من الرئيس لتبرئة نفسه من المسار السلبي للحرب
ويشار إلى أن الحرب في أوكرانيا والتنقيب في موانئها منعا تصدير ملايين الأطنان من الحبوب من واحدة من أكبر المصدرين في العالم. وتواجه دول في الشرق الأوسط وأفريقيا نقصا حادا نتيجة لذلك. وتنفي روسيا أنها تمنع تصدير الحبوب. ويجري ممثلو الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا وتركيا مباحثات في إسطنبول حول كيفية تسهيل تصدير الحبوب.
وقال وزراء الخارجية الاثنين إنه لا يجب أن يكون هناك أي شك بشأن التزامهم تجاه العقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا، على الرغم من تزايد التوترات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا.
وقال جوزيف بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي قبل الاجتماع إن الاتحاد الأوروبي “لن يوقف دعم أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا”.