زيلينسكي المصدوم من سلبية ترامب يدعو إلى بناء جيش أوروبي قوي

ميونخ (ألمانيا)– دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت إلى بناء جيش أوروبي قائلا إن القارة لم تعد قادرة على ضمان الحماية من الولايات المتحدة ولن تحصل على احترام واشنطن إلا من خلال جيش قوي، في وقت بدا فيه الرئيس الأوكراني مصدوما من سلبية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه أوكرانيا واستعداده للبحث عن حل سريع مع روسيا لوقف الحرب دون مراعاة موقف كييف وأوروبا.
وقال زيلينسكي إن كييف لن تقبل أبدا أيّ اتفاقيات سلام يجري التوصل إليها دون علمها أو مشاركتها، وتوقع أن يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إقناع ترامب بحضور عرض الذكرى السنوية لانتصار الحرب العالمية الثانية في موسكو في التاسع من مايو “ليس كزعيم يحظى باحترام ولكن كمصدر دعم على أدائه الخاص”.
وفي خطاب حماسي أمام مؤتمر ميونخ للأمن، قال زيلينسكي إن خطاب نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس الجمعة أوضح أن العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة تتغير.
ومع اقتراب الحرب التي أشعلتها روسيا بغزوها لبلاده من دخول عامها الرابع، قال زيلينسكي “لنكن صادقين، الآن لا يمكننا استبعاد احتمال أن تقول أميركا لا لأوروبا في القضايا التي تهددها”.
ومضى يقول “لقد تحدث العديد من الزعماء عن أوروبا التي تحتاج إلى جيشها الخاص. جيش أوروبا. وأنا أعتقد حقا أن الوقت قد حان لبناء القوات المسلحة الأوروبية”.
وأوضح أن بناء جيش أوروبي، والذي سيشمل أوكرانيا، ضروري حتى “يعتمد مستقبل القارة على الأوروبيين فقط، ويتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالأوروبيين في أوروبا”.
وأوضح مسؤولون في إدارة ترامب في الأيام الأخيرة أنهم يتوقعون من الحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي أن يتحملوا المسؤولية الأساسية عن دفاعهم لأن الولايات المتحدة لديها الآن أولويات أخرى، مثل أمن الحدود ومواجهة الصين.
وصدم ترامب حلفاءه الأوروبيين عندما اتصل ببوتين هذا الأسبوع دون استشارتهم مسبقا وأعلن عن بدء محادثات السلام في أوكرانيا على الفور.
وقال زيلينسكي خلال كلمته في المؤتمر إنه يعتقد أنه سيكون أمرا “خطيرا” إذا التقى ترامب ببوتين قبل أن يلتقي هو وترامب. كما حذر الزعماء الأوروبيين من أن بلدانهم قد تكون التالية في مواجهة هجوم روسي.
وقال “إذا انتهت هذه الحرب بطريقة خاطئة، فسيكون لدى (بوتين) فائض من الجنود الذين تمرّسوا على المعارك ولا يعرفون شيئا سوى القتل والنهب،” مشيرا إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن روسيا سترسل قوات إلى روسيا البيضاء هذا الصيف.
وتتعاون الدول الأوروبية عسكريا في المقام الأول ضمن حلف شمال الأطلسي، لكن حكومات القارة ترفض منذ سنوات دعوات مختلفة لبناء جيش أوروبي موحد قائلة إن الدفاع مسألة سيادة وطنية.
وأدلى المسؤولون الأميركيون بتصريحات متضاربة بشأن إستراتيجية واشنطن بعد أن استبعد وزير الدفاع بيت هيغسيث انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو استعادة كل أراضيها المحتلة.
وأثارت تصريحات هيغسيث ومن قبلها تصريحات ترامب مخاوف كبرى في كييف وأوروبا من أن تُرغَم أوكرانيا على إبرام اتفاق سيء يترك القارة في مواجهة روسيا.
لكن جاي دي فانس قال لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن ترامب سيضع كل شيء “على طاولة” المحادثات المحتملة، وإن واشنطن قد تستخدم حتى “النفوذ العسكري” ضد روسيا لإجبارها على التوصل إلى اتفاق.
ولم يكشف نائب الرئيس الأميركي عن المزيد في خطابه في مؤتمر ميونخ للأمن، إذ تجنب التطرق إلى الحرب في أوكرانيا وركز بدلا من ذلك على انتقاد أوروبا بشأن الهجرة وحرية التعبير.
غير أن زيلينسكي حاول التقليل من المخاوف خلال المؤتمر، وقال مازحا إن الرئيس الأميركي أعطاه رقمه الشخصي عندما تحدثا هاتفيا. وأضاف الرئيس الأوكراني متحدثا عن ترامب “إذا اختار جانبنا، وإذا لم يلتزم موقفا وسطا، أعتقد أنه سيضغط وسيدفع بوتين إلى وقف الحرب”.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه أكّد لزيلينسكي الجمعة أن “الأوكرانيين هم الوحيدون القادرون على قيادة المناقشات من أجل سلام قوي ودائم” مع روسيا. وكتب على منصة إكس بعد التحدث هاتفيا مع الرئيس الأوكراني “سنساعدهم في ذلك،” في إشارة إلى الأوكرانيين. وأضاف ماكرون أنه إذا كان ترامب “يستطيع حقا إقناع الرئيس بوتين بوقف العدوان على أوكرانيا، فهذا خبر ممتاز”.
وشكر زيلينسكي نظيره الفرنسي مواصلة الدفاع عن مبدأ “لا شيء حول أوكرانيا من دون أوكرانيا”. وأضاف زيلينسكي “ناقشنا الكثير من القضايا المهمة، بما في ذلك الضمانات الأمنية ومقترحات محددة من جانب فرنسا،” دون أن يخوض في التفاصيل.
وفي محاولة للحفاظ على التقارب مع واشنطن، عقدت كييف محادثات مع الجانب الأميركي بشأن حق الوصول إلى ثرواتها المعدنية النادرة في مقابل الدعم الأمني مستقبَلا. وطالب الحلفاء الأوروبيون الذين يُعَدّون إلى جانب واشنطن أقوى الداعمين لأوكرانيا، بإشراكهم في المفاوضات التي من شأنها أن تؤثر في أمن قارتهم.
وحذّرت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين من أن إجبار أوكرانيا على اتفاق سيء من شأنه أن يضر أيضا بالمصالح الأميركية. وقالت “أعتقد أنه من خلال العمل معا، يمكننا تحقيق السلام العادل والدائم”. وفيما تراقب أوروبا بقلق موقف الولايات المتحدة من أوكرانيا، فإنه لا يوجد غموض حول تصميم ترامب على دفع أوروبا إلى تعزيز إنفاقها الدفاعي.
وقد تبددت المخاوف بشأن إمكانية إعلان فانس عن خفض كبير لعديد القوات الأميركية في أوروبا، لكنه كرّر التحذيرات من أن واشنطن في حاجة إلى التركيز بشكل أكبر على أجزاء أخرى من العالم.