زيارة ولي العهد السعودي: ماذا تريد القاهرة من الرياض وماذا ستقدم

 قمة مجلس التعاون الخليجي المنتظرة ستكون فاصلة في موقفي القاهرة والرياض من القضايا التي سيطرحها الرئيس الأميركي.
الاثنين 2022/06/20
محاولة لإعادة صياغة منظومة العلاقات مع واشنطن

القاهرة- يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصر الاثنين ضمن جولة في المنطقة، تشمل أيضا الأردن وتركيا.

ويلتقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالأمير محمد بن سلمان لبحث العديد من القضايا، من بينها تأثير الحرب في أوكرانيا على المنطقة والاستعدادات لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لعقد قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.

رخا أحمد حسن: الرغبة المصرية في تحويل العوائد السعودية إلى استثمارات رغبة مشروعة، لكنها بحاجة إلى المزيد من دراسات الجدوى التي تقنع الرياض

وتبدو العلاقة بين مصر والسعودية مقبلة على تحولات تخرجها من نطاق فرض عليها تعاونا وتنسيقا حذرين في مناقشة بعض القضايا الإقليمية، على عكس ما يحدث في الشق الثنائي الذي حافظ على قدر من الدفء مكّن من تجاوز مطبات أزمتي اليمن وسوريا واستيعاب حقيقة الموقف المصري من إيران.

ومن المتوقع أن تكون القمة -التي من المنتظر عقدها في منتصف يوليو المقبل بالرياض- فاصلة في موقفي القاهرة والرياض من القضايا التي سيطرحها بايدن الذي سيلتقي في هذه القمة لأول مرة بكل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وجاءت إشارات بايدن متضاربة حيال الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان؛ ففي الوقت الذي يثمن فيه الأهمية التي تنطوي عليها العلاقات مع بلديهما لا يتردد في الإيحاء بأنه لم يغير موقفه من الحريات وحقوق الإنسان في كل من مصر والسعودية.

وقالت مصادر عربية إن لقاء ولي العهد السعودي بالسيسي يستهدف دخول قمة الرياض بأجندة مشتركة لتقوية موقفيهما، وعدم السماح لبايدن بإملاء شروطه في إطار تحديد شكل العلاقة مع روسيا، وطريقة التعامل مع تداعيات الأزمة الأوكرانية، أو ما تعلق بالحديث عن أن هناك نمطا جديدا للتعاون الإقليمي يضم إسرائيل.

 وأشارت المصادر ذاتها لـ”العرب” إلى وجود توافق كبير بين القيادتين في الملفين، لأن كليهما يريد أن يستثمر الأجواء الراهنة لإعادة صياغة منظومة العلاقات مع واشنطن، والتي بدت مرتبكة في الفترة الماضية ومثلت ضغطا كبيرا عليهما في لحظات معينة.

وبحسب المصادر لا يريد الرئيس السيسي أو الأمير محمد بن سلمان أن تظل هذه الضغوط على حالها في المستقبل، ما يستوجب تصويب البوصلة وتحديد المسموح والممنوع في الوقت الذي يسعي فيه بايدن إلى ضبط الدفة على المسرح الدولي لصالحه.

ويؤكد تنسيق المواقف بين مصر والدول العربية عدم استعداد القاهرة للاستجابة لما يريده بايدن في قمة الرياض؛ إذ عقد السيسي قمة في شرم الشيخ الاثنين مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، لهذا الغرض.

ورغم أن هناك مساحة متزايدة للتوافق بين القاهرة والرياض على الصعيد الإقليمي فإن الأولى تحاول منحها دفعة كبيرة على المستوى الثنائي من خلال التطلع إلى الحصول على المزيد من الدعم الاقتصادي لمواجهة التحديات التي تفاقمت إثر الروافد التي أفرزتها الأزمة الأوكرانية.

◙ لقاء ولي العهد السعودي بالسيسي يستهدف دخول قمة الرياض بأجندة مشتركة لتقوية موقفيهما وعدم السماح لبايدن بإملاء شروطه

وأودعت السعودية خمسة مليارات دولار في البنك المركزي المصري في نهاية مارس الماضي عقب قيام مستثمري المحافظ بسحب الأموال من القاهرة وحدوث ارتفاع في أسعار السلع الأساسية بعد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.

وقدمت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة -ومقرها السعودية- تمويلا جديدا لمصر لشراء واردات السلع.

وأكدت الحكومة المصرية أن التعاون مع صندوق الثروة السيادي السعودي سيؤدي إلى استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار.

وقال الرئيس السيسي قبل أيام، ردًا على سؤال عن الدعم المقدم من السعودية والإمارات، إن “هذه فرصة لأقدم الشكر لهما فهما تحركا معًا من غير أن نطلب ذلك”، داعيا الدول العربية التي لديها ودائع في مصر لتحويلها إلى استثمارات، في إشارة إلى تصويب السياسات الاقتصادية وانتفاء حالة اللايقين في السوق.

وأوضح مدير مركز “رع” للدراسات الاستراتيجية في القاهرة أبوالفضل الإسناوي أن زيارة ولي العهد تتعلق بدعم التوجهات الاقتصادية المشتركة في ظل إدراك أن التقارب الذي أفرزته الأزمة الأوكرانية بحاجة إلى ركائز اقتصادية تساعد على تقويته.

وأضاف لـ”العرب” أن “استجابة دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، لتحويل الودائع إلى استثمارات أمامها فرصة كبيرة مع الإدراك الإيجابي لطبيعة السوق المصرية وقيمة الاستثمارات فيها”، مرجحا أن يتم تدشين استثمارات صناعية جديدة قريبا.

أبوالفضل الإسناوي: زيارة ولي العهد تتعلق بدعم التوجهات الاقتصادية المشتركة

وإذا كانت القاهرة تريد زيادة حصة الدعم الاقتصادي السعودي على غرار الفترة التي تلقت فيها دعما سخيا عقب سقوط نظام جماعة الإخوان، فإن هذه الفترة يصعب تكرارها، لأن ما قدمته مصر إلى السعودية بدا أقل مما كانت تطمح إليه في الملفين السياسي والأمني.

وأكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن الرغبة المصرية في تحويل العوائد السعودية إلى استثمارات رغبة مشروعة، لكنها بحاجة إلى المزيد من دراسات الجدوى التي تقنع الرياض وغيرها من دول الخليج بجدواها الاقتصادية، كما هي بحاجة إلى الإجابة عن التساؤل المتعلق بما إذا كانت للحكومة المصرية اليد العليا في تلك المشروعات من عدمها، وبالمزيد من التعريف بوثائق صناديق الاستثمار.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن جذب الاستثمارات السعودية هو مهمة المستثمرين المصريين وليس الحكومة، وإذا كان هناك ارتياح لدى رجال الأعمال فذلك سيقود مباشرة إلى جذب الاستثمارات الخارجية عموما.

واستخدمت مصر لهجة تحذيرية عبر أذرعها الإعلامية القريبة من السعودية، حيث نشر الكاتب عمادالدين أديب مقالا مؤخرا نبه فيه إلى مخاطر معاناة مصر اقتصاديا على دول الخليج وإمكانية حدوث هجرة واسعة عبر البحر الأحمر.

وحظي المقال باهتمام من قناة “إم بي سي مصر” السعودية من خلال تلاوة مقدم برنامج “الحكاية” المصري عمرو أديب للمقال كاملا على شاشتها لتعزيز الرسائل الاقتصادية والسياسية التي تضمنها.

1