زيارة ولي العهد الأردني إلى مصر تمهد لدور سياسي أكبر للأمير الشاب

تمهد زيارة ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله إلى القاهرة لدور سياسي أكبر للأمير الشاب الذي كثف تحركاته الإقليمية والدولية مؤخرا، ما اعتبره محللون تمهيدا لتوزيع الأدوار السياسية بينه وبين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
عمان- فتحت قيادة ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله لزيارة رسمية خلال الأيام الماضية إلى مصر، بخلاف ما هو معتاد من مرافقته لوالده الملك عبدالله الثاني، نقاشا بشأن دور سياسي مرتقب للأمير الشاب.
ويرى محللون الخطوة بمثابة دفع من العاهل الأردني لولي عهده، لتحضيره نحو ملفات كبيرة، وتوزيع للمهام السياسية في ما بينهما.
والابن الأكبر للملك عبدالله الثاني (27 عاما)، هو ولي عهد الأردن منذ يوليو 2009، واقتصرت جولاته الخارجية خلال الأعوام الماضية على تسجيل اسمه بين الحاضرين للقاءات الملك، إلا أن الحرص على وجوده كان يدلل على أن الأمير الشاب في مرحلة التحضير للقيام بدور أكبر.

فايز الفايز: ولي العهد يستعد لقيادة مساحة واسعة في الحكم
وكانت مصر بوابة الأمير لأول زيارة خارجية بقيادته، إذ استمرت ثلاثة أيام وتضمنت لقاءات مختلفة، استهلها بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي بحسب مراقبين، مقدمة لزيارات أخرى مماثلة، سيجريها ولي العهد عما قريب.
وبدت الأزمات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، على رأس القضايا التي بحثها الأمير مع السيسي، بما يؤكد أن ولي العهد ملتزم بثوابت والده الملك تجاه أمور مفصلية، ويبعث من خلالها رسالة بأنها أمور لا يمكن العبث بها أو التعدي عليها أو التنازل عنها.
وقال الكاتب والمحلل السياسي فايز الفايز إن الأمير الحسين “بات محط أنظار المراقبين اليوم، وبدأ منذ ما يقارب العامين حراكا قريبا من مطبخ القرار”.
واعتبر الفايز أن ولي العهد “قاد عملية توفير المطاعيم (لقاحات كورونا) من خلال علاقاته الشخصية مع مسؤولين نافذين في الإدارة الأميركية، ورؤساء الشركات الطبية هناك، ما وفر الملايين من الجرعات”.
وأضاف أن “زيارة الأمير رفيقا للملك عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة ربيع هذا العام، تعد من أهم الزيارات التي استقبلتها واشنطن، ولأول مرة يخرق ساكن البيت الأبيض الرئيس جو بايدن البرتوكول، مصرا على حضور الأمير الحسين اجتماعه المطول مع الملك”.
واستدرك “وقد بدت علامات الود والثقة بشخصية الأمير بادية على كلمات بايدن وتعبيراته، ومن هناك علينا أن نقرأ مستقبل الأمير سياسيا لخوض معترك السياسة، والقيادة المؤقتة لمساحة واسعة في الحكم الذي يعتمد على الملك”.
ويشير متابعون للشأن الأردني إلى أنه بات واضحا أن الملك عبدالله الثاني قد رأى في الأمير الشاب النضوج الذي يؤهله للنيابة عنه، ومع ذلك سيكون تحت عينه وبصره، فدهاليز السياسة والعلاقات الدولية المعقدة تشكل حواجزا متأرجحة لا تلتزم بالكلمة قدر التزامها بمصالحها الخاصة.

بدر الماضي: هناك تمش لتوزيع الأدوار السياسية بين الملك وولي العهد
وتؤشر زيارة الأمير الحسين إلى كبرى الدول العربية (مصر)، واستقباله من قبل الرئيس السيسي، والمحادثات بينهما، وزياراته إلى مشيخة الأزهر ولقاء علمائها، والكنيسة القبطية، وقبل ذلك مثّل الأردن في قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي عقدت في السعودية، على سرعة نشاطه على مختلف الصعد.
ويعطي ترؤس الأمير الحسين جانبا من جلسات مجلس الوزراء الأردني، الصورة القريبة لإيكاله بالمهمات العليا للدولة الأردنية، وبأنه بات متدرجا نحو صعود سلم القيادة، مشاركة مع الملك الذي أمضى اثني وعشرين عاما من انخراطه في كل المواقف الدولية والعربية والمحلية.
وطرحت تحركات الأمير الشاب سؤالا جوهريا وهو: هل سيتم التغيير في الأردن لصالح ولاية العهد؟
ومجيبا عن التساؤل، قال الفايز “بتقديري أن كل ما يقال أو يتنبأ به البعض من المراقبين، لا يمكن توقعه في المرحلة الحالية على أقل تقدير، فلا يزال الإقليم ملتهبا، ولا يزال الملك عبدالله لاعبا رئيسا على المستوى الدولي”.
وأردف “الملك ملم بقضايا الصراع المزعج خارجيا وداخليا، والاشتباك العربي – العربي، والتحديات مع الجانب الإسرائيلي الذي لا يخضع لأي معايير سياسية لغير صالحه، وهذا ما يؤكد أنه لا تزال الحاجة إلى الملك عبدالله الثاني باقية في ظل كل التحديات التي تواجه الأردن”.
ووصف بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، زيارة الأمير الحسين إلى مصر بالمهمة، لأن القاهرة “بوابة مهمة جدا للولوج إلى سياسات عربية وإقليمية ودولية”.
لكن الماضي شدد على أن الدلالة الأهم للزيارة هي “دفع الملك وبقوة، لتحضير ولي العهد لملفات كبيرة جدا يرتبط بها الأردن، مما يتيح لنوع من توزيع الأدوار السياسية بين الملك وولي العهد”.
الأزمات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بدت على رأس القضايا التي بحثها الأمير مع السيسي، بما يؤكد أن ولي العهد ملتزم بثوابت والده الملك تجاه أمور مفصلية
ولفت جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الهاشمية (حكومية)، إلى أن زيارة الأمير الحسين تعتبر “بداية دور سياسي قادم للأمير، ليس فقط على المستوى الوطني، بل وأيضا على المستوى الدولي”.
وأضاف “على الرغم من أن هذه الزيارة تعد الرسمية الأولى للأمير وحده، إلا أنها ليست الوحيدة في الزيارات الرسمية التي كانت بصحبة والده الملك عبدالله الثاني، كزيارته إلى الولايات المتحدة ولقائه بايدن كأول زعيم عربي في التاسع عشر من يوليو الماضي”.
وتمثل بداية ممارسة العمل السياسي المباشر للأمير من القاهرة، دلالة أولا على أن قطار المشاركات الدولية له قد انطلق، ومن المتوقع أن تكون له الكثير من الزيارات الخارجية الرسمية على المستويين العربي والدولي.