زيارة ميلوني تمهد لتحويل إيطاليا إلى مركز لتوريد الغاز الجزائري نحو أوروبا

"إيني" و"سوناطراك" تشرعان في وضع البنى الفنية والتحتية للمشروع.
الثلاثاء 2023/01/24
الغاز مفتاح التقارب

الجزائر - مهدت نتائج الزيارة التي أدتها رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الجزائر، الطريق لأن تصبح بلادها مركزا لتوريد الغاز الجزائري نحو أوروبا في المدى القريب، عبر تعزيز التعاون الفني والتكنولوجي بين عملاقي الطاقة في البلدين “سوناطراك” و”إيني”، الأمر الذي سيسمح لروما بالتحول إلى قطب طاقي في أوروبا، لتفتك بذلك الحصرية من إسبانيا التي كانت المرشح الأول للمشروع، قبل أن تنسف الأزمة القائمة بينها وبين الجزائر المخطط من أساسه.

وبددت ميلوني بزيارتها للجزائر المخاوف التي اعترت خط الجزائر – روما، بسبب الخلفية السياسية اليمينية المتطرفة للحكومة الجديدة، وواصلت على منوال سلفها اليساري ماريو دراغي، بتعزيز التعاون القائم بين البلدين، خاصة بعد الزيارات المتبادلة بين الرئيسين والوفود الحكومية منذ العام 2021، وذلك بإبرام المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون.

وصرحت ميلوني، للصحافيين في أعقاب زيارتها للجزائر التي دامت يومين، بأن بلادها “تنوي أن تحقق مع الجزائر شراكة تسمح للبلدين بأن يغذيا آفاقهما للمستقبل، والإسهام في تحقيق الاستقرار بمنطقة البحر المتوسط”.

وأضافت “هناك هدف زيادة صادرات الطاقة من الجزائر إلى إيطاليا، وبالتالي من الجزائر إلى أوروبا، من خلال دراسة إمكانية نقل الغاز الموجود وتحقيق أنبوب غاز جديد يسمح أيضا بنقل الهيدروجين وخط الكهرباء تحت سطح البحر، وأيضا الغاز المسال”.

وهو ما أكده الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في نفس المؤتمر الصحفي المشترك، بالقول “التبادل التجاري بين البلدين حقق نقلة نوعية، حيث بلغ حجمه 16 مليار دولار في العام 2022، بعدما كان 8 مليارات دولار فقط عام 2021. وأن الجزائر تسعى لأن تصبح إيطاليا مركزا متوسطيا وأوروبيا للغاز الجزائري”.

تدفق الغاز سيصل إلى 28 مليار متر مكعب بحلول العام القادم، مسجلا بذلك ارتفاعا يقدر بـ7 مليارات مقارنة بالعام 2021

وذكرت شركة “إيني” الإيطالية أنها وقعت مع شركة “سوناطراك” الجزائرية اتفاقين حول مشروعات مستقبلية تتعلق بإمدادات الطاقة ونقلها وإزالة الكربون، وبموجب الاتفاقيات، ستحدد ‘إيني’ و’سوناطراك’ المشروعات الهادفة إلى نقل الطاقة وستدرسان التدابير المحتملة لتحسين قدرة الجزائر على تصدير الطاقة إلى أوروبا، وهو ما يوحي إلى أن البلدين شرعا في إعداد المنظومة الفنية والتحتية من أجل تجسيد مشروع تحويل إيطاليا إلى مركز لتوريد الغاز الجزائري إلى أوروبا.

ولفتت الشركة إلى أن الطرفين وقعا اتفاقيات إستراتيجية لتسريع خفض الانبعاثات ودعم أمن الطاقة، فضلا عن إجراء دراسات لتحديد الإجراءات الممكنة لتحسين قدرة الجزائر على تصدير الطاقة إلى أوروبا.

وينتظر أن يصل تدفق الغاز الجزائري لإيطاليا إلى سقف 28 مليار متر مكعب بحلول العام القادم، مسجلا بذلك ارتفاعا يقدر بسبعة مليارات مقارنة بالعام 2021، ومرشح لأن يناهز سقف الـ30 مليارا في العام 2025.

وقال الرئيس التنفيذي لإيني كلاوديو ديسكالتسي “نقوم سنويا بتحديث الكميات المتفق عليها، والتي تم احترامها بالكامل من طرف الجزائر.. تم إمدادنا بـ3 مليارات متر مكعب إضافية في 2022 إضافة  إلى 3 أخرى في 2023 والمزيد مستقبلا”.

وأضاف “إمدادات الجزائر كانت قبل قرابة سنتين فقط، في حدود 21 مليار متر مكعب، وستصل الكميات إلى 28 مليار متر مكعب في 2024.. سنتخطى هذه الكميات في 2025”.

وقالت رئيسة الحكومة الإيطالية “الجزائر شريك موثوق ومهم من الناحية الإستراتيجية. زيارتي تأتي تزامنا مع الذكرى الـ20 للتوقيع على معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار، والتي وقعت في السابع والعشرين من يناير 2003 هنا في الجزائر العاصمة”.

وأضافت “لقد أردنا الاحتفال بهذه المناسبة الهامة بالتوقيع على إعلان مشترك، يسلط الضوء على أهمية العلاقات الممتازة الموجودة بيننا. لا نريد أن نقف عند هذا الحد. نريد أن نختبر هذه العلاقة في مجالات جديدة من أجل تعزيز هذا التعاون في المجال الطاقي والاقتصادي والثقافي والسياسي”.

وألمحت ميلوني إلى اهتمام بلادها بالاستثمار في الجزائر، والاستفادة مما وصفته بـ”بالتسهيلات المهمة في مجال الاستثمار”، وأن “الشركات الإيطالية جاهزة للاستثمار خاصة في مجال الطاقة حيث يمكن أن تصبح الجزائر رائدة على الصعيد الأفريقي والعالمي لتوريد الغاز”.

وأكدت أن “إيطاليا تعمل على التوقيع على اتفاقيات في العديد من القطاعات الهامة والأساسية للعمل عليها تماشيا مع مصالحنا من خلال البنى التحتية الرقمية ومواضيع أخرى على غرار تحديث المجال الطبي والاتصالات ومجالات كثيرة، والتعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في مجالات مشابهة”.

أما الرئيس تبون فقد تحدث عن اتفاق بين الجانبين بشأن مشروع خط أنابيب جديد يربط الجزائر بجزيرة سردينيا الإيطالية، سينقل الغاز والهيدروجين والأمونياك والطاقة الكهربائية.

ولفت إلى أنه تم التأكيد بشأن الأزمة الليبية “على ضرورة التوصل إلى حل توافقي أساسه تنظيم الانتخابات ودعم مسار المصالحة الليبية في إطار الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة، كما شددنا على وجوب التطبيق الفعلي لاتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر ودعم بعثة الأمم المتحدة هناك”.

وذكر التلفزيون الحكومي الجزائري بأن البلدين وقعا على خمس مذكرات شراكة وتعاون في عدة قطاعات اقتصادية واجتماعية، وشملت مذكرتي تعاون بين “سوناطراك” و”إيني”، تتعلق الأولى بتعزيز قدرات نقل الغاز، والثانية بالحد من انبعاث الغازات المحترقة من خلال حلول تكنولوجية.

كما وقع مجلس التجديد الجزائري (تنظيم لأرباب العمل) مذكرة تعاون وشراكة مع اتحاد الصناعة الإيطالي “كونفيندوستريا”، إلى جانب مذكرة تعاون بين وكالتي الفضاء في البلدين موجهة للأنشطة السلمية.

4