زيارة مفاجئة لوزير الخارجية العراقي إلى واشنطن تثير ريبة حلفاء طهران

بغداد- تظهر حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حرصا واضحا على الرفع من منسوب التواصل والتشاور مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وذلك سعيا لضمان استقرار العلاقة بين العراق والولايات المتحدة في هذه الفترة الحساسة التي تسبق انتخابات مفصلية في البلاد، وتجنّبا لإثارة المشاكل مع واشنطن بشأن ملفات معقدّة من بينها التزام بغداد بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران وما استتبع ذلك من عدم تجديد الإعفاء الاستثنائي الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران.
ولا تخلو عمليات التواصل تلك من عوائق تحاول وضعها قوى سياسية عراقية أحيانا من منطلق عدائها للولايات المتحدة وولائها لإيران، وأحيانا أخرى من منطلق سعيها للتشويش على السوداني وأركان حكومته بهدف تعقيد مهمته في ما بقي من مدته القانونية على رأس الحكومة والتي تنتهي بانتخاب برلمان جديد للبلاد في نوفمبر القادم.
واكتست زيارة بدأها وزير الخارجية فؤاد حسين، الخميس، إلى واشنطن بطابع المفاجأة حيث لم يتم الإعلان عنها من قبل، وهو ما احتجت عليه جهات سياسية ونيابية قالت إنّه لم يتم التنسيق معها مسبقا بشأن الزيارة.
وقال الوزير في تدوينة له على منصّة إكس “غادرنا إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث سنعقد سلسلة اجتماعات ثنائية لتعزيز العلاقات العراقية – الأميركية وتنسيق الجهود في القضايا الإقليمية والدولية”، مضيفا قوله “سنبحث سبل تعزيز الأمن المشترك والتعاون في المجالات المختلفة”.
واحتجّت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب العراقي على عدم إحاطتها علما بالزيارة والتنسيق معها بشأنها، بينما لم تستبعد مصادر سياسية عراقية أن يكون التكتم على خبر الزيارة قبل بدئها أمرا متعمّدا من قبل السوداني ودائرته المقربة بما في ذلك وزير الخارجية وذلك لتجنّب التشويش المسبق عليها بناء على معرفة مسبقة بعدم رضا عدد من الأحزاب والفصائل المسلحة المتنفذة في الدولة على رفع وتيرة التواصل مع الولايات المتّحدة.
وقالت المصادر إنّ طبيعة الملفات التي من المنتظر أن يفتحها فؤاد حسين مع أركان إدارة ترامب ومدى حيويتها بالنسبة للعراق اقتضت إحاطة الزيارة بالتكتم لتوفير أقصى ظروف النجاح لها.

مختار الموسوي: سمعنا بزيارة وزير الخارجية إلى واشنطن عبر الإعلام
وذكرت من بين تلك الملفات التعاون والتنسيق الأمنيين في مواجهة تنظيم داعش وقضية وجود القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية، وكذلك قضايا التعاون الاقتصادي والمالي بين بغداد وواشنطن، ومسألة الطاقة التي تعرض الولايات المتحدة بشأنها بدائل على العراقيين للاستغناء عن إيران في توفير موادّها.
وكثيرا ما تنظر قوى عراقية حليفة لطهران إلى جهود تطوير العلاقات بين العراق وعدد مع بلدان العالم والإقليم باعتبارها عملية خصم من رصيد علاقاته الواسعة مع إيران.
وقال مختار الموسوي النائب عن تحالف الفتح الممثل السياسي لميليشيات الحشد الشعبي وعضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية إنّ “اللجنة لا تعرف أي شيء عن زيارة وزير الخارجية إلى الولايات المتحدة”، موضّحا بالقول “نحن سمعنا بهذه الزيارة عبر وسائل الإعلام ولا نعرف ما هي الملفات التي سيبحثها هناك.”
وتوعّد الموسوي في تصريحات لوكالة بغداد اليوم الإخبارية الوزير فؤاد حسين باستدعائه إلى البرلمان “بعد عودته إلى العاصمة بغداد لمعرفة أسباب الزيارة وكذلك الملفات التي بحثها هناك”، معتبرا أن الوزير “مطالب بالتأكيد على الجدول الزمني لإخراج كافة القوات الأميركية من العراق”، واصفا الملف بـ”السيادي ويجب أن يتصدر المباحثات في واشنطن.”
وعلى خلاف موقف الموسوي اعتبر عقيل الرديني القيادي في الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية المشكّلة لحكومة السوداني أن “العراق يمتلك علاقات مختلفة مع الولايات المتحدة وهناك اتفاقية إستراتيجية بين البلدين واتفاقات متعددة، ولهذا فإن زيارة وزير الخارجية إلى واشنطن حاليا أمر طبيعي في ظل العلاقات المتواصلة بين الجانبين.”
وأضاف قوله “العراق يعمل على تقوية علاقاته الخارجية مع جميع الدول، والدبلوماسية العراقية حققت نجاحات كبيرة خاصة في إبعاد العراق والعراقيين عن شبح الحرب والصراع الدائر في المنطقة.”