زيارة متوقعة للعاهل المغربي لفرنسا تؤسس لعلاقات شراكة أوسع وأوثق

الزيارة التي من المتوقع أن تجري نهاية 2025 أو في الربع الأول من 2026 ستكون لها دلالات سياسية واقتصادية مهمة استنادا للسياق العام لتطور العلاقات بين فرنسا والمغرب.
الثلاثاء 2025/06/17
المغرب وفرنسا دشنا مرحلة جديدة في العلاقات بعد اعتراف باريس بمغربية الصحراء

باريس – من المتوقع أن يجري العاهل المغربي الملك محمد السادس زيارة رسمية لباريس نهاية 2025 أو مطلع 2026، وفق ما أكد مصدر دبلوماسي الثلاثاء، في تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، فيما ستحمل الزيارة دلالات سياسية واقتصادية مهمة استنادا إلى السياق العام للعلاقات بين البلدين ومسار تطورها بعد اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة حلا وحيدا للنزاع المفتعل حول الصحراء من قبل جبهة بوليساريو الانفصالية وحاضنتها الجزائر.

وكانت الزيارة قد تأجلت لعدة مرات في سياق علاقات هادئة بين باريس والرباط وفي سياق تهيئة الظروف الأكثر ملاءمة، بينما يستمر البلدان في بناء علاقات أوثق وأوسع وبناء شراكة استراتيجية في مختلف المجالات. ومن المتوقع أن تعطي زيارة الملك محمد السادس لباريس دفعة أقوى لتلك العلاقات.

وأكد المصدر الدبلوماسي المغربي أنه و "قبل أن تكون هناك زيارة رسمية، وهي زيارة دولة دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون جلالة ملك المغرب، ستجتمع اللجنة العليا المشتركة" التي يرأسها رئيسا حكومتي البلدين والمقررة في الخريف".

وستُعقد زيارات واجتماعات أخرى مسبقا أيضا لتقييم "تقدم الملفات" الثنائية، بحسب المصدر الذي أشار بشكل خاص إلى الاجتماع المزمع عقده في 25 يونيو في باريس "للمجموعة المشتركة حول الهجرة" وزيارة وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت المقررة في 7 يوليو.

وخلال زيارته للرباط في أبريل، تحدث وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، عن اتفاق يهدف إلى "تحسين التعاون" خاصة من خلال إنشاء مجموعة مشتركة مكلفة "بالبحث في الجنسية المغربية أو عدمها" لعدد معين من المهاجرين في وضعية غير قانونية.

وقدم ماكرون نهاية يوليو 2024 دعما قويا من فرنسا لخطة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية التي اقترحتها الرباط، منهيا سنوات من التوتر بين البلدين وممهدا الطريق لزيارة رسمية للعاهل المغربي.

وفي رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس، أكد الرئيس الفرنسي أن الخطة المغربية "تشكل الآن الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم وقابل للتفاوض وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

والصحراء الغربية المغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة "إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي" هي موضع نزاع بين المغرب وانفصاليي جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ نصف قرن.

والزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى فرنسا في نهاية عام 2025 أو مطلع عام 2026 تحمل دلالات عميقة ومتعددة، خاصة بعد فترة من التوتر والبرود في العلاقات بين البلدين.

وتأتي الزيارة بعد إشارات قوية من فرنسا بدعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، ووصفه بـ "الأساس الوحيد لحل سياسي عادل ودائم ومتفاوض بشأنه".

وستعزز هذه الزيارة الموقف الفرنسي وقد تشهد إعلانات رسمية أو اتفاقيات تدعم السيادة المغربية على الصحراء وربما فتح قنصليات أو استثمارات فرنسية ضخمة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

ويسعى البلدان إلى تعزيز التقارب السياسي والاستراتيجي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة، مثل الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب. كما سيتم العمل على تعميق وتحديث الشراكة الاقتصادية، بما يخدم التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي والاستقلالية الاستراتيجية للبلدين.

وستوفر الزيارة الملكية فرصة للتباحث وتنسيق المواقف حول قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، خاصة في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، حيث تسعى فرنسا للحفاظ على نفوذها، بينما يلعب المغرب دورا إقليميا متزايد الأهمية.

وهناك كذلك مساعٍ لحلحلة بعض الملفات العالقة في التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات الفرنسية في المغرب. وقد تتزامن الزيارة مع اتفاقيات تجارية كبرى، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والزراعة، مع الأخذ في الاعتبار أهمية المغرب كبوابة لأوروبا نحو إفريقيا.

ويتطلع المغرب إلى الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الفرنسية في مجالات حيوية، بينما تسعى فرنسا لتعزيز حضورها في سوق مغربية واعدة، خاصة مع مشاريع كبرى قادمة مثل كأس العالم 2030.

وقد تتزامن الزيارة مع الاحتفال بالذكرى السبعين لاتفاقيات "سيت سان كلو"، مما يضفي بعدا تاريخيا على العلاقات الثنائية ويؤكد عمق الروابط بين البلدين.

وتعكس الزيارة أيضا اعترافا فرنسيا متزايدا بالدور المحوري الذي يلعبه المغرب كشريك موثوق ومستقر في منطقة مضطربة وبقدرته على المساهمة في استقرار المنطقة والتصدي للتحديات المشتركة.

وبشكل عام، تدل هذه الزيارة على رغبة قوية من الجانبين في تجاوز فترة التوتر والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى جديد من الشراكة الاستراتيجية، بما يخدم مصالح البلدين في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة.