زيارة في سياق استثنائي لسلطان عمان إلى إيران

طهران - استقبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مساء الأحد سلطان عمان هيثم بن طارق الذي بدأ في وقت سابق زيارة إلى طهران تستغرق يومين، وتأتي الزيارة في سياقات إقليمية استثنائية تصب في مسار التهدئة بين الجمهورية الإسلامية والدول العربية. وأكّد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي في وقت سابق أن "هذه الزيارة التاريخية ستنعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها".
وأضاف البوسعيدي في تصريحات صحفية أن توقيت هذه الزيارة يأتي "في خضم مرحلة جديدة وإيجابية للعلاقات الإقليمية، ما يدعو دول المنطقة "إلى دعمها والتشاور والتعاون لحلّ العديد من الملفات والقضايا الحالية". وتأتي زيارة سلطان عمان بعد زهاء عام على زيارة قام بها الرئيس الإيراني إلى مسقط، تخللها توقيع عدد من اتفاقات التعاون.
ويرى متابعون أن أهمية الزيارة تتجاوز في أبعادها رد زيارة رئيسي وأن من المرجح أن تبحث الخطوات المقبلة في عدد من الملفات الإقليمية، حيث تلعب السلطنة دورا رئيسيا في عدد من الوساطات بين إيران والدول العربية، بدءا من السعودية مرورا بالبحرين وصولا إلى مصر.
وجاءت الزيارة بعد أيام قليلة على زيارة سلطان عمان إلى مصر، حيث تحدثت تقارير إعلامية عن إثارة ملف تطبيع العلاقات بين طهران والقاهرة. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن الزيارة “تشكل منعطفا في علاقات البلدين على شتى الصُعد”.
وعلى هامش زيارة السلطان هيثم، وقّعت سلطنة عُمان وإيران مساء الأحد بالمبنى الرئاسي الجمهوري بقصر سعد آباد بالعاصمة طهران، على مذكرتي تفاهم واتفاقيتي تعاون لتعزيز التنمية والاستثمار بين البلدين.
وبحسب وكالة الأنباء العمانية الرسمية، فإن مذكرتي التفاهم الموقعة بين البلدين تركزان على مجالات ترويج الاستثمار وتبادل الفرص الاستثمارية وتعزيز التنمية والاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، فيما تتعلق الاتفاقيتان بتبادل المعلومات النفطية والدراسة المشتركة لمشروع حقل هنجام - بخا.
وكان الوفد المرافق لسلطان عُمان إلى طهران قد ضم وزير المالية سُلطان بن سالم الحبسي ورئيس جهاز الاستثمار العُماني عبدالسلام بن محمد المرشدي ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد بن موسى اليوسف ووزير الطاقة والمعادن سالم بن ناصر العوفي.
وسجل التبادل التجاري بين إيران وسلطنة عُمان رقما قياسيا خلال العامين الأخيرين، حيث بلغ خلال عام 2021 مليارا و335 مليون دولار، أي بزيادة أكثر من 50 في المئة مقارنة بعام 2020. كما أن حجم المبادلات زاد خلال عام 2022 بنسبة 41 في المئة ليصل إلى مليار و800 مليون دولار. وبحسب خبراء اقتصاد، فإن البلدين يعملان على تحقيق هدف ثلاثة مليارات دولار للتجارة الثنائية السنوية في المستقبل.
ويرى مراقبون أن السلطان هيثم حريص على الارتقاء بالعلاقات مع إيران إلى مرتبة الشراكة الإستراتيجية، بالتوازي مع توجهه لتعزيز العلاقات مع المحيط الخليجي، وهو ما يساهم في تعزوز موقع السلطنة الدبلوماسي في المنطقة.
ولا يستبعد المراقبون أن تشكل زيارة السلطان هيثم إلى طهران مدخلا لعودة المفاوضات المتعثرة بين إيران والولايات المتحدة، وذلك مرتبط بما ستقدمه طهران من تنازلات.
وسبق لسلطنة عمان أن قامت بوساطة بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني لعام 2015 بين طهران وست قوى دولية كبيرة.
وانسحبت الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران. وبدأت أطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات تهدف إلى إحيائه في أبريل 2021، لكنها تعثرت اعتبارا من سبتمبر الماضي.
كما يأمل البعض في أن تؤدي زيارة السلطان هيثم إلى تفكيك بعض العقد للأزمة اليمنية، في ظل حديث عن تعثر المفاوضات بين السعودية وجماعة الحوثي الموالية لإيران، نتيجة لرفع الأخيرة سقف مطالبها.
وتقود مسقط منذ أشهر وساطة بين الحوثيين والرياض، وقد رافق وفد عماني مسؤولين سعوديين في زيارة في أبريل الماضي إلى صنعاء حيث أجروا محادثات مع قيادة الجماعة.