زيارة سلطان عمان إلى البحرين تدشن مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية

تشكل زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى البحرين نقلة نوعية في مسار التعاون بين البلدين، بما يتجاوز البعد الاقصادي إلى الأمني والسياسي، وهو ما يظهر من خلال الاتفاقيات التي جرى إبرامها خلال هذه الزيارة التي وصفتها وسائل إعلام بحرينية بـ”التاريخية”.
المنامة - اختتم سلطان عمان هيثم بن طارق الثلاثاء زيارة وصفت بـ”المثمرة” إلى البحرين، حيث تم خلالها إبرام حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، أبرزها في المجال الأمني.
وحظيت زيارة السلطان هيثم وهي الأولى له إلى المنامة منذ توليه العرش في يناير 2020، بحفاوة لافتة من قبل القيادة البحرينية، كما شكلت العنوان الرئيسي لوسائل الإعلام البحرينية التي عدت هذه الزيارة “التاريخية” مرتكزا لانطلاقة جديدة على مستوى العلاقات بين البلدين.
ولطالما كان الاستقرار السمة الأبرز للعلاقة بين مسقط والمنامة، على مدى العقود الماضية، لكن قيادي البلدين يتطلعان اليوم نحو المزيد من تعزيز الروابط والتعاون في مختلف المجالات، لاسيما في ظل التحولات الإقليمية والدولية التي تتطلب المزيد من التكاتف بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وعقد الملك حمد بن عيسي آل خليفة، والسلطان هيثم الثلاثاء لقاء مطولا في قصر الصخير بالمنامة، هو الثاني منذ بدء الزيارة. وركز اللقاء على مسار “العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، ومجالات التعاون الثنائي وسبل الارتقاء بها إلى مستويات أشمل بما يحقق أهدافهما ومصالحهما المتبادلة، ويلبي تطلعات الشعبين”.
ووفق بيان مشترك فقد أكد الجانبان على أهمية مواصلة تنمية التعاون المشترك، وعلى وجه الخصوص في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وفتح آفاق لتعزيز التعاون وتطويره بين القطاع الخاص في البلدين، وتبادل الوفود التجارية وزيادة التبادل التجاري.
وأشاد الطرفان بالجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية العُليا المشتركة لترسيخ العلاقات بين البلدين، والدور البنّاء الذي تقوم به لتنمية وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأكدا على أهمية توسيع آفاق التعاون إلى مستويات أشمل بما يخدم مصالح البلدين والشعبين.
وبحسب البيان الذي نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية فقد أعرب الجانبان عن اعتزازهما بتوقيع البلدين على عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مختلف المجالات.
وعبرا عن اهتمامهما بالعمل والتنسيق المشترك للحفاظ على الأمن الإقليمي وتعزيز التعاون المشترك لحماية حرية الملاحة والتجارة الدولية، ومكافحة الإرهاب وتمويله، ومحاربة الفكر المتعصب.
وكان سلطان عمان والعاهل البحريني قد شهدا في مستهل الزيارة مراسم توقيع 24 اتفاقا ومذكرة تفاهم بين البلدين أبرزها بالمجال الأمني.
ومن أبرز الاتفاقيات، اتفاقية تعاون تهدف إلى رفع كفاءة الأجهزة الأمنية بين البلدين، وثانية في مجال النقل البحري للتعاون في حرية الملاحة البحرية، وثالثة متعلقة بتأسيس شركة بحرينية عُمانية للاستثمار.
إضافة إلى 18 مذكرة تفاهم في المجالات التعليمية والصناعية وعلوم الفضاء، وخدمات الملاحة الجوية، والدراسات البيئية البحرية، والتعاون السياحي.
وشكلت الزيارة فرصة لقيادتي البلدين لمناقشة التحديات الإقليمية والدولية، وأكد السلطان هيثم والملك حمد بن عيسى على أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين في المنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، بما يخدم مصالحهما المتبادلة، ويعزز الجهود الرامية إلى توطيد دعائم الأمن والاستقرار الإقليمي، والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين.
24
اتفاقا ومذكرة تفاهم تم إبرامها خلال زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى المنامة
وبحث الجانبان مسيرة العمل الخليجي المشترك، والجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي لترسيخ التعاون والتكامل الخليجي المشترك، وأكدا على ضرورة العمل على تماسك مجلس التعاون وتأكيد تضامن دوله وشعوبه لمواجهة كافة التحديات الحالية، ومواصلة الجهود لتحقيق تطلعات الدول الأعضاء وشعوبها نحو المزيد من التعاضد والتكامل والعمل المشترك لتحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية.
وتطرقت قيادتا عمان والبحرين إلى الأزمة اليمنية، حيث تخوض مسقط جهودا كبيرة لتفعيل الهدنة المنتهية مطلع أكتوبر في هذا البلد، وشدد الجانبان على أهمية دعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق هدنة دائمة وشاملة، والتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، وبما يكفل أمن واستقرار اليمن ووحدته.
وأعربا عن تطلعهما إلى نتائج القمة العربية الحادية والثلاثين التي ستُعقد في الجزائر بداية شهر نوفمبر المقبل، لما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي، وتحقيق تطلعات الشعوب العربية للأمن والنماء والازدهار.
وتأتي زيارة سلطان عمان قبل انعقاد القمة العربية المرتقبة في الجزائر والمقررة يومي 1 و2 نوفمبر المقبل، دون أن يوضح الجانبان مستوى تمثيلهما رسميا بعد.
الجانبان أكدا على أهمية مواصلة تنمية التعاون المشترك، وعلى وجه الخصوص في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية
ويرى مراقبون أن زيارة السلطان هيثم إلى المنامة، تعكس حرص مسقط على توثيق العلاقات مع محيطها الخليجي، وإنهاء الانطباع السائد عن انطوائيتها، مشيرين إلى أن هذا التوجه العماني يلقى تفاعلا كبيرا من الدول الخليجية، وهو ما ترجم في حفاوة الاستقبال التي لقيها السلطان هيثم في البحرين وقبل ذلك في المملكة العربية السعودية، وقطر.
وكان الملك حمد بن عيسى، في مقدمة المستقبلين والمرحبين بالسلطان هيثم لدى وصوله الاثنين إلى مطار قاعدة “الصخير” الجوية.
وأظهر مقطع فيديو تداولته وسائل الإعلام في البلدين، فرسانا يرتدون بدلات عسكرية حمراء اللون فوق خيولهم، وهم يرفعون أعلام البلدين ترحيبا بزيارة سلطان عمان.
فيما أظهر فيديو آخر السيارة التي تقلّ السلطان هيثم، وهي تسير ببطء وسط عشرات الفرسان، إلى أن استقبلها راكبو دراجات نارية، وعقب ذلك قدّم عددٌ من الطلبة التحيّة للضيف.
وانتقل الزعيمان بعدها إلى منصة الشرف، حيث عُزف السلام السُّلطاني العُماني والسلام الملكي البحريني، فيما أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة.