زيارة رئيس زنجبار إلى عُمان تستهدف خلق ديناميكية في العلاقات الثنائية

تشكل زيارة رئيس زنجبار حسين علي مويني إلى مسقط أهمية استثنائية بالنظر إلى الروابط التاريخية التي تجمع البلدين، وسط ترجيحات بأن تشهد هذه الزيارة إبرام عدد من مذكرات التفاهم في العديد من المجالات.
مسقط - يبدأ رئيس زنجبار حسين علي مويني الثلاثاء زيارة رسمية إلى سلطنة عُمان تستغرق عدة أيام، ويتطلع من خلالها الجانبان إلى بدء صفحة جديدة قائمة على المنجز التاريخي والثقافي المشترك بينهما.
وهذه أول زيارة دولة لرئيس زنجباري إلى السلطنة، وجاءت تلبية لدعوة من السلطان هيثم بن طارق، وتجسيدا لحرص عماني على تجاوز صفحة حكم آل بوسعيد للأرخبيل الذي يحظى اليوم بحكم ذاتي ضمن دولة تنزانيا، ورغبة في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى المستوى المنشود.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية بيانا لديوان البلاط السلطاني أعلن فيه أن الزيارة ستبحث وتناقش “أوجه التعاون القائمة بين البلدين، والسبل الكفيلة لتقويتها تحقيقًا للغايات المنشودة وتطلعات الشعبين”.
وذكر البيان أن زيارة رئيس زنجبار تستهدف “توطيد العلاقات العريقة، والروابط التاريخية والثقافية الممتدة بين سلطنة عُمان وزنجبار، وتعزيزًا للتعاون القائم بينهما في عدة مجالات، ودفعًا به نحو آفاق أرحب وأشمل، خدمةً للمصالح المشتركة، ووصولًا إلى مزيد من النماء، والتطور، والازدهار”.

رضا بن جمعة آل صالح: الأرقام متواضعة مقارنة بحجم العلاقات التاريخية
وكان الرئيس علي مويني استقبل في الرابع والعشرين من يوليو الماضي محمد بن ناصر الوهيبي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية العمانية والوفد المرافق له، حيث سلّمه دعوة لزيارة سلطنة عُمان.
وترتبط زنجبار بعلاقات تاريخية مع سلطنة عمان، حيث كان هذا الأرخبيل المؤلف من مجموعة من الجزر ويطلق عليها سابقا “بر الزنج” تحت حكم الإمبراطورية العمانية منذ العام 1856 إلى حدود 1964، حينما قامت “ثورة” قادتها مجموعة من الأفارقة ضمن حركات التحرر التي شهدتها قارة أفريقيا، وأطاحت بالسلطان العماني جمشيد بن عبدالله البوسعيدي، ليتحد هذا الأرخبيل لاحقا مع تنجانيقا مكوّنا جمهورية تنجانيقا وزنجبار المتحدة والتي استبدل اسمها بعدها بستة أشهر إلى تنزانيا.
ويقول متابعون إن علاقة عُمان بزنجبار لم تنقطع يوما، وأن مسقط كانت حريصة على إبقاء الجسور قائمة مع الجانب الآخر على الرغم من بعض الندوب التي خلفتها طريقة انتهاء حكم آل بوسعيد لهذا الأرخبيل الواقع في المحيط الهندي.
وقد أبدى سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد اهتماما لافتا بتعزيز تلك العلاقات، وهو ما ترجم في زيادة نسق التبادل التجاري بينهما خلال العقد الأخير.
وتحتل عُمان المرتبة الثالثة في ترتيب الدول المستثمِرة في زنجبار بعد الولايات المتحدة وكينيا. وفي سياق مسار لتعزيز العلاقات الاقتصادية فتحت الشركة الوطنية للطيران العماني خطا مباشرا مع زنجبار في العام 2011.
كما كان الراحل السلطان قابوس حريصا على تثمين الروابط الثقافية والحضارية بين الشعبين، فكان أن رمم مبنى “بيت العجائب” أو قصر العجائب، وهو مبنى تاريخي في مدينة زنجبار القديمة، ويعتبر واحدا من ستة قصور بنيت من قبل السلطان العماني برغش بن سعيد ثاني سلاطين زنجبار.
وقد عملت مسقط على توثيق مختلف الأحداث التي تخص الوجود العماني في زنجبار في برامج وثائقية مختلفة بالإضافة إلى إعداد دراسات تاريخية للحفاظ على تاريخها.
ويقول المتابعون إن الزيارات التي أداها مسؤولون عمانيون إلى زنجبار خلال الأشهر الماضية، والدعوة التي وجهها السلطان هيثم للرئيس مويني، تعكس رغبة عمانية في البناء على ما تحقق، والذهاب باتجاه ترسيخ ديناميكية جديدة على صعيد العلاقات الثنائية.
ويتوقع المتابعون أن تشهد زيارة رئيس زنجبار التي لم يتم تحديد مدتها توقيع حزمة من مذكرات التفاهم بين الطرفين، ستشمل الجانبين الاقتصادي والثقافي.
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان رضا بن جمعة آل صالح إن البلدين يمتلكان العديد من الفرص والإمكانيات التي بدورها تعمل على تقوية وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجاري بين السلطنة وجمهورية تنزانيا بلغ أكثر من 182 مليون دولار أميركي بنهاية يونيو الماضي.
وأضاف آل صالح أن “زيارة رئيس زنجبار إلى السلطنة لها الكثير من الأهداف والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتي ستعمل هذه الزيارة بلا شك على تعزيز أوصارها وتنميتها”.
واعتبر أن الزيارة تستهدف تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين السلطنة وزنجبار ورفع معدلات التبادل التجاري، ذلك أن الأرقام متواضعة مقارنة بحجم العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وعلى الجانبين العمل بكل الطرق المتاحة نحو تحقيق هذا الهدف، حيث يناط بالقطاع الخاص من الجانبين تفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستفادة من المميزات النسبية التي يقدمها البلدان في تكوين مشاريع استثمارية مشتركة تخدم تطلعاتهما وتؤسس لعلاقات أكثر متانة ونموا.