زيارة رئيس المجلس الرئاسي تعيد الجزائر إلى الملف الليبي

توافق سياسي لعزل خطة الجنرال حفتر في الانتشار جنوبا.
الخميس 2024/10/17
الجزائر تريد أن تلعب دورا في حلّ الأزمة الليبية

حملت زيارة محمد يونس المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى الجزائر بوادر لإعادة الجزائر إلى الملف الليبي، في محاولة للمساهمة في إقناع أطراف الصراع بتجاوز حالة الانقسام السياسي وإرساء مؤسسات ليبية شرعية.

الجزائر - دفعت زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، مع التصريحات التي أدلى بها مستشار اتحاد القبائل الليبية، حول دورها وموقفها الإيجابي في أزمة بلاده بالجزائر إلى العودة الهادئة للملف الليبي، رغم التوتر الذي ساد حدود البلدين، بسبب نزول قوات المشير خليفة حفتر، إلى المنطقة المحاذية لحدودها البرية خلال الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي اعتبرته استفزازا مغرضا.

وحل رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي بالعاصمة الجزائرية في زيارة رسمية لم يتم الإعلان عنها مسبقا، لكنها تبرز حالة التوافق السائدة بينه وبين الرئيس عبدالمجيد تبون.

وتطرح الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا نفسها بقوة على نشاط رئيس المجلس الرئاسي الليبي في الجزائر، ومشاوراته مع نظيره الجزائري، الأمر الذي يسمح بعودة الجزائر إلى الملف الليبي، للمساهمة في إقناع أطراف الصراع بمقاربة البدء في مسار الانتخابات التمثيلية، لإرساء مؤسسات ليبية شرعية تقطع مع حقبة الصراعات والحسابات الضيقة.

ورغم طابع الجوار والامتدادات التاريخية والاجتماعية بين البلدين، إلا أن الحضور الجزائري في الأزمة الليبية بقي محدودا منذ سقوط نظام القائد الليبي الراحل معمر القذافي، وساهم دخول عدد من القوى الإقليمية على خط الأزمة في انكفاء الدور الجزائري، فضلا على أن اختيارها التخندق في ما تسميه بمعسكر “الشرعية” جعلها تفقد ثقة القوى المناوئة لحكومة طرابلس.

ويبدو أن رئيس المجلس الرئاسي يبحث في الجزائر عن دعم مخرجات المساعي المبذولة في عدة عواصم ومن طرف عدة أطراف لإزالة الجمود عن مسار حلحلة الأزمة الليبية، وهو ما يمكّن الجزائر من العودة إلى الملف، خاصة وأن الرئيس تبون، صرح في وقت سابق، بأن بلاده ” لن تدخر جهدا في جمع الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار ووضع خارطة طريق انتخابية، تسمح للشعب الليبي باختيار حر ونزيه لممثليه في المؤسسات الجديدة”.

ولفت الرئيس الجزائري إلى أن “الجزائر لن تعرقل أو تعيق أي جهد في سبيل حل الأزمة الليبية، وأنها ترحب بأيّ نتائج أو مخرجات تفرزها مساعي أي جهة أو عاصمة، وستبقى مفتوحة لهم متى أرادوا الاجتماع فيها لمناقشة أوضاعهم وأزمتهم". كما صرح مستشار اتحاد القبائل الليبية للشؤون الخارجية خالد الغويل، للإذاعة الحكومية الجزائرية، بأن "الجزائر تؤدي دورا محوريا وفعالا في الأزمة الليبية".

وأضاف “نحن دائما نطالب الجزائر بدور أكبر وفعال في حلحلة الأزمة الليبية لاسيما بعد المكالمة الهاتفية بين رئيس الاتحاد الأفريقي، الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والرئيس عبدالمجيد تبون حول آخر المستجدات في ليبيا والزيارة التي قادت الغزواني إلى طرابلس”.

◙ رغم طابع الجوار والامتدادات الاجتماعية بين البلدين، إلا أن الحضور الجزائري في الأزمة الليبية بقي محدودا

وشدد المتحدث على ” ضرورة تأدية الجزائر لدور أكبر لأنها مهتمة باستقرار ليبيا، وهذا ما تصبوا إليه ليبيا والشعب الليبي، فنحن نتطلع إلى عقد لقاء شامل يضم كل الفرقاء الليبيين على الأراضي الجزائرية لتحقيق السلام بين الأطراف الليبية المتنازعة”.

ولازالت الجزائر ترفض أيّ تدخل في القرار الليبي وتدعو إلى الحفاظ على السيادة الوطنية لهذا البلد الشقيق، في إشارة إلى قوى إقليمية ودول مجاورة تحاول توجيه المسار النهائي للوضع الليبي وفق مصالحها وأجنداتها، وكثيرا ما كانت محل خلاف بينها وبين مصر وقوى داعمة لما يعرف بقوى الشرق الليبي.

وفي وقت سابق دعا وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف إلى “ضرورة تسخير كل ما تملكه ليبيا من مقدرات ومقومات للإسراع بإنجاح العملية السياسية الهادفة إلى توحيد المؤسسات الليبية عن طريق انتخابات حرة وشفافة ونزيهة”.

ولا زالت الجزائر تنظر بعين الحذر والرفض لنزول الوحدات العسكرية الليبية المنضوية تحت لواء الجنرال خليفة حفتر إلى تخوم منطقة غدامس المحاذية للحدود الجزائرية، دون التقدم إلى عمقها، وتكتفي إلى حد الآن بتكثيف وحداتها العسكرية في المنطقة والرفع من درجة اليقظة تحسبا لأيّ انزلاق أمني.

ورفضت جميع محاولات إقناعها من طرف الروس بعدم استهدافها أو المساس بأمنها الإقليمي، في تحرك حفتر وتوجهه للسيطرة على منطقة غدامس المتاخمة لحدودها الجنوبية الشرقية، وأعربت لهم عن رفضها التام لأيّ تعامل إيجابي مع ما يجري في الجهة المقابلة.

غير أن هناك تباينا في مواقف القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف الليبي، ففيما تضغط موسكو والعواصم المؤيدة لها من أجل تنفيذ العملية في المنطقة المذكورة، أعرب الغرب بقيادة الولايات المتحدة رفضه التام لتحرك خليفة حفتر في خطته المذكورة.

وعلى هذا النحو وجد رجل ليبيا القوي نفسه رهين أهداف وإستراتجيات متباينة للقوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف الليبي، رغم الدعم الذي يحظى به من طرف الروس ودول الجوار، فضلا عن التوافق المسجل بينه وبين القيادات العسكرية الحاكمة في دول الساحل كالنيجر ومالي.

وكانت رئاسة أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة الليبية قد أكدت أن “تحرك وحداتها نحو الجنوب الغربي يأتي ضمن خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية وتعزيز الأمن القومي في هذه المنطقة الإستراتيجية، من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة، وأن هذا التحرك لا يستهدف أحدا”.

لكن الجزائر تراقب ما يحدث في جوارها الشرقي بريبة وقلق لاعتبارات متعلقة بأمنها الإستراتيجي، خاصة وأن خليفة حفتر سبق وأن أطلق تصريحات معادية لسيادتها وأمنها، فضلا عن كونه ذراعا لمن تصفهم بـ”القوى المعادية”.

4