زيارة رئيس الإمارات إلى الكويت تتوج تواصلا كثيفا في مرحلة توترات إقليمية

زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان إلى الكويت وعقده محادثات مع الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عكسا كثافة التواصل والتشاور بين البلدين في فترة توتّر إقليمي يبدو أنّه يشغل قيادات دول الخليج دون أن يصرفها عن جهود استكمال بناء المنظومة الخليجية وإحكام العلاقات بين مكوّناتها، حيث تعتبر الزيارة جزءا من تلك الجهود.
الكويت- احتفت الكويت، الأحد، بزيارة دولة قام بها الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى البلد واستقبله خلالها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حيث أظهرت المحادثات التي جرت بينهما قدرا كبيرا من التوافق بشأن قضايا المنطقة وأوضاعها الراهنة، وعزما مشتركا على تطوير التعاون بين بلديهما في مختلف المجالات.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إنّ الجانبين “بحثا العلاقات الأخوية ومسارات تطوير التعاون والعمل المشترك في مجالات مختلفة، بما يخدم المصالح المتبادلة”.
وأكدا “حرصهما على مواصلة البناء على العلاقات التاريخية المتجذرة التي تجمع البلدين وشعبيهما”. كما استعرضا خلال جلسة المحادثات “المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التطورات في قطاع غزة ولبنان”.
وذكرت وسائل إعلام كويتية من جهتها أنّ الأمير الشيخ مشعل الأحمد عبّر لضيفه الشيخ محمّد بن زايد عن “اعتزازه بالانسجام بين المواقف الكويتية والإماراتية على الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل أوضاع وأحداث غاية في الحساسية تشهدها المنطقة والعالم”.
وأضاف خلال جلسة المباحثات الرسمية أن مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتغيرة تتطلب التزام الجميع بالثوابت الأساسية التي تحكمها العلاقات والمواثيق الدولية وضرورة تغليب صوت الحكمة.
ووصف زيارة الرئيس الإماراتي إلى الكويت بأنّها محطة جديدة لتوثيق وترسيخ العلاقات التاريخية الوطيدة، ولتأصيل الروابط بين البلدين والشعبين سواء على المستوى الثنائي من خلال اللجنة المشتركة الكويتية – الإماراتية، وما تقوم به من تنسيق في جميع المجالات لاسيما الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري، أو من خلال البيت الخليجي الواحد ومسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتطرقت المحادثات إلى الأوضاع الإقليمية المتوتّرة حيث تمّ التأكيد على “أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والأولوية القصوى لتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، ودفع الجهود المشتركة للاستجابة للأوضاع الإنسانية التي يعيشها السكان”.
كما أكد الجانبان على “موقف الإمارات والكويت الثابت تجاه الحفاظ على وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووقوفهما مع الشعب اللبناني الشقيق في مختلف الظروف”.
ودعوا إلى “ضرورة التحرك الدولي العاجل لوقف إطلاق النار في لبنان وتوفير الحماية للمدنيين فيه”، جنبا إلى جنب “تكثيف العمل من أجل منع اتساع الصراع في منطقة الشرق الأوسط وتجنيبها تبعات أزمات جديدة تهدد أمنها واستقرارها”.
وتشهد حركة التواصل والتشاور بين الإمارات والكويت نشاطا ملحوظا حيث سبق أن زار أمير الكويت دولة الإمارات في مارس الماضي، وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك أكد على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين واستمرار دفعها إلى الأمام لما فيه الخير وتحقيق مصالحهما المشتركة.
كما قام ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، بزيارة إلى الكويت في الثامن من أكتوبر الماضي وذلك بعد نحو شهر تقريبا على الزيارة الرسمية التي قام بها وزير دفاع الكويت الشيخ فهد يوسف سعود الصباح للإمارات.
وسبق زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى الكويت صدور قرار إماراتي بالغ الأهية على صعيد تمتين العلاقات بين بلدان مجلس التعاون وتمثّل في المرسوم بقانون اتحادي الذي أصدره مؤخرا رئيس الدولة بمعاملة مواطني دول الخليج من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين معاملة مواطني الدولة في ممارسة الأنشطة الاقتصادية والمهن في الدولة، وهو ما اعتبره المختصون في شؤون الاقتصاد انعكاسا للنموذج المتقدّم الذي تقدمه الإمارات على مستوى الاقتصاد واستقطاب المستثمرين.
وعلّق صالح السلمي، رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات المالية الدولية القابضة، على القرار الإماراتي بالقول إنّ “الإمارات تُعدّ نموذجا رائدا في التنمية والتقدّم على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى جانب استمرارها في الابتكار والتطور”. بينما قال إبراهيم العوضي، رئيس اتحاد العقاريين والرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية، لوسائل إعلام محلية إن القرار سيمنح المستثمرين الخليجيين إعفاءات وتسهيلات عدة يتمتّع بها الإماراتي في الإجراءات والحقوق، موضحا أن ذلك يسهم في جذب المزيد من رؤوس الأموال إلى الدولة، ما يجعلها بيئة جاذبة استثماريا لمواطني دول مجلس التعاون.
وتمرّ الكويت في الفترة الحالية بمرحلة إصلاح دشّنها الأمير الشيخ مشعل الأحمد بحله البرلمان وتعليقه العمل بمواد في الدستور وذلك بهدف ضمان سلاسة اتّخاذ القرارات الإصلاحية وتنفيذها على أرض الواقع حتى يتمكّن البلد من مواءمة أوضاعه مع أوضاع باقي دول الخليج.