زيارة حفتر إلى موسكو خطوة في مسار تمدد روسي من المتوسط إلى الساحل

لقاء برتوكولي لافت في الكرملين يجدد حضور روسيا في ليبيا.
الاثنين 2025/05/12
قرب أكبر من أي وقت مضى

لندن- حملت زيارة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلى موسكو عدة دلالات تتجاوز بعدها الثنائي، لتلامس حسابات روسية أوسع في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.

وجاء اللقاء، الذي جمع حفتر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجرى في أجواء برتوكولية لافتة، في سياق تجديد موسكو حضورها في ليبيا، حيث تتمتع بعلاقات راسخة مع شرق ليبيا منذ سنوات، لكنها تسعى اليوم إلى تثبيت هذه العلاقات ضمن إستراتيجية إقليمية أوسع، تمتد من المتوسط وحتى العمق الأفريقي.

وبينما لم يعلن رسميا عن تفاصيل المباحثات التي جرت مع أكثر من مسؤول روسي، ترجّح مصادر أن يكون الروس قد ناقشوا مع حفتر ملفات أمنية واقتصادية، أبرزها التعاون العسكري بالإضافة إلى ملف الهجرة والحدود الصحراوية التي أصبحت أكثر ارتباطا بتهديدات منطقة الساحل.

موسكو توجه رسائل مفادها أنها لا تزال فاعلا جادا في ليبيا وطموحاتها لم تغادر المتوسط بل تتقدم نحو أفريقيا

وفي خلفية هذه التحركات، تقف موسكو أمام فرصة جيوسياسية متجدّدة. فالفراغ النسبي الذي خلّفه الانسحاب الغربي من بعض دول الساحل والانكفاء الفرنسي تحديدا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فتح الباب أمام روسيا لتعزيز نفوذها عبر أدوات مرنة مثل مجموعة فاغنر.

وينظر إلى حفتر في هذا السياق “كفاعل محلي ذي نفوذ” يمكن لروسيا من خلاله ربط سواحل المتوسط بامتدادات تؤمّن ممرا لوجستيا وسياسيا نحو الساحل، خاصة في ظل العلاقات التي تجمعه بعدد من القيادات العسكرية في تشاد والنيجر.

وتأتي زيارة حفتر في ظل تقارير عن محاولات روسية لإعادة هيكلة دورها العسكري في أفريقيا، بعد انكماش نفوذ مجموعة “فاغنر”، وتحول بعض عملياتها تحت مظلة الدولة الروسية.

وتعكس التغطية الروسية الواسعة للزيارة بما فيها نشر صور اللقاءات وتأكيد الطابع الودي والتنسيقي، رغبة موسكو في توجيه رسائل واضحة مفادها أن روسيا لا تزال فاعلا جادا في ليبيا وطموحاتها لم تغادر الشواطئ الجنوبية للمتوسط بل تتقدم بهدوء نحو العمق الأفريقي.

 وكان موقع “إنسايد أوفر” الإيطالي المقرّب من جهاز المخابرات الإيطالية قد سلّط الضوء قبل أيام على تحركات موسكو بالتنسيق مع حفتر لإنشاء قاعدة عسكرية في منطقة معطن السارة جنوبي ليبيا القريبة من الحدود مع تشاد والسودان لتصبح مركزا رئيسيا لعمليات الفيلق الأفريقي الروسي.

pp

والتقى حفتر مع بوتين في العاصمة موسكو التي وصلها مساء الخميس في زيارة التقى خلالها أيضا وزير الدفاع أندريه بيلوسوف وسكرتير مجلس الأمن سيرغي شويغو.

وأفادت الصفحة الرسمية “للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية” عبر منصة فيسبوك في منشور مساء السبت، بأن حفتر التقى الرئيس الروسي في مقر الكرملين بالعاصمة موسكو.

ومن جهته أفاد المكتب الإعلامي للرئاسة الروسية “الكرملين” في بيان الأحد، بلقاء بوتين وحفتر دون ذكر معلومات حول مضمون اللقاء. ونشر الكرملين 3 صور من اللقاء. كما التقى حفتر السبت وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف في العاصمة الروسية موسكو.

وتباحث الجانبان حول آخر التطورات الإقليمية، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري وتنسيق الجهود في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق منشور للصفحة الرسمية “للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية” عبر منصة فيسبوك، مساء السبت.

وأعرب الوزير بيلوسوف عن “تقديره لدور حفتر، ودعمه المستمر لاستقرار المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي”، وفق المنشور.

وأكد حرص بلاده على “تطوير الشراكة الإستراتيجية بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة.” بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، إن بيلوسوف وحفتر تناولا الوضع في ليبيا. وأضافت أن الجانبين ناقشا التعاون في المجال الدفاعي، حيث “أكدا رغبتهما في تعزيز التعاون بين الوحدات العسكرية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.”

وكان حفتر التقى سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، الجمعة، ومن ثم حضر العرض العسكري الذي أقيم في الساحة الحمراء بمناسبة يوم النصر على النازية الموافق لـ9 مايو.

وأوضحت “القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية” في منشور الجمعة، أنه جرى خلال اللقاء مناقشة آخر المستجدات على الساحتين الدولية والإقليمية. كما بحث الجانبان “سبل تعزيز التعاون في الملفات ذات الاهتمام المشترك، ودعم جهود إرساء الاستقرار في ليبيا وكامل المنطقة”، وفق ذات المصدر.

وأكد الجانبان على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وعلى أهمية استمرار التنسيق بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وكان حفتر وصل روسيا الخميس بناءً على دعوة رسمية من الجانب الروسي، عشية احتفالات بالذكرى الثمانين لعيد النصر على النازية التي نظمتها موسكو. وكان في استقبال حفتر نائب وزير الدفاع الروسي، الفريق أول يونس بك يفكيروف، وسط مراسم استقبال رسمية، وفق القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية.

وشارك في احتفالات عيد النصر قادة من أنحاء العالم بينهم زعيمان عربيان هما الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمصري عبدالفتاح السيسي. وشارك في الفعاليات 29 زعيما، فيما أرسلت 13 دولة قوات رمزية للمشاركة في العرض العسكري مع القوات الروسية، وفق إعلام روسي.

1