زيارة ترامب تفتح الباب لـ"مشروع مميز" في مجال الذكاء الاصطناعي بين الإمارات والولايات المتحدة

أبوظبي حليف تكنولوجي موثوق لواشنطن في الشرق الأوسط.
الجمعة 2025/05/16
حفاوة كبيرة بترامب

أبوظبي- وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشروع الذكاء الاصطناعي المشترك بين الإمارات والولايات المتحدة بأنه “سيكون مميزا،” وهو تصريح يكشف عن تحول نوعي في العلاقات الثنائية يتجاوز الملفات التقليدية نحو شراكة تكنولوجية متقدمة تتماشى مع التحولات العالمية في موازين القوى الرقمية. 

ويأتي هذا المشروع في وقت يتصاعد فيه التنافس الدولي على الريادة في الذكاء الاصطناعي وهو ما يجعله أكثر من مجرد تعاون اقتصادي أو استثماري، بل يفتح الباب لتحالف تكنولوجي جديد يعيد تموضع الإمارات كقوة رقمية عالمية، ويمنح واشنطن شريكا موثوقا في منطقة الشرق الأوسط.  

ويقول مراقبون إن تصريحات ترامب لم تكن عفوية أو برتوكولية، بل جاءت خلال لقاءات رفيعة المستوى في أبوظبي شملت توقيع صفقات تكنولوجية ضخمة وتوسيع نطاق التعاون بين شركات أميركية ضخمة على رأسها شركة إنفيديا ومايكروسوفت وشركة جي 42 الإماراتية وهو ما يعني أن التعاون لم يعد مقتصرا على توريد رقائق أو خدمات بل يمتد إلى نقل المعرفة وتوطين التكنولوجيا وربما تطوير مشترك لقدرات الذكاء الاصطناعي.  

وأعلن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الخميس خلال استقباله نظيره الأميركي في قصر الوطن بأبوظبي، أن بلاده ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة تتركز أغلبها في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي. 

ويرى المراقبون أن الإمارات تريد التأسيس لمقاربة جديدة في الشراكات الإستراتيجية لا تقف عند حد الموقف الدبلوماسي أو بناء التحالفات التقليدية، ولكن شراكات تكون أرضيتها اقتصادية متينة، وهو ما يفسر التركيز في علاقاتها مع أميركا أو مع الصين أو الهند على التكنولوجيا واقتصاد المستقبل.

ويأتي التحالف التكنولوجي بين الولايات المتحدة والإمارات في وقت يتزايد فيه الحديث عن التحالفات الرقمية بوصفها البديل الجديد للتحالفات العسكرية والاقتصادية التقليدية. 

ويضع الإماراتيون في شراكاتهم الخارجية الأولوية لمشاريع الذكاء الاصطناعي فيما تأتي الصفقات الأخرى اقتصادية أو دفاعية في مرتبة ثانية من الأهمية والإنفاق، وهو توجه مدروس ونابع من تقييم عميق لواقع الشرق الأوسط والحاجيات الضرورية لإخراجه من أزماته. 

ويفسر هذا الوعي بالتغييرات الكبرى والتفكير في المستقبل إقبال شركات التكنولوجيا على تنفيذ مشاريع إستراتيجية مع الإمارات واعتبارها وجهة ذات مصداقية وموثوقة في المجال، وهي شراكات متعددة منها ما يتم مع الولايات المتحدة، وما يتم مع الصين ومع فرنسا. 

◄ التحالف التكنولوجي بين أميركا والإمارات يأتي في وقت يتزايد فيه الحديث عن التحالفات الرقمية كبديل للتحالفات التقليدية

وقال الشيخ محمد بن زايد “هناك شراكة قوية بين الإمارات والولايات المتحدة من أجل التنمية. وأخذت هذه الشراكة دفعة نوعية وغير مسبوقة (…) خصوصا في مجالات الاقتصاد الجديد والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والصناعة.”  

وأضاف أن “ما يؤكد على ذلك مخطط الإمارات للاستثمار في الولايات المتحدة في هذه المجالات، بقيمة 1.4 تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة.” 

وأجرى الشيخ محمد بن زايد وترامب محادثة مع جينسن هوانج الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا استمرت دقائق على الأقل بأحد قصور أبوظبي، وفقا لما أظهرته لقطات تلفزيونية مباشرة. 

وبعد انتهاء المحادثة، تحدث ترامب أمام كاميرات التلفزيون قائلا إن مشروع الذكاء الاصطناعي المقبل مع الإمارات سيكون مميزا. 

وأعلنت وزارة التجارة الأميركية عن مركز إماراتي – أميركي جديد وشامل للذكاء الاصطناعي بقدرة 5 جيجاوات في أبوظبي خلال زيارة ترامب إلى الإمارات. 

ومن المتوقع أن تبرم الإمارات صفقة تمنحها قدرة أكبر على الحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من الولايات المتحدة. 

وستحقق الإمارات مكسبا كبيرا إذا أبرمت هذه الصفقة التي تتوق إليها منذ فترة طويلة والتي من المتوقع الانتهاء منها أثناء زيارة ترامب. 

وتحاول الإمارات تحقيق التوازن في علاقاتها مع الولايات المتحدة، حليفتها القديمة، والصين، أكبر شركائها التجاريين. 

وقال مصدر مطلع إن الإمارات والولايات المتحدة تضعان اللمسات الأخيرة على اتفاق إطار عمل تكنولوجي سيتطلب التزامات من الجانبين لضمان أمن التكنولوجيا. 

وسيمثل منح الإمارات قدرة أكبر على الحصول على الرقائق الأكثر تقدما التي تصنعها شركات مثل إنفيديا تحولا كبيرا.

محمد سليمان: هذا التحول يمكّن الإمارات من توطيد شراكتها التكنولوجية مع الولايات المتحدة مع الحفاظ على العلاقات التجارية مع الصين

وقال محمد سليمان الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط “هذا التحول يمكّن (الإمارات) من توطيد شراكتها التكنولوجية مع الولايات المتحدة مع الحفاظ على العلاقات التجارية مع الصين.” 

وأضاف “هذا لا يعني التخلي عن الصين، ولكن يعني إعادة ضبط إستراتيجية التكنولوجيا لتتماشى مع المعايير والبروتوكولات الأميركية في المجالات الأكثر أهمية مثل الحوسبة والحوسبة السحابية وسلاسل توريد الرقائق.” 

ويوجد القسط الأكبر من قوة حوسبة الذكاء الاصطناعي حاليا في الولايات المتحدة والصين. وإذا أبرمت جميع الصفقات المقترحة أثناء جولة ترامب هذا الأسبوع لدول الخليج، وفي الإمارات بخاصة، فقد تصبح المنطقة مركز قوة ثالثا في سباق الذكاء الاصطناعي. 

لكن الشراكات الاقتصادية لا تغطي على الحوار بين أبوظبي وواشنطن بشأن القضايا السياسية وأزمات المنطقة. 

وأكد الشيخ محمد بن زايد خلال لقائه ترامب حرص الإمارات على مواصلة العمل مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. 

ويرى المراقبون أن نجاح الإمارات في تقديم نموذج يفكر في المستقبل ويعطي الأولوية للشراكات الاقتصادية هو جزء من مقاربة عقلانية في التعاطي مع مختلف الملفات بما في ذلك ملفات المنطقة، وهي العقلانية التي تجعل موقفها مهما بالنسبة إلى الأميركيين في فهم الأزمات والتعاطي معها دون الوقوع تحت تأثير الشعارات ومفعول المعارك القديمة التي يفترض أن يتجاوزها العالم. 

وتريد الإمارات بناء حلول سياسية إقليمية تتماشى مع معادلة الأمن والاقتصاد، ولذلك فهي تدعم التفاوض كطريق وحيد لحل الخلافات سواء ما تعلق بالحرب في غزة أو السودان أو اليمن، وتعلن معارضتها للمتشددين الذين يدفعون نحو الفوضى واستمرار الحروب دون أفق. 

1