زيارة تبون إلى الصين تحسم خيارات الجزائر بعيدا عن واشنطن وباريس

الرئيس الجزائري أكد أن نتائج زيارته التي يقوم بها إلى الصين إيجابية جدا وأن الاتفاقيات التي أبرمت مع بكين ضخمة.
الجمعة 2023/07/21
رحلة الخيارات الاستراتيجية

الجزائر - ذكر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، خلال لقاء له مع الجالية الجزائرية في جمهورية الصين، بمناسبة الزيارة التي دامت خمسة أيام، أن صداقات بلاه مع الصين وروسيا وتركيا وقطر وإيطاليا والبرتغال، عززت علاقاتها مع الكبار، وهو تلميح مبطن إلى أن الجزائر حسمت خياراتها الإستراتجية والإقليمية، رغم المجازفة، نظرا لتجاهل شراكات حتمية أخرى في الغرب، كفرنسا والولايات المتحدة.

وحسم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، من العاصمة بكين الصينية التي حل بها منذ خمسة أيام، في الخيارات الإقليمية والإستراتجية لبلاده، بالتأكيد أن الصداقات التي تربطها مع الصين وروسيا وقطر والبرتغال وإيطاليا، ستضعها بين الكبار، وهو إعلان مبطن حول وجهة الجزائر الإقليمية والإستراتجية لمعسكر الشرق، على حساب الغرب الذي تربطها معه مصالح لم تثمر رغم طابعها الحتمي. 

وصرح تبون في اللقاء الذي جمعه بممثلي الجالية الوطنية المقيمة بالصين، بأن الاتفاقيات المبرمة مع الصين ستفضي إلى استثمارات تقدر بنحو 36 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في مسار الشراكات التي أبرمتها مع الخارج خلال العقود الماضية، الأمر الذي يعيد بكين إلى صدارة شركاء الجزائر، بعدما فقدتها مؤقتا خلال الأشهر الماضية لصالح إيطاليا، بسبب اتفاقيات الطاقة التي أبرمت بين البلدين ورفعت المبادلات الثنائية إلى 16 مليار دولار.

زيارة تبون إلى الصين وصفت بـ"الاستكشافية"، قياسا بالمدة التي استغرقتها والأجندة التي تضمنتها

وأكد الرئيس الجزائري أن “نتائج زيارة الدولة التي يقوم بها إلى الصين إيجابية جدا، وأن المشاريع والاتفاقيات التي أبرمت مع بكين، ضخمة وتعود بالمنفعة المتبادلة على البلدين، كما أن الزيارة فتحت آفاقا مهمة للاستثمار بين البلدين الصديقين”.

وأضاف “تم الاتفاق على تكثيف حركية الوفود الطلابية بين البلدين، كما وافقت الحكومة الصينية على تقوية الحركة السياحية نحو الجزائر، ونحن نسعى للوصول بالعلاقات الاقتصادية مع الصين إلى مستوى العلاقات السياسية التاريخية الطيبة”.

ولفت إلى أن “الإنتاج الجزائري بدأ يتطور ويلبي الحاجيات وأصبح مطلوبا في الأسواق الخارجية، وأن كل ما تم القيام به هو لفائدة الشعب، وأن الجزائر اليوم استرجعت مكانتها، لاسيما لدى الدول الكبرى والدول الصديقة، ولديها علاقات طيبة مع الصين وتركيا وروسيا وقطر، ومع دول صديقة في أوروبا كإيطاليا والبرتغال”.

وينطوي تصريح تبون على رسائل تشي بتعزيز بلاده خياراتها الإقليمية التي بدأت منذ الزيارة التي أداها إلى روسيا منذ شهر، وقبلها إلى تركيا وإيطاليا والبرتغال، ثم إلى الصين، في حين دخلت زيارته التي كانت مبرمجة إلى فرنسا منتصف شهر يونيو الماضي، في خانة الأجل غير المعلوم، بسبب الخلافات المتراكمة بين البلدين.

ونوه الرئيس الجزائري بما أسماه “الصورة الإيجابية” التي تحظى بها الجالية الجزائرية المقيمة بالصين، “خاصة وأن معظمها من النخبة والكفاءات على غرار جاليتنا المتواجدة في معظم الدول كتركيا والبرتغال وروسيا”.

وخلال انعقاد لقاء منتدى الأعمال الجزائري – الصيني، أكد تبون في الرسالة التي قرأها في المنتدى وزير الخارجية أحمد عطاف، أن “بلاده تعد وجهة استثمارية واعدة في ميادين حيوية، وهذا بفضل المزايا التي تتمتع بها”.

وقال “الجزائر تتمتع اليوم بمزايا عديدة جعلت منها وجهة استثمارية واعدة في ميادين حيوية مثل الزراعة والطاقة والصناعات الغذائية والصيدلانية، والسياحة والمواصلات وقطاع الخدمات والطاقات المتجددة والمنشآت القاعدية، وذلك بفضل القرارات والإجراءات التي باشرناها لتحرير المبادرة وفسح المجال أمام المنافسة”.

وأضاف “ستواصل الجزائر تطوير قطاع الطاقة من خلال عمليات الاستكشاف وإنتاج البترول والغاز لضمان مستويات أعلى من التحوير، كما تعمل على تثمين واستغلال قدراتها في القطاع المنجمي بتوفير مناخ استثماري محفز قائم على النجاعة والتنافسية الاقتصادية عبر تشجيع المقاولاتية واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة وإصلاح المنظومة المصرفية والمالية”.

وينهي اليوم الجمعة الرئيس تبون زيارة إلى الصين وصفت بـ”الاستكشافية”، قياسا بالمدة التي استغرقتها والأجندة التي تضمنتها، لتكوّن بذلك خيارا علنيا حول توجهات بلاده الإقليمية والإستراتجية التي اقتربت من الشرق، وابتعدت نسبيا عن شركاء تقليديين في الغرب.

وخلال جولته في مقاطعة شنزان بالجنوب الصيني، التقى الرئيس الجزائري نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بمقاطعة قواندونغ السيد منغ فان لي، وهناك أشاد كوادر الحزب الشيوعي الصيني بمستوى العلاقات التاريخية المتينة بين الجزائر والصين، إلى جانب المحادثات البناءة التي أجراها الرئيس تبون مع نظيره الصيني السيد شي جينبينغ، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وأكد تبون خلال منتدى الأعمال أن “المجال مفتوح للشراكة والاستثمار أمام رجال الأعمال الصينيين في كل القطاعات والاستفادة من التسهيلات الممنوحة للمتعاملين الاقتصاديين، وأنه لا يمكن الحديث عن العلاقات الجزائرية – الصينية دون العودة إلى عمقها التاريخي، وهي علاقات أصيلة ومعبرة عن حرصنا المشترك لبناء شراكة إستراتيجية عميقة”.

وتابع “وضعنا لبنة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين بمناسبة زيارة الدولة التي أتشرف بأدائها إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة، بدعوة من فخامة الرئيس والصديق العزيز السيد شي جينبينغ، وأن تواجدي بالصين يعكس إرادة الجزائر والصين في تعميق التعاون بينهما، وأن زيارة الدولة هذه تعد بمثابة تعبير صادق عن التزامنا بالعمل على ترقية علاقاتنا الإيجابية التي نوليها أهمية أساسية”.

4