زيارة برنار ليفي إلى ليبيا تُربك حكومة الوفاق وحلفاءها الإسلاميين

فاقمت زيارة الكاتب الفرنسي والناشط السياسي برنار هنري ليفي الانشقاقات داخل معسكر إخوان ليبيا حيث تبرأ البعض من هذه الزيارة فيما وضع وزير داخلية حكومة الوفاق في قفص الاتهام بتنسيق الزيارة. ويثير رفض الإسلاميين لهذه الزيارة تساؤلات حول دلالات ذلك حيث يشير متابعون للشأن الليبي أن ذلك يعود إلى اتهامهم فرنسا التي يحمل ليفي جنسيتها بدعم الجيش الليبي.
طرابلس – أثارت زيارة الكاتب والناشط السياسي الفرنسي برنارد هنري ليفي إلى ليبيا جدلا واسعا خاصة بعد الارتباك الذي بدا عليه موقف حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين هناك، التي تبرأت من الزيارة متوعدة بمحاسبة كل من “تواطأ في تنظيمها”.
ويعد ليفي، الذي ساهم بشكل كبير في صياغة القرار الفرنسي بالتدخل في ليبيا ضد العقيد معمر القذافي في 2011 لشبكة علاقاته التي امتدت للرئيس نيكولا ساركوزي والذي يقال إنه تلقى دعوة من ليفي للتدخل في ليبيا، يعد من عراب ثورات الربيع العربي وهو ما أثار تساؤلات بشأن تنصل حكومة الوفاق، التي يرأسها فايز السراج والتي تزعم أنها الحارس الحقيقي لثورة فبراير 2011 والديمقراطية في ليبيا، من زيارته إلى غرب البلاد.
ويشير مراقبون إلى أن تحفظات السراج وحكومته على ليفي تعود بالأساس إلى انتماءاته ولاسيما الجنسية الفرنسية التي يحملها حيث تدعم باريس جهود الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الإرهاب والميليشيات المسلحة وهو ما يثير انزعاج حكومة الوفاق المدعومة من تركيا والتي تتغذى من حالة الفوضى السائدة.
كما أن إسلاميي ليبيا عجزوا عن تقديم رواية ومبررات واضحة لسبب رفضهم للزيارة حيث أشارت وسائل إعلام موالية لهم إلى أن ليفي يحمل معه رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “يعتذر فيها عن دعمه لجهود الجيش الليبي”، بينما أبرزت وسائل إعلام أخرى من خلال تغطيتها حجم الخلافات داخل المجلس الرئاسي الذي يتصادم فيه فايز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا.
وأشارت مصادر ليبية إلى أن ليفي نسق مع الإعلامي عماد شنب وهو مستشار باشاغا قبل القدوم إلى ليبيا وهو ما يتناقض مع تصريحات حكومة الوفاق التي رفضت الزيارة.
من جانبها، قالت صحيفة لاستامبا الإيطالية السبت إن ليفي تلقى دعوة رسمية من المكتب الإعلامي لوزير الداخلية الليبي.
وقالت مصادر ليبية أخرى إن ليفي دخل مصراتة بتأشيرة صادرة عن وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، وأن طائرته حصلت على إذن بالهبوط من باشاغا.
وفي تعليقها على الحدث أعلنت حكومة الوفاق مساء السبت، أنها تحقق في “زيارة الكاتب اليهودي المثير للجدل إلى البلاد” مشيرة إلى أنها ستتخذ “إجراءات رادعة بحق كل من يدان”.
واستنكر إخوان ليبيا زيارة ليفي حيث نشر ما يُعرف بـ”المجلس الأعلى للدولة” بيانا نقلا عن رئيسه خالد المشري جاء فيه “نستغرب السماح بدخول المدعو برنارد ليفي إلى ليبيا، وأطالب الجهات المعنية بالتحقيق في سبب الزيارة والجهة الداعية لها”.
وبحسب مصادر محلية، وصل ليفي على متن طائرة خاصة السبت إلى مطار مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر غرب طرابلس.
وتضمن برنامج زيارته، والذي نشرته وسائل إعلام ليبية، لقاءات لليفي مع العديد من المسؤولين والنواب المحليين في مصراتة قبل أن يتوجه إلى مدينة ترهونة حيث تم الاحتجاج على قدومه ووقع اعتراض موكبه.
وتداول نشطاء ليبيون السبت صورا ومقاطع فيديو تظهر اعتراض موكب ليفي في مدينة ترهونة حيث قال سكان المدينة إنه طرد منها وتوجه تحت حراسة أمن الوفاق وميليشياتها إلى مدينة الخُمس.
وبعد أن أكدت ميليشيات موالية للسراج منع ليفي من دخول ترهونة، نشر الصحافي الفرنسي عبر صفحته على تويتر صورة له من داخل المدينة مع مسلحين ملثمين تابعين لقوة المهام الخاصة التابعة لداخلية الوفاق ووصفهم بأنهم “الشرطة الحقيقية وليس البلطجية الذين حاولوا منعه من الزيارة التي تمت بالفعل”. ومن جانبهم، نظم أهالي ترهونة وقفة بالمدينة ضد الزيارة، وقالوا في بيان مشترك عقب الوقفة “نرفض زيارة برنارد ليفي ونحمل المسؤولية الكاملة للجهة التي نسقت الزيارة”.
وأضاف البيان “نعتبر هذا الشخص محرضا على الفتنة بين أبناء البلد الواحد، ولهذا ندين ونستنكر بشدة محاولته زيارة ترهونة”.
تحفظات السراج وحكومته على ليفي تعود بالأساس إلى انتماءاته ولاسيما الجنسية الفرنسية
ويعتبر ليفي من أبرز الوجوه التي دفعت نحو صعود الإسلام السياسي في ليبيا إلى الحكم ومساعدتها على اختلاق الفوضى من أجل البقاء في الحكم وهو ما يثير تساؤلات جدية بشأن اعتراض ممثلي هذا التيار في الظرف الراهن على زيارته. وكان برنامج ليفي قد تضمن لقاء له مع فتحي باشاغا غير أن الأخير أدان هذه الزيارة.
وقال باشاغا في سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي على تويتر إن “حكومة الوفاق لم تدع رسميا أي شخصية صحافية لزيارة ليبيا.. وبعض الأطراف اعتادت الاصطياد في الماء العكر خدمة لمآرب سياسية معروفة”.
وأضاف “زيارة لشخصية صحافية دون دعوة رسمية من الحكومة لا تحمل أي مدلول سياسي يمثلها والرأي العام له مطلق الحرية في التعاطي والتفاعل مع أي حدث عام”.
واعتبر باشاغا أن “حرية الصحافة والإعلام واحدة من أعمدة الدولة المدنية الديمقراطية، وحق الاعتراض على أي زيارة مكفول للجميع، ولا وصاية على الرأي العام رغم استغلال بعض الأطراف للأحداث غرض تصفية حسابات سياسية ضيقة”. وأشار ليفي، في تصريح لقناة ليبيا الأحرار التلفزيونية الموالية للإخوان إلى أنه جاء إلى ليبيا بصفته “صحافيا” من أجل إعداد تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
ومن جهته، أكد مكتب فايز السراج أن “لا علاقة” له بزيارة ليفي، وأعلن في بيان أنه أمر “بالتحقيق في خلفية هذه الزيارة لمعرفة كافة الحقائق والتفاصيل المحيطة بها”. ووعد مكتب السراج بـ”اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يدان بالتورط مشاركا أو متواطئا” في تنظيم هذه الزيارة.
اقرأ أيضا: