زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى معرض دبي للطيران تؤكد استقلالية القرار الإماراتي
دبي - زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة معرض دبي للطيران الأربعاء، واطلع ضمن جولته في المعرض على نماذج من منتجات تابعة لشركات روسية بعضها صدرت في حقه عقوبات أميركية بشأن دور مفترض له في حرب أوكرانيا.
ويُظهر اطلاع الشيخ محمد بن زايد على منتجات الشركات الروسية، بالرغم من حساسية الموضوع، مدى استقلالية قرار الإمارات في التعاطي مع مختلف الملفات، وأنها في علاقاتها الخارجية وشراكاتها تحتكم إلى مصالحها بالدرجة الأولى.
وخلال جولة الشيخ محمد بن زايد في المعرض عرض أحد مصدّري الأسلحة المشمولين بالعقوبات الأميركية طائرة هليكوبتر هجومية استخدمت في الحرب الروسية على أوكرانيا. ولم تكن الأسلحة الروسية وحدها الموجودة في المعرض، إذ يوجد نظام صواريخ هيمارس الذي استخدمته أوكرانيا، وهو معروض في الطرف الآخر من المدرج.
وجلس طيارون روس داخل طائرة هليكوبتر هجومية من طراز كا – 50 أثناء سحبها على المدرج في مطار آل مكتوم الدولي. واعتُمدت المروحية في أوكرانيا، كما تخضع الشركة المصنعة لها (مروحيات روسيا) لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية.
ومنذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير 2022 حرصت الإمارات على اتخاذ موقف متوازن، من خلال عرض وساطة على مستوى عال بين الطرفين، وفي الوقت نفسه الحفاظ على مصالحها وعلاقاتها المتنوعة مع روسيا والولايات المتحدة واعتبار الخلاف بينهما وتداعياته -بما في ذلك العقوبات الأميركية المفروضة على موسكو- أمرا خاصا بهما، لا ينبغي للإمارات أن تتدخل فيه أو تتأثر به، وليست ملزمة بأن تقف إلى جانب أحد الطرفين.
ولم تمنع العلاقات الثنائية المتميزة مع الولايات المتحدة الإمارات من أن تلتزم بقرارات أوبك+ بشأن خفض الإنتاج، ولم يكن يعنيها ما إذا كانت القرارات تصب في صالح روسيا أم أنها تساعدها على تمويل حرب أوكرانيا كما يقول الأميركيون، فما كان يعني الإمارات هو أنّ خفض الإنتاج يصب في مصلحتها كدولة، ولولا ذلك لما وافقت عليه ودعمته والتزمت به.
ويرى متابعون للشأن الخليجي أن الأميركيين باتوا يعرفون الإمارات وتوجهاتها، لذلك يَقبلون بخيار تنويع الشركاء الذي تعتمده القيادة الإماراتية اقتصاديّا ودفاعيّا، وتوجهها نحو الصين وروسيا والهند وتوقيع اتفاقيات شراكة ضخمة دون أي إخلال بشراكتها مع الولايات المتحدة، وهي شراكة تاريخية وذات أبعاد إستراتيجية مهمة للطرفين.
وضمن إستراتيجية “تصفير المشاكل”، التي يعتمدها الشيخ محمد بن زايد لإنشاء علاقات إقليمية مبنية على تبادل المصالح وتفضي إلى تأمين الأمن الإقليمي، رفضت الإمارات مساعي أميركية وإسرائيلية لبناء تحالف إقليمي ضد إيران. وأعلنت أبوظبي، على لسان مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش، أنها “ليست طرفا في أي محور في المنطقة ضد إيران”.
ويعكس حضور كبرى الشركات الدولية لمعرض دبي للطيران في دورته الثامنة عشرة الأهمية التي باتت تحظى بها الإمارات كسوق.
وتجول الشيخ محمد بن زايد في المعرض رفقة شقيقه الشيخ منصور، نائب الرئيس ونائب رئيس الوزراء. وتوقفا عند منصة لشركة إيدج الدفاعية الإماراتية، حيث وقّع الشيخ محمد بن زايد على طائرة مسيرة أمام المتفرجين.
وأعلنت شركة “طيران الإمارات” الخميس طلب شراء 15 طائرة جديدة من طراز أيرباص “إيه 350 – 900” بقيمة ستة مليارات دولار، وذلك على هامش معرض دبي للطيران.
وأكدت المجموعة العملاقة في بيان أنها قدمت “طلبية لشراء 15 طائرة إضافية ‘إيه 350 – 900’، بقيمة 6 مليارات دولار”، ما يرفع إجمالي طلبياتها من طائرات “إيه 350” إلى 65 طائرة. وأوضحت أنها التزمت خلال معرض دبي للطيران هذا العام بمبلغ إجمالي قدره “58 مليار دولار أميركي لشراء 110 طائرات إضافية”.
◙ الأميركيون باتوا يعرفون توجهات الإمارات، لذلك يَقبلون بخيار تنويع الشركاء الذي تعتمده اقتصاديّا ودفاعيّا
والثلاثاء أبرمت شركة “طيران الإمارات” صفقة هائلة بقيمة 52 مليار دولار مع مجموعة “بوينغ” الأميركية المصنّعة للطائرات لشراء 90 طائرة من نوع “777 إكس” وخمس طائرات من طراز “787 دريملاينر”.
وقال الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لـ”طيران الإمارات” والمجموعة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم “سوف توفر طائرات ‘إيه 350 – 900’ لأسطولنا مزيدًا من الخيارات”. وأضاف “نخطط لنشر طائراتنا من طراز ‘إيه 350’ لخدمة مجموعة من الأسواق الجديدة، بما في ذلك مهام طويلة المدى تصل مدتها إلى 15 ساعة طيران من دبي”.
وتشارك في المعرض أكثر من 1400 شركة، بما فيها 400 شركة مشاركة لأول مرة، وأكثر من 80 شركة ناشئة تعمل في مجالات عدة، تشمل الطيران التجاري والتنقل الجوي المتقدم والفضاء والدفاع. وقال مسؤول في مطار دبي الدولي إن أعداد المسافرين هذا العام ستتجاوز ما سُجّل في 2019، مما يظهر انتعاشا قويا في السفر بعد جائحة كورونا وعمليات الإغلاق التي تسببت فيها.
ومطار دبي هو من أكثر مطارات العالم ازدحاما بالمسافرين على الخطوط الدولية وموطن شركة “طيران الإمارات”. وقد استقبل 64.5 مليون مسافر خلال الربع الثالث من السنة الحالية، مما يضعه على مسار الـ86.8 مليون مسافر في 2023. وسيتجاوز الرقم المسجل سنة 2019 البالغ 86.3 مليون مسافر. ويُذكر أن عدد المسافرين لم يتجاوز 66 مليون مسافر في 2022.
وأضاف بول غريفيث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة مطارات دبي، لوكالة أسوشيتد برس خلال مقابلة في معرض دبي للطيران أن التوقعات الحالية تبلغ 86.8 مليون مسافر، وهي أقل قليلا من أرقام ما قبل الوباء. وقال “لكننا نأمل رفع هذه التوقعات بحلول نهاية العام. أعتقد أن شبكتنا الكاملة التي تشمل 250 وجهة و95 شركة طيران و105 دول تمكننا من التعافي تماما”.
