زيارة السيسي الخاطفة إلى السعودية: لا جديد بشأن المساعدات

قلق مصري من سرعة تحرك الرياض في الملفات الإقليمية وغياب التنسيق.
الثلاثاء 2023/04/04
ما الذي يزعج القاهرة من سياسات الرياض

القاهرة- وضع لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حدا للمزيد من التأويلات السلبية حول وجود توترات خفية بين القاهرة والرياض، حيث سعى اللقاء لحل خلافات سياسية مكتومة خاصة ما تعلق بتوقف السعودية عن تقديم المساعدات لمصر بشكلها المعهود، لكن لم يصدر أيّ موقف يفيد بتغيير في موقف الرياض من هذا الموضوع.

يأتي هذا في وقت لم تخف فيه القاهرة قلقها من عدم تنسيق السعوديين مع مصر بشأن التحركات المتسارعة التي يقومون بها في الإقليم بدءا من الحوار مع إيران وصولا إلى سوريا.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن تحجيم الدعم الاقتصادي السعودي لمصر والذي كان أحد أسباب التوتر بين البلدين لم يتم التطرق له في هذه الزيارة السريعة، وهو ما عبّرت عنه تشكيلة وفدي البلدين التي حضرت لقاء السيسي والأمير محمد بن سلمان.

◙ زيارة المقداد للقاهرة، قبل يوم من زيارة السيسي لجدة، أوحت أن مصر تتحرك ببطء في الملف السوري على عكس دول الخليج

وكانت القاهرة تراهن على الرياض لتلقي مساعدات بشكل كبير لتطويق تداعيات الأزمة الاقتصادية، لكن التغير الحاصل في نمط المنح والمساعدات السعودية وما أدخل عليه من تعديلات حصره في نطاق التحول لاستثمارات في مصر أو غيرها.

وحضر اجتماع جدة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني مساعد بن محمد العيبان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء عصام بن سعد بن سعيد من الجانب السعودي، وحضر من الجانب المصري رئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل فقط.

وأوضحت المصادر ذاتها أن القاهرة يساورها قلق من اتساع نطاق التحركات السعودية الإقليمية على صعيدي إيران وسوريا، إذ تقرر استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الأولى من دون تنسيق مع القاهرة وهي التي كان من بين أسباب عدم انفتاحها علنا على طهران عدم مضايقة الرياض التي اشتبكت مع إيران في أوقات عديدة.

ويتوقع مراقبون أن يؤدي الانفتاح السعودي على إيران إلى تغيّر في بعض الحسابات الإقليمية لمصر، ومن بينها التفكير في تحسين العلاقات مع طهران نفسها قريبا، الأمر الذي ألمحت إليه خطوة السماح بعودة السياحة الإيرانية إلى مصر في نطاق مدينة شرم الشيخ في هذه المرحلة، والتي يمكن أن تتلوها خطوات أكبر لاحقا.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن السرعة التي تمضي بها القافلة الإقليمية للرياض يمكن أن تتقاطع سلبا مع القاهرة أو تربك سياساتها بعد أن اعتادت المضي ببطء في التعامل مع بعض الملفات، وربّما يقود ذلك إلى صدام ما لم يلجأ الطرفان إلى تنسيق المواقف.

أيمن سمير: الزيارة عزّزت فلسفة البلدين حيال مبدأ العمل على تبريد الصراعات
أيمن سمير: الزيارة عزّزت فلسفة البلدين حيال مبدأ العمل على تبريد الصراعات 

كما أن مصر راعت الموقف السعودي السلبي من النظام السوري ولم تدخل معها في مناوشات في كل مرة يتجدد فيها الحديث عن عودة دمشق إلى الجامعة العربية، حيث كانت القاهرة من أكبر الداعمين للعودة بينما الرياض رفضتها فترة طويلة، آخرها في القمة العربية بالجزائر، والتي لوّحت الرياض بمقاطعتها إذا دعيت دمشق إليها.

وقطعت السعودية شوطا كبيرا في عودة علاقاتها مع سوريا وجرى الحديث عن زيارة منتظرة سيقوم بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق قريبا، مع تلميحات بشأن دعوة الرئيس بشار الأسد لحضور قمة الرياض، ما جعل الرياض تبدو وكأنها تسبق القاهرة بخطوات نحو دمشق.

وأوحت زيارة المقداد إلى القاهرة السبت، قبل يوم من زيارة السيسي إلى جدة، أن القيادة المصرية تتحرك ببطء لافت في الملف السوري على عكس تحركات كبيرة قطعتها بعض دول الخليج فيه، من بينها السعودية.

وأوضح الخبير في الشؤون العربية أيمن سمير أن نمط الترحيب الذي أظهرته لقطات وصول الرئيس السيسي إلى جدة بدّد رؤى رأت أن الفتور سوف يخيم على مستقبل العلاقات بين البلدين فترة طويلة، وبرهنت الزيارة في هذا التوقيت على وجود مشتركات سياسية في حاجة إلى تنسيق ودعم متبادل بين الطرفين.

وأضاف سمير في تصريح لـ”العرب” أن الزيارة عزّزت فلسفة البلدين حيال مبدأ العمل على تبريد الصراعات وفتح المسارات في العلاقات العربية – العربية، والتمهيد لعودة سوريا إلى الساحة العربية، ويدعم ذلك انفتاح البلدين على تركيا وإيران.

وذكر أن القدرة العالية لمصر والسعودية في الحفاظ على علاقات إستراتيجية عند مستوى جيد تدعم القيمة المضافة للإقليم العربي في المعادلات الجديدة، والدول العربية الكبرى رقم مهمّ ومحفز على الاستقرار في المنطقة، ولذلك فنتائج الزيارة السريعة تحقق رغبة البلدين في الحفاظ  على المصالح المشتركة.

◙ مصر يساورها قلق من اتساع نطاق التحركات السعودية الإقليمية على صعيدي إيران وسوريا، إذ تقرر استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الأولى من دون تنسيق مع القاهرة

ويمكن أن يسهم التبريد السياسي والتفاهم في بعض الملفات الإقليمية في تهيئة المجال للحديث عن صيغة تقدم بها الرياض دعما اقتصاديا للقاهرة دون خلل برؤيتها الجديدة، والتفاهم حول أرضية مشتركة فعالة تستكمل بها مصر خطوات تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

وصرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن السيسي والأمير محمد بن سلمان أشادا بالعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التي تربط بين البلدين الشقيقين على جميع المستويات وأهمية الزيارة في مواصلة تطوير العلاقات الأخوية، والحرص المتبادل على تعزيز التعاون في جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين، ومواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية.

وقال الرئيس السيسى عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “وإنني إذ أعبّر عن امتناني وتقديري لحُسن الاستقبال والضيافة، أؤكد على عُمق ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأتطلع لتنميتها وتعزيزها في كافة المجالات، وبما يحقق المصالح المشتركة لبلدينا وتطلعات شعوبنا العظيمة”.

وأبرزت بعض وسائل الإعلام في البلدين يومي الأحد والاثنين جوانب مضيئة من العلاقات المشتركة في المجالات المختلفة من دون إشارة إلى منغصات شابتها مؤخرا، بما يوحي بتجاوز الصفحة الماضية التي أسهم الإعلام بدور كبير في تلويثها.

1