زيارة البابا تخدم خطط البحرين الترويجية كساحة سلام وملتقى للأديان

المنامة – تكتسي زيارة بابا الفاتيكان إلى البحرين أهمية كبيرة بالنسبة إلى المملكة الخليجية الصغيرة في سياق خططها الترويجية كساحة سلام وملتقى للأديان.
وحرصت البحرين خلال السنوات الماضية على احتضان العديد من الملتقيات الدينية، كما استقبلت العديد من رجال الدين، وبينهم حاخامات على غرار الحاخام الأكبر لإسرائيل سابقا، شلومو عمار.
ويركز العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في خطاباته بالمحافل الدولية على الدعوة إلى ترسيخ قيم التعايش والتسامح الديني، ويقول مراقبون إن ذلك يندرج في سياق توجه عام يقوم على تصدير صورة الدولة الراعية للسلام ولحوار الأديان والثقافات، على خلاف الصورة القاتمة التي تسوق لها بعض قوى المعارضة بوجود تمييز طائفي داخل المملكة الخليجية.
وأعلن المكتب الإعلامي للفاتيكان الأربعاء أن البابا فرنسيس سيزور البحرين من الثالث إلى السادس من نوفمبر المقبل للمشاركة في منتدى للحوار بين الشرق والغرب، في أول زيارة لحبر أعظم إلى المملكة.
80
ألف كاثوليكي يعيشون في البحرين، هم بشكل أساسي عمّال من الهند والفلبين
ويعاني البابا البالغ من العمر 85 عاما من آلام في الركبة أجبرته على التنقل على كرسي متحرك وإلغاء بعض الفعاليات. كما نصحه الأطباء بإبطاء وتيرة سفره.
وسيزور الحبر الأعظم العاصمة البحرينية المنامة ومدينة العوالي وسيشارك في “ملتقى البحرين للحوار: حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي سيحضره أيضا شيخ الأزهر أحمد الطيب.
ومن المرجح أن تشمل زيارة البابا، كاتدرائية سيدة العرب في العوالي، التي دُشنت العام الماضي. وتقع الكنيسة المبنية بتصميم هندسي حديث على مسافة 1.6 كلم من مسجد كبير وعلى مقربة من آبار نفط في جنوب الدولة.
ويقدّر الفاتيكان وجود نحو 80 ألف كاثوليكي في البحرين، هم بشكل أساسي عمّال آسيويون غالبيتهم من الهند والفيليبين.
واستقبل الحبر الأعظم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في الفاتيكان في العام 2014، حيث ناقش الجانبان “السلام والاستقرار في الشرق الأوسط” والمساهمة الإيجابية للجالية المسيحية في المملكة، على ما أعلن الكرسي الرسولي آنذاك.
وتأتي الزيارة في أعقاب زيارة أداها البابا إلى كازاخستان في وقت سابق من هذا الشهر، للمشاركة في المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية بعنوان “دور زعماء الأديان في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية لفترة ما بعد الجائحة”.
وقد مثل البحرين في ذاك المؤتمر الذي عقد في العاصمة نور سلطان، والذي حضره أيضا شيخ الأزهر وحاخام إسرائيل الأكبر إسحاق يوسف، الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي.
وركز الشيخ خالد في كلمته في المؤتمر على التذكير بـ”إعلان مملكة البحرين” الذي جرى تدشينه في مدينة لوس أنجلس الأميركية، والذي “يستند على أهمية وجود معتقد يؤمن به الفرد، بغض النظر عن شكله ومنطلقاته، حيث أن الإيمان هو أمل الإنسانية والإطار الذي يحدد أسس الحياة وأخلاقيات التعايش بين الشعوب”، وفق تعبيره.
200
شخصية دينية حول العالم يمثلون كافة الأديان والمذاهب سيحضرون المنتدى في البحرين
وشدد الشيخ خالد على ضرورة الحفاظ على أصالة معتقدات الناس بعيدًا عن الاندماجات والمؤثرات وعوامل التشويه والتدنيس. كما أوضح أهمية مبدأ حرية الاختيار والاعتقاد، وأن استمرار الإنسانية وتعايشها بسلام مرتبطان بحرية ممارسة العقيدة ورفض الإكراه الذي يقوم على إجبار الناس على فكر ما.
ودعا رئيس المركز البحريني المشاركين في المؤتمر إلى تبني إعلان مملكة البحرين، والذي تحث بنوده الحكومات وزعماء الأديان والأفراد، على القيام بدور فعال في إيجاد بيئة تعمل على تنمية وتشجيع الاحترام المتبادل والتعاون في سبيل الأخوة الإنسانية.
وتحرص البحرين على عدم تفويت فرصة المشاركة في مثل هذه الملتقيات الدينية، وهذا في تأكيد جديد على اهتمامها بصورتها كدولة راعية للسلام ورافضة للاختلاف الذي يولد التفرقة.
ويقول المراقبون إن حضور البابا وشيخ الأزهر سيكسب الملتقى الذي تعتزم المنامة احتضانه والذي يحمل شعار “الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني” أهمية استثنائية، وسيسلط الضوء على تحركات البحرين في هذا الجانب.
وتعقد البحرين المنتدى بالشراكة مع مجلس حكماء المسلمين في الفترة من 3 إلى 4 نوفمبر، بحضور أكثر من 200 شخصية دينية حول العالم يمثلون كافة الأديان والمذاهب.
وهذه ثاني زيارة للبابا فرانسيس إلى شبه الجزيرة العربية، حيث سبق أن قام في العام 2019 بزيارة تاريخية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، للمشاركة في مؤتمر لحوار الأديان.
وقد زار البابا منذ تولى البابوية أكثر من 12 دولة ذات غالبية مسلمة بينها العراق ولبنان وحرص خلال تلك الزيارات على الدعوة إلى الحوار بين الأديان وإدانة استخدام العنف باسم الرب.