زيادة مدة رئاسة الولايات تهدد التداول السلمي على السلطة في الصومال

قرار التمديد يثير ضجة سياسية بين من يعتبره "بداية للدكتاتورية في الحكم" فيما يخشى آخرون أن تحذو الحكومة المركزية حذو الولايات الفيدرالية.
السبت 2022/09/24
قرار مثير للجدل

مقديشو - حذّر محللون صوماليون من أن تمديد فترة الرئاسة للولاية من أربع إلى خمس سنوات قد يؤدي إلى خلافات سياسية خطيرة تعصف بنظام التداول السلمي الهش في البلاد. ومؤخرا، مدّد البرلمان المحلي لولاية جنوب غرب الصومال فترة الرئاسة للولاية إلى خمسة أعوام، دون إحداث تعديلات على الدستور المحلي، لتلحقه برلمانات ولاية هيرشبيلى وجوبا لاند وغلمدغ، في تصرف مخالف المؤقت في البلاد، بحسب المحللين.

وأثار قرار التمديد ضجة في الساحة السياسية في البلاد، فهناك من اعتبره "بداية للدكتاتورية في الحكم"، بينما يخشى آخرون أن تحذو الحكومة المركزية حذو الولايات الفيدرالية، خصوصا في ظل التزامها الصمت تجاه القرار.

ورغم أن الدستور المؤقت في البلاد لا يحدد صلاحية الهيئات التشريعية للولايات المحلية بتمديد فترة الرئاسة للولاية من عدمها، إلا أن البند 12 من الدستور يوصي بـ"التوفيق بين الدستور المؤقت في البلاد ودساتير الولايات المحلية"، وهو ما يمنع ضمنيا أي تمديد في الولايات سواء من قبل الحكومة المركزية أو الحكومات الفيدرالية.

ويشدد مراقبون على أن البقاء في السلطة من خلال "ليّ أعناق نصوص الدساتير المحلية طبقا لأهواء رؤساء الولايات الفيدرالية" قد يتسبب في تعريض استقرار البلاد لـ"هزات سياسية عنيفة"، في ظل صمت حكومي.

عمر عبدالرشيد: قرار التمديد يغذي فكرة التسلط في الحكم

وقال المحل السياسي أحمد عينب إن ما يجري في الظاهر يبدو وكأنه "مجازفة حقيقية" في بلد يعاني من هشاشة في البنية السياسية للنظام. وأردف "هناك ما يطبخ على نار هادئة بالخفاء بين الحكومة ورؤساء الولايات الفيدرالية لتمديد الفترة الرئاسية سواء في الحكومة المركزية أو في الولايات الفيدرالية".

وأضاف أن التزام الحكومة بالصمت تجاه التمديد في الولايات المحلية "يعكس مدى وجود اتفاقية مبدئية بينها وبين الولايات”، لكن هذه الاتفاقية تبقى "غير مشروعة ومخالفة للدستور المؤقت في البلاد" الذي يحدد مدة الرئاسة في الحكومة المركزية بـ4 أعوام.

وحذر رئيس الوزراء الأسبق عمر عبدالرشيد من خطورة التداعيات السياسية والأمنية التي قد تنجم عن قرار التمديد، مشيرا إلى احتمالية أن يغذي التمديد فكرة “التسلط في الحكم". ودعا الحكومة الصومالية لاتخاذ قرارات ضد مساعي الولايات المحلية للتمديد في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والرئاسية.

وبغض النظر عن التفاهمات بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية بشأن قرار التمديد، إلا أن هناك عقدة قانونية تقليدية لا يمكن تجاوزها، تكمن في أن "التمديد حتى وإن كان قانونيا، فإنه لا ينطبق على الإدارة الحالية، بل ينطبق على الإدارة القادمة"، بحسب المحللين. ويحتج بعض نواب البرلمانات المحلية على أن لكل ولاية صلاحياتها بشأن إصلاح وإحداث تعديلات في بنود دساتيرها المحلية، وخاصة في ما لا يتعارض مع بنود الدستور الفيدرالي المؤقت في البلاد.

وقال علي غاب النائب في برلمان جنوب غرب الصومال، إن قرار التمديد "لا يقتصر على فترة الرئاسة، وإنما يشمل جميع المؤسسات التشريعية والتنفيذية للولاية"، مضيفا أن التمديد "يهدف إلى مطابقة فترة المؤسسات التشريعية بالفترة الرئاسية"، حيث تزيد فترة برلمان الولاية بعام واحد عن فترة رئاسة الحكومة.

وأشار النائب إلى أن التمديد سيكون "خطيرا" في حال اقتصر فقط على الفترة الرئاسية للولاية، ما يسمح لرئيس الولاية وحده بجعل ولايته مفتوحة وهو ما يتعارض مع دستور الولاية.

واتهم البرلماني المعارضين للتمديد بـ"تسييس القرار والمبالغة في تداعياته". واستشهد النائب بالوضع في ولاية "بونتلاند" المحلية التي تصل فترة مؤسساتها إلى 5 أعوام بدلا من 4، متسائلا "لماذا يحدث القرار كل هذه الضجة؟ وما الخطر الذي قد ينجم عندنا ولا ينجم في ولاية بونتلاند؟ الأمر يتعلق فقط بمطابقة فترات المؤسسات التشريعية والتنفيذية لجميع ولايات المحلية في البلاد".

وتعد بونتلاند الولاية الوحيدة التي تصل مدة ولاية رئيسها إلى 5 أعوام، كونها أول ولاية تشكلت قبل تطبيق النظام الفيدرالي في عام 2012. ويعزو المحللون تكرار اتخاذ قرارات أحادية الجانب لرؤساء الولايات إلى غياب بنود دستورية تحدد صلاحيات الهيئات التشريعية والتنفيذية للولايات، ما منحها صلاحيات مطلقة، وأوجد حالة من اللامعيارية السياسية، ما سيشكل تحديا أمام نظام التداول السلمي للسلطة.

2