زيادة الضرائب تفاقم فوضى تجارة الملابس في غزة

قرار وزارة الاقتصاد يولّد حالة من التذمر لدى التجّار والمستوردين الذين يعتبرون أن الخطوة تسعى لحل مشكلة على حساب الإثقال المالي لهم.
الثلاثاء 2022/07/26
تعلمنا الحياكة لكن لم نكسب منها سوى الإرهاق

دفع قرار وزارة الاقتصاد في قطاع غزة برفع قيمة الرسوم الجمركية المفروضة على بعض أنواع المنتجات المستوردة، وخاصة الملابس، إلى إثارة الجدل داخل أوساط أصحاب المصانع والتجار والمستوردين، الأمر الذي يعتبرونه يفاقم من الفوضى في هذه السوق.

غزة- اعتبر أصحاب مصانع الخياطة والنسيج في غزة أن قرار فرض رسوم إضافية على الواردات سيحفز أعمالهم، من خلال توظيف المزيد من الأيدي العاملة وتحريك العجلة الاقتصادية.

لكن المستوردين والتجّار يعتبرون أن القرار يلقي بظلاله السلبية عليهم، حيث سيتحمّلون قيمة الزيادة الجمركية، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يمر بها القطاع.

وأصدرت وزارة الاقتصاد في حكومة حماس الثلاثاء الماضي قرارا بتعديل رسوم استيراد أصناف وسلع واردة لغزة عبر معبري رفح وكرم أبوسالم.

وقالت في بيان إن “المنتجات والسلع التي تم تعديل الرسوم عليها لها بديل محلي ويتم إنتاجه في المصانع داخل غزة”.

عماد عبدالهادي: رفع الرسوم الجمركية لتوريد عدة منتجات فاجأ التجّار

وأشارت إلى أن القرار يهدف إلى “زيادة الحصة السوقية والقدرة التنافسية مع الأصناف المستوردة، فضلا عن زيادة عدد المنشآت الصناعية وتوسعة المصانع القائمة”.

ولم تفصح الوزارة عن قيمة الرسوم التي تم تعديلها، إلا أن نقابة تجّار الألبسة في غزة قالت إن كل قطعة بنطال جينز أو جلباب مستوردة، على سبيل المثال، تمت إضافة 10 شواكل (حوالي 2.8 دولار) على قيمتها المالية، كتعلية جمركية.

وتقول الوزارة إن الزيادة تأتي للحفاظ على المنتج المحلي، وهي خطوة ضمن سلسلة إجراءات تم اتخاذها مسبقا في هذا الإطار.

وأوضح مدير عام الإدارة العامة للصناعة في الوزارة رائد الجزار للأناضول أنه “سبق وأن تم إصدار قرارات بإعفاء المواد الخام المستوردة لمصانع الخياطة والنسيج والإعفاء من رسوم فحص المنتج ودعم المصانع بالكهرباء”.

وكانت مصانع الخياطة والنسيج، التي تعمل في غزة، تصدّر منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، لكنها اليوم تجد نفسها في وضع أكثر قسوة.

وأدى الانقسام السياسي الفلسطيني والحصار الممتد لأكثر من 15 عاما على غزة إلى انخفاض عدد مصانع الخياطة والنسيج من 900 إلى بضع عشرات من المصانع. وكان القطاع يستوعب في السابق أكثر من 30 ألف عامل، ولكن عددهم تقلص بشكل متسارع.

وذكر الجزار أن استقبال تلك الأسواق لمنتجات قطاع غزة يعدّ “معيارا كافيا لاعتمادها كمنتجات عالمية، ذات جودة عالية، فضلا عن الزيارات الدورية التي تجريها الوزارة للمصانع لفحص العينات المنتجة والتأكد من جودتها”.

والزيادة الجمركية هي نظام يتم اعتماده في معظم الدول لدعم منتجاتها المحلية، إلى جانب سياسة “الكوتة” التي تعتمد على تقليل نسبة الواردات من الخارج.

رائد الجزار: استقبال الأسواق لمنتجات قطاع غزة يعدّ معيارا كافيا لاعتمادها كمنتجات عالمية

ويواجه اقتصاد غزة، في القطاع، حالة انهيار جرّاء تعرّض الآلاف من المنشآت الاقتصادية والخدمية والإنتاجية للتعطل والتدمير والضرر بفعل الهجمات الإسرائيلية منذ العام 2007.

وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في مايو الماضي، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 47 في المئة.

ويعتقد أحمد الغوطي، صاحب شركة غولدن روك للألبسة، أن القرار يدعم المنتج المحلي. وقال إن “تعديل الرسوم على السلع المستوردة لغزة، والتي لها بديل في السوق، صائب، خاصة وأن هذه المنتجات قادرة على المنافسة في ما يتعلق بالجودة والسعر”.

وأضاف “المواد الخام التي نستخدمها في صناعة الألبسة ذات جودة عالية تضاهي المستورد، وبسعر يصل تقريبا في الوضع الطبيعي إلى نفس سعر المستورد”.

ويشاطره الرأي إسماعيل الشنطي المسؤول في مصنع الشنطي. ويؤكد أن القرار من شأنه أن يعزز من الإنتاج المحلي ويفسح المجال أمام منافسة المستورد.

وأشار إلى أن “سعر القطعة التي يتم تصنيعها، يصل إلى نفس سعر المستورد، وهذا يضر بنا ويقلل من إنتاج المصانع، وأما فرض الزيادة الجمركية فيفتح باب المنافسة”.

وأكد أن منتجات الملابس المحلية قادرة على منافسة المستورد من حيث جودة الخامة والتصميم والخياطة.

لكن رغم ذلك ولّدت الخطوة حالة من التذمر لدى التجّار والمستوردين وفئة من المواطنين، معتبرين أنها “تسعى لحل مشكلة على حساب الإثقال المالي لهم”.

ويرى رئيس نقابة تجّار الألبسة بغزة عماد عبدالهادي أن الوزارة لم تناقشهم بهذا القرار، كونهم جهة أصيلة وعلى دراية بكافة تفاصيل قطاع الألبسة. وقال “كان مفاجئا للتجّار” و”إهانة للجميع”.

وأوضح أن نقابته عملت منذ العام 2014 على تقديم رؤى لدعم المنتج المحلي، ترتكز على تخفيف استيراد منتج البنطال الجينز وزيادة حصته في السوق.

وبحسب النقابة، وصلت الحصة في عام 2019 إلى حوالي 1.1 مليون قطعة من أصل نحو ثلاثة ملايين قطعة يتم استهلاكها سنويا، فيما تم تخفيضها منذ ذلك التاريخ وحتى هذا العام إلى 800 ألف قطعة فقط لدعم المنتج المحلي.

الانقسام السياسي الفلسطيني والحصار الممتد لأكثر من 15 عاما على غزة أديا إلى انخفاض عدد مصانع الخياطة والنسيج من 900 إلى بضع عشرات من المصانع

ومن المرجح أن يتحمّل التجّار الذين ينتظرون وصول بضائعهم خلال الأشهر القادمة زيادات جمركية، مما ستزيد من إثقال كاهلهم.

ويجد المستهلك في غزة نفسه غير قادر على شراء بنطال الجينز المستورد بمبلغ قيمته 30 شيكلا (8.6 دولار). وفي الوضع الجديد لن يكون قادرا على شراء المحلي لتكلفته الأعلى، ما يزيد من أعبائه المالية.

ويقول عبدالهادي إن حصة المستورد من الجلباب تصل إلى 100 ألف قطعة سنويا، لا يتم استيراد إلا 20 ألف قطعة فقط، مشيرا إلى أن 90 في المئة من هذا المنتج المستهلك في غزة هو إنتاج محلي.

ويعتبر أن هذا القرار من شأنه أن يثقل الحركة التجارية ويرهق المستهلك، داعيا الوزارة إلى وقف العمل به.

11