زيادة إنتاج النفط في ليبيا تصطدم بخلافات عون وصنع الله

لا يعير رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله أي اهتمام لرفض وزير النفط محمد عون للضغوط الغربية على ليبيا لزيادة إنتاج النفط ويبذل كل ما في وسعه للاستجابة لتلك الضغوط، خاصة بعد أن أصدرت البعثة الأممية وخمس سفارات غربية بيانا بدا داعما لصنع الله ما يهدد بإمكانية توقف ضخ النفط في البلاد من جديد.
طرابلس – اصطدمت مساعي رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله إلى زيادة الإنتاج لتلبية مطالب أميركية وأوروبية برفض وزير النفط محمد عون، الذي يقول إن ليبيا يجب أن تلتزم الحياد في الأزمة الروسية – الأوكرانية، وهو ما دفع سفارات الولايات المتحدة ودول أوروبية للتدخل لصالح صنع الله الذي التجأ إلى الشركات الخاصة للمساهمة في تنفيذ مشاريع مؤسسة النفط.
ودعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا الجمعة مختلف الأطراف في ليبيا إلى الحفاظ على “الطبيعة غير السياسية” للمؤسسة الوطنية للنفط.
وحضّت الدول الخمس في بيان مشترك نشرت نسخة منه بالعربية، على احترام “الوحدة والنزاهة والاستقلال والحفاظ على الطبيعة غير السياسية والتقنية للمؤسسة الوطنية للنفط”.
ورحبت سفارات هذه الدول بـ”التزام المؤسسة الوطنية للنفط بتحسين الشفافية المالية”، وحذرت “من الأعمال التي تقوضها” وشددت على “ضرورة تجنب مثل هذه الأعمال التي قد تشكل تهديدا لسلام ليبيا وأمنها واستقرارها” بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
وبدورها أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السبت، دعمها الكامل لضرورة الحفاظ على سلامة واستقلالية المؤسسة الوطنية للنفط، وذلك لـ”ضمان أن تعود الموارد الليبية بالنفع والفائدة على جميع الليبيين”. وقالت البعثة في بيان إن هذا الدعم يأتي من مجموعة العمل الاقتصادية لعملية برلين التي تضم كلا من مصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبعثة الأممية.
وتأتي هذه الدعوة على خلفية توتر شديد بين صنع الله وعون بسبب خلاف على ما يبدو بشأن زيادة الإنتاج.
وقال عون في تصريحات لوكالة “بلومبيرغ” إن ليبيا وبسبب الظروف التي تمر بها تسعى إلى أن تكون محايدة ولا تنحاز إلى أي طرف في الصراع الروسي – الأوكراني رغم دعوة الولايات المتحدة لها إلى زيادة الإنتاج.
محمد عون: ليبيا تحاول أن تكون محايدة في الصراع الروسي – الأوكراني
وأضاف عون أن ليبيا لا تنتج حاليا ما يكفي من الغاز مع أن الولايات المتحدة طلبت منها ومن بعض الدول المنتجة زيادة إنتاج الغاز، بسبب الأوضاع في أوكرانيا ومجابهة النقص الذي يمكن أن يحصل في أوروبا التي تعتمد على الغاز الروسي.
وفي المقابل، يتجاهل صنع الله موقف عون ويصر على تلبية مطالب الغرب حيث التقى الأسبوع الماضي، رئيس مجلس إدارة مجموعة “ليبومارك” علي امسلم، والمدير التجاري لمجموعة “جبل الفلكسي” التابعة لمجموعة “ليبومارك” عمر أبوشعالة، إلى جانب المدير التنفيذي لاتحاد الصناعة الليبية علي نصير.
وناقش الاجتماع بحسب المكتب الإعلامي لمؤسسة النفط إمكانية مساهمة شركات القطاع الخاص الوطنية في تنفيذ جزء من المشاريع التي تسعى المؤسسة إلى تنفيذها بهدف زيادة القدرة الإنتاجية. ويبدو موقف صنع الله قريبا من موقف الحكومة ووزارة الخارجية التي أدانت “الغزو الروسي لأوكرانيا”.
والخلاف بين عون وصنع الله ليس جديدا حيث حاول عون مرارا في الأشهر الأخيرة توقيف صنع الله عن العمل واتهمه مؤخرا، وفق الصحافة المحلية، “بالتجسس على مكتبه” والتعامل مع أموال النفط “كما لو كانت أمواله الخاصة”.
ومنذ توليه رئاسة مؤسسة النفط عام 2014، صار مصطفى صنع الله المحاور المفضل للشركاء الأجانب، وبينهم شركات عالمية كبرى. كما سعى إلى الحفاظ على الإنتاج إلى حدّ ما عندما كانت الحرب مستعرة في البلاد وزيادته في فترات الهدوء.
وردت وزارة النفط والغاز بالقول إن البيان المشترك الصادر عن السفارات الخمس، يمثل “تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للدولة الليبية ومحاولة للهيمنة على سلطة القرار للدولة الليبية وبسط سيادتها الكاملة على الثروات الوطنية وتعديا صارخا على الروح الوطنية للعاملين بقطاع النفط”.
كما اعتبرت أن البيان يؤدي إلى وضع قطاع النفط والغاز داخل المعترك السياسي، مضيفة أن قيام سفراء دول أجنبية بزيارة مؤسسة اقتصادية وتكرار صدور بيانات من هؤلاء السفراء لدعم وحماية هذه المؤسسة “إخراج لهذه المؤسسة عن دورها الفني والتجاري الذي أنشئت من أجله، وإقحامها في دور سياسي وإدخالها لحلبة الصراع السياسي”.
وتحاول ليبيا التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، طيّ صفحة عقد من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وبعد فترات من الانخفاض الحاد، عاود الإنتاج الارتفاع ليصل إلى 1.2 مليون برميل يوميا، مقارنة بـ1.5 إلى 1.6 مليون برميل قبل عام 2011.
ويتوقع مراقبون أن يتطور الصراع بين صنع الله وعون وهو ما قد يقود إلى توقف الإنتاج خاصة وأن الحقول تقع تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي تربطه علاقات جيدة بروسيا كما تقول تقارير غربية إن مرتزقة فاغنر يحرسون بعض حقول النفط.
وكان حقل نفطي وسط البلاد قد تعرض للتخريب والنهب وسط شكوك في أن يكون الهدف من ذلك عرقلة إنتاج النفط.
وأكدت شركة الزويتينة للنفط الأربعاء، تعرض حقل الصباح النفطي جنوب ميناءي السدرة ورأس لانوف إلى التخريب والنهب.
أوضحت الشركة أن الأعمال التخريبية طالت مرافق الحقل والمعدات السطحية وكابلات الكهرباء وحجرات التحكم وسكن العاملين.
وبثت صفحة الشركة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقطعا مصورا أظهر حجم التخريب والدمار الذي تعرض له الحقل.
وأشار البيان إلى جهود العاملين في الشركة من أجل استعادة الإنتاج في مواقعها النفطية، لافتا إلى أن “الأيادي الآثمة أبت إلا أن يستمر التخريب، لتقطع الطريق أمام فرصة زيادة الإنتاج، وعودة توقف الحقول”.