زيادة إنتاج النفط: السعودية تعاقب نفسها بمعاقبة غير الملتزمين بالحصص

الأسعار تهوي إلى ما دون 65 دولارا للبرميل ما يعيق مشاريع رؤية 2030.
الأحد 2025/04/06
قرارات وزير النفط السعودي تسير في اتجاه معاكس لرؤية 2030

لندن- قاد غضب السعودية من بعض الدول التي لم تلتزم بالحصص النفطية المخصصة لها بقرار من أوبك+ إلى قرار الخميس بزيادة الإنتاج، في خطوة يقول محللون إنها تعد بمثابة عقوبة للسعودية لنفسها بدلا من معاقبة من لم يلتزموا بالحصص.

وقادت الخطوة السعودية الغاضبة إلى تهاوي أسعار النفط إلى حدود 65 دولارا للبرميل، وهو ما يتناقض مع خطط السعودية والمشاريع الكبرى التي تضمنتها رؤية 2030، والتي قام وضعها على قاعدة 90 دولارا للبرميل، وهو ما يعني المزيد من الإرباك لتلك المشاريع بعد التراجع عن تنفيذ البعض منها وحاجة المملكة إلى زيادة الاقتراض.

ومن المرجح أن تكون لقرار زيادة الإنتاج علاقة بمسعى من السعودية وروسيا لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي من المتوقع أن يزور الرياض بداية مايو.

ويسعى السعوديون مع اتخاذ قرار زيادة الإنتاج والدفع نحو تراجع كبير للأسعار إلى قياس ردة فعل ترامب، وإن كان ما يجري يتلاءم مع خططه أم لا.

◄ دول أخرى في أوبك+ مثل العراق وكازاخستان، التي تصدر النفط أيضا إلى الولايات المتحدة، تواجه رسوما جمركية بنسبة 39 في المئة و27 في المئة على الترتيب

وتسبب انخفاض أسعار النفط في دفْع السعودية إلى الاقتراض لتعويض الفارق وعدم تعريض المشاريع الكبرى – التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – للتوقّف.

ويُشير المحللون إلى أن الاقتراض سيكون ضروريا لتمويل النفقات المخطط لها، وإلا فقد تواجه بعض المشاريع الضخمة وبرامج رؤية 2030 تأخيرات أو تخفيضات في حجمها، وهو وضع سيزداد سوءا مع قرار زيادة الإنتاج.

وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، كانت السعودية تضغط على كازاخستان والعراق لتحسين التزامهما بخفض الإنتاج وهددت بالبدء في زيادة إنتاجها النفطي إذا لم يحدث ذلك.

لكن كازاخستان سجلت معدلات إنتاج قياسية شهرا تلو الآخر، مع توسع شركتي شيفرون وإكسون موبيل الأميركيتين في إنتاجهما في الحقل الرئيسي بالبلاد. كما اتخذ العراق خطوات بطيئة أيضا في تقليص إنتاجه.

وفي تحذير للدول غير الملتزمة، قرر تحالف أوبك+ الشهر الماضي البدء في زيادة الإنتاج الشهري بنحو 130 ألف برميل يوميا اعتبارا من أبريل، على عكس توقعات السوق بأن يبقي معدلات الإنتاج دون تغيير.

ولكن مع زيادة عدم الالتزام خلال الشهر الماضي، فاجأت السعودية الجميع وضغطت على تحالف أوبك+ لزيادة الإنتاج بواقع 411 ألف برميل يوميا في مايو، وهو ما يزيد بمقدار ثلاثة أمثال على المتوقع ويمثل حوالي 0.4 في المئة من الإمدادات العالمية.

حليمة كروفت: ترامب سيرحب بلا شك بانخفاض الأسعار

وهوت أسعار النفط الجمعة ثمانية في المئة إلى ما دون 65 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ ذروة جائحة كوفيد – 19 في عام 2021.

وقال أحد مصادر ثلاثة اطلع على المباحثات التي أجراها تحالف أوبك+ الخميس إن التحالف قد لا يتراجع عن الزيادات الكبيرة في الإنتاج حتى لو انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارا للبرميل.

وأشار مصدر ثان مطلع على مباحثات إلى أن رسالة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان شددت على الدول الأعضاء ضرورة الالتزام بالأهداف المحددة لها وإلا ستصدر زيادات أخرى في الإنتاج.

ولفتت مصادر أخرى إلى أن قرار زيادة الإنتاج كان مدفوعا بأسباب جيوسياسية أكبر بكثير من مجرد الرغبة في معاقبة الدول غير الملتزمة.

وقد يساعد قرار زيادة إنتاج النفط، الذي أُعلن عنه في اليوم ذاته الذي فرضت فيه الولايات المتحدة رسوما جمركية، السعودية وروسيا على تعزيز العلاقات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويطالب ترامب بخفض أسعار النفط. كما يسعى إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر لتسريع المحادثات بشأن برنامج طهران النووي.

وخلال حرب الأسعار الأولى بين عامي 2014 و2015، ضخّت أوبك كميات كبيرة من النفط لإبطاء نمو النفط الصخري الأميركي. واضطرت بعض الشركات الأميركية إلى خفض الإنتاج، بل إن بعضها قد أفلس.

وفي عام 2020، دخلت السعودية في صدام مع روسيا في ذروة جائحة كوفيد – 19 عندما انهار الطلب على الخام.

ودفع ترامب الجانبين آنذاك للتوصل إلى حل وسط بعد أن قال إن أسعار النفط المنخفضة للغاية تضر بصناعة النفط الأميركية وإن هناك حاجة إلى رفع الأسعار لإنعاش الصناعة.

واحتمال حدوث مثل هذه المخاطر ضئيل للغاية في عام 2025، لكن انخفاض الأسعار إلى ما دون 50 دولارا للبرميل قد يضر منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.

◄ من المرجح أن تكون لزيادة الإنتاج علاقة بمسعى من السعودية وروسيا لإرضاء ترامب، الذي من المتوقع أن يزور الرياض بداية مايو

وقالت حليمة كروفت من رويال بنك أوف كندا “سيرحب ترامب بلا شك بانخفاض الأسعار. ومع ذلك، نعتقد أن بعض القلق سيساور مجالس إدارات منتجي النفط في الولايات المتحدة إذ قد تضطر إلى إعادة النظر في توقعاتها بشأن استعداد قيادات أوبك لتقديم دعم دائم للأسعار”.

ومع ذلك، فإن الإجراءات المحتملة التي قد يتخذها ترامب ضد صادرات النفط الإيرانية قد تؤدي إلى حجب أكثر من مليون برميل يوميا عن السوق، وهو ما سيقدم دعما للأسعار.

وقال مصدر روسي إن القرار الذي اتخذ الخميس يهدف ضمن أمور أخرى إلى إرضاء ترامب وسط محادثات السلام في أوكرانيا.

وأشارت مصادر أخرى إلى زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية خلال الأسابيع القليلة المقبلة وقرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية منخفضة بنسبة 10 في المئة على السعودية والإمارات.

وتواجه دول أخرى في أوبك+ مثل العراق وكازاخستان، التي تصدر النفط أيضا إلى الولايات المتحدة، رسوما جمركية بنسبة 39 في المئة و27 في المئة على الترتيب.

وأبقى اجتماع كبار وزراء مجموعة أوبك+ السبت على سياسة إنتاج النفط دون تغيير.

1