زوكيد.. "الصغير مارك" يحكم العالم

واشنطن - اعتبر الاقتصادي والمستثمر روجر ماكنامي، وهو رأسمالي مغامر كان مستشارا لمارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك، ومساعدته شيريل ساندبيرغف في كتابه “زوكيد – الاستيقاظ على كارثة” أن موقع فيسبوك كارثة حقيقية، فهو من ناحية خارج عن السيطرة ويصعب التنبؤ بما يمكن أن يحدثه، ومن ناحية أخرى يسيطر عليه شخص واحد وهو الصغير مارك!
ويشير الكتاب إلى التحديات التي تثيرها هذه المنصة الاجتماعية، والمخاطر التي تمثلها بالنسبة للمجتمع.
وقال ماكنامي منتقدا فيسبوك في مقال بمجلة تايم حمل عنوان “كنت مرشدا لزوكربيرغ قبل صدور كتابه “أنا أحب فيسبوك، لكنني لا أستطيع الصمت حول ما يحدث”. ورأى الكاتب أن “النجاح أعمى زوكربيرغ وساندبيرغ” عن رؤية نتائج أفعالهما وأدى إلى “كارثة”.
ومصطلح زوكيد (Zucked) يعني المنع من استخدام فيسبوك بسبب نشر مواد تخالف البروتوكول الأخلاقي للشركة، وهي مستحدثة ومشتقة من اسم مؤسس فيسبوك.
وفي الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، اعترى ماكنامي شعور بالقلق من أن المنصة التي كان من المفترض أن تساهم في جمع العالم معا، استخدمت لتأجيج الفوضى والانقسام.
وفي هذا الصدد، تواصل ماكنامي مع الشركة، إلا أنه لم يكن راضيا عن الرد الذي تلقاه.وقال ماكنامي إن فيسبوك بات يشكّل تهديدا واضحا للديمقراطية، فضلا عن المخاطر الصحية والاقتصادية التي أصبحت بسببه واقعا لا يمكن إنكاره. واستند ماكنامي في انتقاده للمخاطر الاقتصادية على مشاكل احتكار الرأسمالية. فعلى سبيل المثال، استحوذت الشركة على منافسيها المحتملين، على غرار منصتي إنستغرام وواتساب، حتى لا تتاح لهم فرصة تحدي هيمنتها.
وبيّن الكاتب أن المخاطر التي تشكلها هذه المنصة على الديمقراطية تكمن في ميزة “نيوزفيد”، التي تدفع بمستخدمي المنصة نحو استخدام “فقاعات الترشيح” التي تحجب الآراء المختلفة. وفضلا عن وجود المتصيدين والبوتات، فإن هذه المنصة تحتوي على عدد كبير من الصفحات والمجموعات المزيفة والمعلومات المضللة والأكاذيب.
وأورد ماكنامي أن الشركات التكنولوجية تستعين ببعض الإجراءات حتى تدفع الأفراد إلى استخدام منتجاتها بشكل متزايد إلى حدود الإدمان أحيانا. فعلى سبيل المثال، تلجأ ميزة “نيوزفيد” إلى إجراء ما يسمى “الوعاء العميق”، وهو عبارة عن قائمة لا نهاية لها من المنشورات التي تهدف إلى إبقاء المستخدمين في الموقع لأطول مدة ممكنة. وهذه الإجراءات وغيرها من استراتيجيات التصميم تستطيع التأثير بعمق على سعادة الإنسان، وتجعلنا أسوأ حالا؛ بسبب طريقة عملها، على حد تعبير ماكنامي.
وقد ركز ماكنامي على الأسباب التي مكنت فيسبوك وبعض الشركات الأخرى من تشكيل تهديد على الاقتصاد والديمقراطية والصحة العامة، لعل أولها أن المنتجات ذات المصادر المفتوحة والموارد المركزية تعني أن الشركات الناشئة تستطيع أن تكون أكثر مرونة من أي وقت مضى؛ ما يسهل على أصحاب رأس المال الاستثماري أن يميّزوا بسهولة بين الاستثمارات الخاسرة والناجحة.
أما السبب الثاني، فيتمحور حول تصاعد “الفلسفة الليبرتارية”، خاصة بين المديرين التنفيذيين والمستثمرين في وادي السيليكون. لكن هذا المنهج الفردي من شأنه أن “يعفي مطبقي هذه الفلسفة من تحمل مسؤولية التأثير الذي تخلفه أفعالهم على الآخرين”. وثالثا، شهد الاقتصاد السياسي تحولا، حيث أصبحت النيوليبرالية هي الفكر السائد. ويعتقد السياسيون أن الأسواق هي أفضل ضابط للشؤون الاجتماعية، وأنه لا يجدر بالحكومة التدخل. وقد أدى إلغاء التنظيم أو غيابه إلى قدرة هذه الشركات على اكتساب القوة السوقية واحتكار القطاع.
ومن خلال تحديد مجموعة متنوعة من المشاكل والظروف التي عززتها، فإن هذه الدراسة تساعد على بناء أسس الإصلاح. ولكن السؤال المطروح هو عن مدى استعداد المصلحين والمنظمين والمواطنين، وحول شجاعتهم على القتال من أجل تحقيق تغييرات هيكلية وجذرية.