"زهرة إلى سان فرانسيسكو" مختارات عربية لشاعر التأمل النيكاراغوي

لغة الترجمة نجحت في تحقيق عبور آمن بين الثقافتين اللاتينية والعربية متخذة من المشترك الإنساني صلة وصل عابرة للحدود والثقافات.
الثلاثاء 2022/08/16
شاعر يكشف الوجدان البشري برؤاه

عمان - يتضمن كتاب “زهرة إلى سان فرانسيسكو” قصائد للشاعر النيكاراغوي فرانسيسكو دي أسيس فرناندس، اختيرت من دواوينه “خيانة الأحلام” و”الجريمة الكاملة” و”اكتشاف الأبراج” التي كتبها وهو في حالة صحية حرجة بعد إصابته بمرض أبطأ حركته وحدّ من تواصله مع العالم الخارجي.

واضطلعت بمهمة ترجمة النصوص عن الإسبانية الكاتبة والصحافية الفلسطينية غدير أبوسنينة، التي خبرت جيدا عناصر الثقافة في أميركا الجنوبية وخاصة في نيكاراغوا التي انتقلت للعيش فيها منذ سنوات، وبلغ عدد القصائد المدرجة 38 قصيدة تنوعت موضوعاتها بين استذكار الشاعر لطفولته، وحنينه إلى المكان، وحديثه عن تجاربه مع المرأة، وتقديمه تأملات فلسفية تمس وجود الإنسان في هذا العالم.

يقول فرناندس في مقطع يستذكر خلاله طفولته: “طفولتي / لماذا تقْتحم أحلامي؟ / وتنْزع بواطني /  كمحيط همجي / يقضي علي في لحظات، / كمن يتربص بي من النوافذ؟ / هي ما تبقى لي من حياة. /  بيتٌ مشتعلٌ لا ينجو من لهبه أحدٌ / حلاوة هذي السنين”.

ويقول في مقطع أخرى: “أريد أن أصير نجمة مسكونة بالشغف / تماما مثل حياتي تحت القمر، / مليئة بالأوهام لأعيش / مليئة بالأوهام لأموت، / مزروعة بالورود العاشقة في البحر، / وأسمع ضجيج الخوف من المجهول وهي تتقدم نحوي، / في حين أسمع ضجيج النجوم وهي تتنبأ مستقبلي”.

ورغم خصوصية نصوص فرناندس وتفرد تشكيلاتها اللغوية وعمق دلالاتها، إلا أننا نستشعر ذلك الثراء الذي يحيط بعوالمها، وفرادة التخييل وارتباطه الإنساني بمحيطه وما يعتمل داخله من رقة وصدق في المشاعر والأحاسيس. وهو ما يؤكد أن الشعر في أميركا اللاتينية يواصل تأكيد خصوبته المفعمة بالحياة وتطوره وقدرته على أن يكون كاشفا لارتباطاته بتجليات الذات وما يعتركها من مشكلات وهموم وطموحات وأحلام داخلية وخارجية.

وحرصت المترجمة في الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون”، على إبراز أفكار الشاعر ضمن قالب لغوي ينقل رهافة فكره، وقدرته على تلمس أبسط الأفكار وتحويلها إلى مشاهد ذهنية تمكن القراء من مشاركته تأملاته، وتشجعهم على إعادة التفكير في الكثير من القضايا اليومية التي تحيط بهم.

ونجحت لغة الترجمة كذلك في تحقيق عبور آمن بين الثقافتين اللاتينية والعربية، متخذة من المشترك الإنساني صلة وصل عابرة للحدود والثقافات.

يذكر أن فرناندس ولد في عام 1945، وأصدر منذ عام 1968 اثني عشر ديوانا، كان آخرها “هناك بيت شعر في ألسنة اللهب” (2018). وهو مؤسس مهرجان غرناطة العالمي للشعر الذي يقام في نيكاراغوا كل عام. وفي عام 2010، أصيب فرناندس بسكتة دماغية تسببت في شلل في الطرف الأيمن من جسده، وأجريت عليه عمليات جراحية عدة، ورغم ذلك استمر في كتابة الشعر باستخدام جهاز الآيباد، بعد أن لم تعد أعصابه تمكنه من استخدام القلم.

أما غدير أبوسنينة فتقيم منذ عام 2004 في نيكاراغوا، وهي حاصلة على الماجستير في اللغة الإسبانية وآدابها والبكالوريوس في اللغة الفرنسية. صدر لها كتاب بعنوان “إخوتي المزينون بالريش” وفاز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة. ترجمت نصوصا لمئات الشعراء من أميركا اللاتينية والعالم الهسباني، منها: “خان القوافل”، و”نشيد المورو”، و”كتاب الحرف الحزينة”، و”مختارات شعراء عرب من أصول أميركولاتينية”.

13