زعيمة شباب المناخ تلاحق قادة العالم على مركب شراعي

أمام تقاعس قادة العالم في حل أزمة المناخ ومكافحة الاحترار ينطلق شباب العالم في احتجاجاتهم التي تتواصل كل جمعة أطلقتها الشابة السويدية غريتا تونبرغ التي تسافر اليوم على متن مركب شراعي إلى نيويورك لتحضر القمة العالمية للأمم المتحدة حول المناخ والمشاركة في احتجاجات مناخية
بليموث (المملكة المتحدة) - أبحرت غريتا تونبرغ نجمة مكافحة الاحترار المناخي الشابة إلى نيويورك الأربعاء على متن مركب شراعي لا يصدر أي انبعاثات كربونية، يقوده فرد من العائلة المالكة في موناكو لتحضر القمة العالمية للأمم المتحدة حول المناخ في 23 سبتمبر المقبل، وكذلك للمشاركة في احتجاجات مناخية مقررة في 20 و27 سبتمبر.
وتستغرق هذه الرحلة أسبوعين وتنطلق من بليموث في إنكلترا باتجاه نيويورك، حيث تعقد في سبتمبر قمة الأمم المتحدة العالمية حول المناخ.
وذاع صيت المراهقة السويدية، 16 عاما، إثر مواظبتها على حمل لافتة كل يوم جمعة أمام مقرّ البرلمان في ستوكهولم كتب عليها “إضراب عن المدرسة من أجل المناخ”، وتحوّل الإضراب إلى حركة عالمية تطالب بالتحرّك لمواجهة مشكلة تغيّر المناخ تحت شعار “أيام الجمعة من أجل المستقبل”.
وفي مقال نشر في صحيفة سودويتشه تسايتونغ الألمانية في وقت سابق، أطلقت السويدية، نداء ملحّا لأكبر مسيرات ممكنة في أوروبا وحول العالم.
غريتا تونبرغ: من المستغرب جدّا ألا يتجرّأ البالغون على تحمّل مسؤولياتهم وأن يقوم الشباب والأطفال بذلك
وأوضحت في المقال، “حان الوقت لنناضل كلنا على الصعيد العالمي، ويخيّل لنا أنّ بالغين كثيرين لم يستوعبوا بعد أنه ليس في وسعنا نحن الشباب أن نحلّ أزمة المناخ بمفردنا”.
وألقت المراهقة السويدية خطابات أمام زعماء العالم في مختلف المناسبات، إذ تحدثت عن فشلهم، بسبب عدم القيام بما يكفي لوقف تغيّر المناخ.
وقالت إنّ “الحكومات والأوساط الاقتصادية ووسائل الإعلام هي التي لا تبذل ما يكفي من الجهود، وليس نحن. ومن المستغرب جدا ألاّ يتجرّأ البالغون على تحمّل مسؤولياتهم وأن يقوم الشباب والأطفال بذلك”.
وقال البعض إنّ تظاهرات “الجمعة من أجل المستقبل” مناسبة جميلة للهروب من المدرسة، لكنّ استطلاعا لجامعة كونستانس فنّد هذا الحكم المسبق، حيث أن 95 بالمئة ممن شملهم
الاستطلاع كانوا على قناعة من أن نشاطهم يمكن أن يغيّر شيئا ما، ولكن في المقابل وجد 10 بالمئة فقط، بأن هذه التظاهرات تشكّل أيضا فرصة للهروب من المدرسة.
ورفضت تونبرغ التوجّه إلى نيويورك بالطائرة بسبب الانبعاثات الكربونية التي تصدرها وسيلة النقل هذه.
وعرض بيار كازيراغي، ابن الأميرة كارولين شقيقة ألبرت الثاني أمير موناكو، عليها مجانا مركبا يتيح لها عبور 3 آلاف ميل بحرية لتوصل رسالتها إلى الولايات المتحدة.
ففي هذا البلد، “لا يستوعب كثيرون ولا يتقبّلون الخلاصات العلمية”، بحسب ما قالت المراهقة قبل انطلاقها في هذه المغامرة.
وقالت “عليّ أن أواصل القيام بما أقوم به عادة، أي تجاهلهم وترداد ما يقوله العلم”.
ويقضي هدف تونبرغ “بإنشاء حركة رأي عام عالمي ليرصّ الناس الصفوف ويضغطوا على الزعماء”.
وينضمّ والدها سفانتي تونبرغ والمخرج السينمائي ناثان غروسمان أيضا إلى الرحلة على المركب الشراعي التي تعتمد على الظروف الجوية.
كما تزور تونبرغ كندا والمكسيك قبل الانضمام إلى مؤتمر الأمم المتحدة السنوي حول تغيّر المناخ، الذي تستضيفه شيلي في ديسمبر القادم.
ويدعى المركب الشراعي الذي استقلّته الشابة السويدية “ماليزيا 2” طوله 18 مترا، يقوده بيار كازيراغي من موناكو والربّان الألماني بوريس هرمان.
والمركب مزوّد بألواح شمسية وتوربينات لتوليد التيار الكهربائي الذي يغذّي أجهزة الملاحة والقيادة التلقائية وأجهزة تحلية المياه، فضلا عن مختبر لقياس مستوى ثاني أكسيد الكربون في المياه.
والجهاز الوحيد الذي يعمل بالطاقة الأحفورية على متن هذا المركب هو موقد غاز يستخدم لتسخين المياه. وصُمّم هذا المركب للسباقات وقد تصل سرعته إلى 70 كيلومترا في الساعة، لكن القبطان هرمان يعتزم الإبحار بوتيرة أبطأ.
وقال هرمان خلال التحضير للانطلاق من مرفأ بليموث في إنكلترا، “مرادنا أن نصل سالمين إلى نيويورك”.
ومن المستبعد أن ينقلب هذا المركب، إذ أن عارضته الأساسية ترتفع على 4.5 متر. وقال “إن هذه سوف تكون أول رحلة بحرية للفتاة. هذه مسؤولية كبيرة”.
وقال في وقت سابق، “أشعر بالتواضع لقبول غريتا عرضنا بوصفه أقلّ الخيارات من حيث انبعاثات الكربون لعبور المحيط رغم عدم توفر سبل الراحة بالنسبة لها”.
وقبل هذه المغامرة، لم تكن غريتا تونبرغ قد أبحرب يوما، وقد عانت من دوار البحر الاثنين الماضي، لكنها لا تخشى خوض هذه الرحلة بالرغم من أن وسائل الراحة فيها ليست مثالية. وعلى متن هذا المركب الضيّق، أربعة أسرّة الواحد فوق الآخر لغريتا ووالدها والسينمائي غروسمان الذي سيصوّر وثائقيا عنها. ويقوم دلو من البلاستيك مقام المرحاض. ويتناوب هيرمان وكازيراغي على النوم في السرير الرابع.
وقالت غريتا التي أمضت ساعات في القطار وهي تجوب أوروبا لنشر رسالتها “لا يسعنا أن نكون شديدي التطلّب عندما نعبر الأطلسي بالمجان. وأنا ممتنّة لما قدّم لي”.
ونجحت غريتا تونبرغ في حشد حوالي 20 ألف إنسان في برلين وحدها في 29 أبريل، غالبيتهم من جيل الشباب ضمن تظاهرة “يوم الجمعة من أجل المستقبل”، والتي تعتبر ذروة المظاهرات حول المناخ التي حصلت في ألمانيا حتى الآن.
وأشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالشابة السويدية والتحركات الشبابية من أجل المناخ قائلة، إنَّ “الجدّية التي تحلّت بها غريتا تونبرغ وكثيرون آخرون لإظهار أنَّ المسألة تتعلّق بحياتهم دفعتنا إلى مجابهة الأمور بحزم أكبر”.
وأشارت، إلى أنَّ حكومتها ستقدّم في 20 سبتمبر خطّتها لتخفيض انبعاثاتها لغازات الدفيئة تخفيضا جذريا، وأبرز بنودها التوقّف عن استخدام الفحم لتوليد الكهرباء.
وقرّرت الحكومة الألمانية التوقّف عن استعمال المحطات الحرارية العاملة بالفحم بحلول 2038، لكنّ ناشطين كثيرين يرون هذه المهلة بعيدة جدّا.