زخم نشاط السياحة المغربية يجذب المزيد من المستثمرين الأجانب

الرقم المحقق في السياحة بالمغرب يمثل قفزة مذهلة بلغت 20 في المئة مقارنةً بعام 2023 وزيادة بنسبة تفوق عن 33 في المئة عن مستويات ما قبل جائحة 2019.
الاثنين 2025/01/13
القوة تكمن في جودة الخدمات

ساعد الانتعاش الذي باتت عليه السياحة المغربية بعد الخروج من أزمة الإغلاق بسبب الجائحة، في جذب اهتمام مستثمرين أجانب من وجهات جديدة غير معتادة، بما في ذلك دول غرب أفريقيا، بعدما كان القطاع حكرا على المستثمرين من دول الخليج وأوروبا بشكل أساسي.

الرباط- وضع المسؤولون المغاربة منذ مطلع العام الماضي جزءا كبيرا من رهاناتهم على تحفيز صناعة السياحة خلال المرحلة المقبلة من أجل جذب المزيد من الاستثمارات باعتبارها أحد المحركات المهمة لتنمية الاقتصاد.

وتستقطب هذه الصناعة التي تعول عليها السلطات كثيرا في التنمية، استثمارات سنوية بأكثر من 8 مليارات درهم (800 مليون دولار) في المتوسط، بحسب أرقام وزارة السياحة.

وبعد مرور عام واحد فقط منذ أن ضرب زلزال مدمر جبال الأطلس الكبير، على مشارف مدينة مراكش، بات البلد الآن الوجهة الأكثر زيارة في أفريقيا. وفي 2024، استقبلت البلاد 17.4 مليون زائر، وفقا للبيانات الرسمية.

وهذا الرقم منح المغرب رسميا التفوق على مصر، رائدة السياحة السابقة في قارة أفريقيا، والتي حطمت أيضاً رقمها القياسي في الوافدين حيث استقبلت 15.7 مليون زائر في 2024.

مصدق بالي: أزالاي تستهدف محفظة أولية تضم 5 فنادق قبل 2030
مصدق بالي: أزالاي تستهدف محفظة أولية تضم 5 فنادق قبل 2030

وبينما لا ترصد هيئات إدارية أرقام السياحة لكل الدول الأفريقية، لكن منظمة السياحة التابعة للأمم المتحدة ومجلس السفر والسياحة العالمي يؤكدان أن دول شمال أفريقيا تتفوق على دول جنوب الصحراء الكبرى من حيث حجم السياحة.

ويمثل الرقم المحقق في السياحة بالمغرب قفزة مذهلة بلغت 20 في النئى مقارنةً بعام 2023 وزيادة بنسبة تفوق عن 33 في المئة عن مستويات ما قبل جائحة 2019 عندما استقبلت البلاد 13 مليون زائر، وهو ما جعلها تحقق هدفها قبل عامين من المستهدف.

وقالت وزارة السياحة في بيان أصدرتها الخميس الماضي، إن “عدد الوافدين هذا العام كان قبل عامين من الهدف.” وتتوقع أن يستقبل المغرب 26 مليون سائح بحلول عام 2030، عندما تستضيف البلاد كأس العالم بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال.

وفتح المغرب خطوط جوية إضافية إلى أسواق سياحية رئيسية مع الترويج لوجهات جديدة داخل البلاد وتشجيع تجديد الفنادق.

وخلال الفترة بين يناير ونوفمبر 2024، ارتفعت عائدات السياحة بنسبة 7.2 في المئة إلى مستوى قياسي بلغ 9.95 مليار دولار، وفقًا للهيئة التنظيمية للنقد الأجنبي في المغرب.

ويلعب قطاع السياحة دورا مهما في اقتصاد البلاد حيث يسهم بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويُعتبر من مصادر جلب العملة الصعبة، فضلاً عن توفيره الوظائف لاسيما للشباب، وتأثيره الإيجابي على قطاعات اقتصادية أخرى.

والزخم الذي يعرفه القطاع والتوقعات الإيجابية المرتبطة باستضافة كأس العالم 2030، شجع مجموعة أزالاي، التي تتخذ باماكو عاصمة مالي مقرا لها، للتخطيط لدخول السوق المغربية.

وقال مصدق بالي، الرئيس التنفيذي للشركة في تصريح لبلومبيرغ الشرق إن “أزالاي تستهدف محفظة أولية تضم 5 فنادق على الأقل قبل نهاية العقد الجاري.”

والفنادق الخمسة التي تخطط لها الشركة ستكون بطاقة استيعابية إجمالية تناهز 600 غرفة، وفي حال بنائها كلها فإن ذلك سيكلف أكثر من 70 مليون دولار.

وبحسب مصدق بالي، وهو يشغل أيضاً منصب رئيس اتحاد أرباب العمل في بلاده، فإنه “إذا استحوذنا على فنادق قائمة وقمنا بتجديدها ستكون التكلفة أقل من ذلك.”

وتدير أزالاي 11 فندقاً في ثمانية بلدان أفريقية ولديها مشاريع جديدة في ثلاث دول أخرى، ويُرتقب أن يرتفع عدد فنادقها إلى 15 فندقاً في غرب ووسط أفريقيا، آخرها موريتانيا، بقدرة استيعابية تناهز 1700 غرفة في المجموع.

واعتبر بالي أن المغرب يمثل وجهة رئيسية للسياح، كاشفاً عن زيارته عدداً من الفنادق القائمة في السوق المغربية لبحث إمكانية الاستحواذ عليها.

800

مليون حجم الاستثمارات التي يستقطبها القطاع سنويا في المتوسط، وفق البيانات الرسمية

وقال “نحن مهتمون بالتواجد في مدن رئيسية مثل الدار البيضاء، والرباط، وطنجة، ومراكش، عن طريق الاستحواذ على فنادق قائمة، أو البناء، أو الشراكة والتشغيل مع مستثمرين محليين، ونأمل أن نكون جاهزين قبل تنظيم كأس العالم بنهاية العقد الحالي.”

وتستهدف المجموعة المالية فنادق مخصصة لسياحة الأعمال، إذ يوضح مصدق بالي أن “نموذج الأعمال المعتمد لدينا لا يركز على الفنادق الترفيهية، بل على المدن الكبرى حيث تُنظم المؤتمرات والفعاليات الكبرى.”

ومن غير المعتاد أن تجذب الفنادق استثمارات أجنبية من بلدان من غرب أفريقيا، فهو قطاع لطالما كان محتكراً من طرف المستثمرين المغاربة والأوروبيين والأميركيين والخليجيين.

وقال الزبير بوحوت، الخبير في القطاع السياحي إن “هذه إشارة مهمة تعني أن المملكة تحظى باهتمام شريحة جديدة من المستثمرين.”

وفي الفترة الماضية، اشترت علامات عالمية معروفة وكذلك مستثمرون مغاربة عدة فنادق كانت مغلقة في مدن سياحية كبرى وذلك لتشجيع الاستثمار في القطاع، خاصة ما تعلق منه بمجال الضيافة.

وتعوّل الحكومة المغربية على استقطاب 26 مليون سائح بحلول نهاية العقد الجاري، وهو ما يمثل زيادةً بنحو 50 في المئة، مقارنةً بالرقم المحقق العام الماضي.

وللوصول إلى المراكز الخمسة عشر الأولى حاليا، يتعين على المغرب إزاحة اليابان، التي استقبلت 25 مليون سائح دولي في 2023، وهو أحدث عام تتوفر بخصوصه بيانات منظمة الأمم المتحدة للسياحة.

لا يقتصر الأمر على العدد، فقد شهدت البلاد أيضا وصول عائدات السياحة إلى مستويات مرتفعة جديدة في العام الماضي، حيث بلغت 11 مليار دولار على مدار فترة 12 شهرا، مقارنة بنحو 10.5 مليار دولار في 2023.

11