زخم جديد ومتسارع لمبادرة طريق الحرير الصينية

اكتسبت مبادرة الحزام والطريق زخما جديدا خلال المنتدى السنوي الذي عقد في بكين، خاصة في ظل انفراج وشيك للتوترات التجارية مع الولايات المتحدة وانفتاح الكثير من البلدان الأوروبية على الانضمام إليها بعد تحفظات شديدة استمرت سنوات.
بكين - كشف الرئيس الصيني شي جين بينغ عن إبرام صفقات كبرى تصل قيمتها إلى 64 مليار دولار خلال منتدى “الحزام والطريق” الثاني، الذي اختتم أعماله في العاصمة الصينية بكين.
واستغل شي هذا الحدث ليكرر دعوته للمزيد من الدول إلى الانضمام إليها بهدف تحسين مناخ التجارة والاستثمار في العالم.
وذكرت وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) أنه تم التوقيع على حزمة من الاتفاقيات الاستثمارية خلال قمة للرؤساء التنفيذيين في العاصمة بكين.
ويأتي المنتدى الثاني للحزام والطريق الذي جمع ممثلين من أكثر من 100 دولة لبحث المبادرة، بعد أكثر من خمس سنوات من إطلاق شي مشروع البنية التحتية الواسع لبناء طرق وجسور وخطوط أنابيب وموانئ في مختلف دول العالم وربطها بالسوق الصيني.
واستغل شي خطابه الختامي أمام المنتدى ليؤكد أن مشروع البنية التحتية الهائل سيركّز على “تنمية مفتوحة ونظيفة وصديقة للبيئة” مع الأطراف المختلفة التي تجري “مشاورات على قدم المساواة”.
وتهدف السياسة الخارجية لشي إلى إحياء طريق الحرير القديم للربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر استثمارات كبيرة في مشاريع بحرية وطرق وسكك حديد بمئات المليارات من الدولارات بتمويلات من المصارف الصينية.
283 خدمة باتت تحمل اسم الحزام والطريق تتضمن حزمة من الاتفاقات، وفق وثيقة كشفت عنها بكين
لكنّ منتقديه يرون أن المشروع الذي أطلق قبل خمس سنوات يهدف إلى تعزيز نفوذ الصين ويفتقد إلى الشفافية ويميل إلى مصلحة الشركات الصينية، ويغرق الدول في ديون ويسبب أضرارا للبيئة.
وتنظر الولايات المتحدة والهند وبعض الدول الأوروبية بشك إلى المشروع. ولم ترسل واشنطن أي ممثل لها إلى القمة.
وتنتقد الحكومة الأميركية مبادرة الحزام والطريق، وهي مشروع تصل قيمته إلى تريليون دولار لإقامة طرق وجسور وخطوط أنابيب وموانئ حول العالم وربطها بالسوق الصينية، بإيقاع الدول النامية في ديون بعرض تمويل رخيص لا يمكنها تحمّله.
غير أن خطب شي وكذلك تغطية وسائل الإعلام الصينية الدولية للفعالية، حاولت تبديد هذه المخاوف.
وحقّقت الصين مؤخرا انتصارا كبيرا عندما أصبحت إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول الصناعية السبع التي توقع على المبادرة في وقت سابق من هذا الشهر، بينما بعثت سويسرا بإشارات إلى أنها ستوقّع على المبادرة قريبا.
وأكد شي أن المنتدى هذا العام رسالة واضحة إلى أن المزيد والمزيد من الأصدقاء والشركاء سينضمون إلى المبادرة.
وقال “لقد أشرت في الكثير من المناسبات إلى أنه بينما أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق إلا أن الفرص والنتائج يتم تقاسمها من قبل دول العالم”.
وتجمّع أمام بحيرة يانكي خارج بكين قادة من أوروبا وأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لإعلان بيان مشترك، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
وأثارت المشاريع المقررة الممولة خصوصاً من قروض البنوك الصينية واستثمارات، القلق من أن الدول الأكثر فقرا ستغرق في الديون، فعلى سبيل المثال، منحت سريلانكا الصين ميناء بحريا عميقا لمدة 99 سنة بعد إخفاقها في رد ديونها لبكين.
وفي بيان صدر في ختام اللقاء، شجع القادة المشاركون المصارف الإنمائية متعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية على دعم المشاريع بـ”وسائل مستدامة مالياً” وتشغيل رأس المال الخاص بما يتوافق مع الحاجات الداخلية.
وجاء في البيان الختامي للمشاركين “نؤكد على أهمية الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والضريبية والمالية والبيئية لهذه المشاريع”.
وبحسب مسودة البيان، فإن مبادرة الحزام والطريق ترحب بمشاركة دول نامية ومستثمرين دوليين إلى المشاريع.
وقالت ناديغي رولاند الباحثة في مركز المكتب القومي للأبحاث الآسيوية في الولايات المتحدة إن “الصين، التي تواجه مقاومة متصاعدة منذ عام ونصف العام وتتعايش مع صورتها كدائنة، تحاول أن تعيد ترتيب مبادرة الحزام والطريق وتوجيه رسالة مطمئنة”.
وأصدرت وزارة المالية الصينية الخميس توجيهات حول تقييم المخاطر المالية واستدامة الديون، للمساعدة في تقدّم المشاريع في دول “مبادرة الحزام والطريق”.
لكن الوثيقة توضح أن الدول التي تواجه أصلا مشاكل ديون أو هي في خضّم إعادة هيكلة مدفوعاتها، لا يمكن تلقائيا وضع ديونها ضمن قائمة لا يمكن تحملها مستقبليا.
ونشرت بكين السبت لائحة من 283 خدمة باتت تحمل اسم الحزام والطريق، تتضمن اتفاقات بين متاحف ومهرجانات فنية وتعاونا في مجال الفضاء، في مؤشر على أن المبادرة أداة قوة ناعمة أساسية بالنسبة للصين.
وواجهت مشاريع المبادرة انتكاسات في بعض الدول، ففي ماليزيا، ألغى رئيس الوزراء مهاتير محمد بعض المشاريع المخطط لها، وأعاد التفاوض على مشروع سكة حديد، مخفّضا كُلفة تلك المشاريع بنسبة 30 بالمئة.