زخم تشريعي في البرلمان المصري قبل انتهاء دورته الأخيرة

الأغلبية الموالية للحكومة تسمح بتمرير القوانين بهدوء.
الأحد 2024/11/24
اهتمام حكومي بالغ بالبرلمان

سيطرة الموالين على الحكومة يتيح تمرير قوانين في صالحها، وليس قوانين تحرجها، فهناك شكوك حول ما إذا كان البرلمان ينوي إدخال تعديلات على قانون الانتخابات وسط مطالبات من بعض الأحزاب لإجرائها بالقائمة النسبية.

القاهرة - ناقش البرلمان المصري مجموعة من القوانين لها تأثيرات سياسية ومجتمعية مهمة منذ بدء دور انعقاده الحالي، والذي انطلق في أكتوبر الماضي ويستمر حتى يوليو المقبل، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، في وقت كان يواجه فيه انتقادات بسبب خفوته منذ انطلاق جلسات الحوار الوطني، الذي بدا وعاء يشمل تمثيلا سياسيا متنوعا، على عكس مجلس النواب، حيث سيطرت عليه أغلبية موالية للحكومة.

وأقرّ البرلمان المصري بشكل نهائي أول قانون ينظم شؤون اللاجئين في البلاد الثلاثاء، ويناقش مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والذي يوصف بأنه “دستور ثان”، ويختص بضمان تحقيق العدالة وتكريس حقوق الأفراد وحرياتهم بشكل فعال، وينتظر 30 مليون عامل مصيرهم مع قانون العمل الجديد الذي بدأ النقاش حوله مؤخراً.

ووافق البرلمان على قانون ينظم النزاعات الضريبية، كان ينتظره قطاع كبير من المصريين، وناقش تعديلات قانون التصالح في مخالفات البناء الذي يهم شريحة كبيرة من المواطنين، وشكل لجنة لتعديل قانون الإيجار القديم.

ورأت دوائر حكومية أهمية تمرير بعض القوانين دون ضغوط قد تُغير خطط السلطة بشأن أهدافها من إصدار تلك التشريعات، مع سيطرة حزب مستقبل وطن على غالبية مقاعد البرلمان، وتأييد أحزاب أخرى محسوبة على الحكومة مثل حزب “حماة وطن”، وتضاؤل تأثير المعارضة، ما يفرز وضعية سياسية تتسم بالهدوء في البرلمان.

عمرو هاشم ربيع: تزايد أعداد اللاجئين دفع نحو الإسراع لإقرار قانون اللجوء
عمرو هاشم ربيع: تزايد أعداد اللاجئين دفع نحو الإسراع لإقرار قانون اللجوء

وتستهدف الحكومة تمرير قوانين لها خلفية سياسية، مثل مواد الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، وحق الإضراب للعمال في قانون العمل، وفتح الباب أمام تواجد مستقبلي واسع للاجئين، مع وجود اعتراضات شعبية على هذا التوجه.

وتدرك الحكومة أن التركيبة الحالية لن تتكرر في الانتخابات المقبلة، لأن مجلس النواب من المقرر أن يناقش مواد قانون إجراء الانتخابات التي أوصى بها الحوار الوطني وأحالها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحكومة لإقرارها من البرلمان.

وتثار شكوك حول ما إذا كان البرلمان ينوي إدخال تعديلات على قانون الانتخابات وسط توالي المطالبات من بعض الأحزاب لإجرائها بالقائمة النسبية بدلاً من القائمة المطلقة المغلقة، وتوسيع دائرة مقاعد الفردي، ما يتيح حضورا أكبر للمعارضة والمستقلين في البرلمان في تشكيلته القادمة، وتريد الحكومة استباق أيّ ضغوط قد تتعرض لها وتسعى لتمرير القوانين التي يمكن وصفها بالشائكة عبر دورة البرلمان الحالية.

وقال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو هاشم ربيع إن البرلمان يشهد في دورته الأخيرة زخما تشريعيا بعد أن ظلت الأجواء هادئة على المستويين التشريعي والرقابي مؤخرا، وأن المناخ السياسي العام يدعم إنهاء الجدل حول قوانين مهمة من خلال إقرارها بشكل نهائي وبدء تنفيذها.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن التطورات المرتبطة بأوضاع اللاجئين بعد تزايد أعدادهم دفعت نحو الإسراع لإقرار قانون اللجوء، والوضع ذاته بالنسبة إلى قانون الإجراءات الجنائية الذي جرى تعديله بشكل كلي مع توصيات الحوار الوطني بتعديل قانون الحبس الاحتياطي ووضع بدائل لعقوبة الحبس، كما أن قانون العمل يرتبط بأوضاع صعبة أفرزتها الأوضاع الاقتصادية على مستوى كل من العمال والمستثمرين، نهاية بقانون الإيجارات القديمة الذي جاء على رأس القوانين المهمة بفعل الحكم الصادر من المحكمة الدستورية أخيراً.

وأشار ربيع إلى أن تركيبة البرلمان القادمة سوف تتضح معالمها من خلال ما سيقدم عليه البرلمان تجاه قانون الانتخابات، ورغم قناعة الكثيرين بأن وضعيته القائمة حاليا مع سيطرة تيار واحد لن تسمح بإفراز برلمان متعدد بنظام القائمة النسبية، غير أن دوائر رسمية قدمت وعوداً بأن تركيبة البرلمان الجديدة سوف تكون مختلفة، ما يدفع الحكومة لتمرير أكبر عدد من التشريعات التي يصاحبها جدل في هذه الدورة.

سميرة الجزار: البرلمان يحاول الاستجابة لأهداف النقاش المجتمعي
سميرة الجزار: البرلمان يحاول الاستجابة لأهداف النقاش المجتمعي

وينتظر البرلمان المصري مناقشة مجموعة من القوانين المهمة، في مقدمتها قانون المسؤولية الطبية وحماية المريض، وهو معني بتحقيق التوازن بين المريض والفريق الطبي، وقانون الشرطة الجديد ويتضمن قانونا للمرور، وقانون أملاك الدولة الخاصة، وتعزيز النزاهة والشفافية بالشركات، ويأتي على جدول الأعمال المرتقب أيضا قانون الإدارة المحلية.

وأكدت عضو الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي سميرة الجزار أن رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي تحدث منذ اليوم الأول لانطلاق هذه الدورة البرلمانية عن وجود عديد من القوانين التي على البرلمان تمريرها، وطالب النواب بالاستعداد ذلك مع حديثه عن أن القوانين تهدف لإصلاح المنظومة التشريعية، وأن دوائر حكومية عديدة تولي اهتماما بتلك القوانين التي تتزامن مع توترات خارجية قد تفرز أوضاعا مضطربة تطال دول المنطقة.

وأوضحت الجزار في تصريح لـ”العرب” أن البرلمان يحاول القيام بدور يحقق أهداف النقاش المجتمعي حول مجموعة من القوانين الحيوية، وينتظر إحالة قانون الانتخابات البرلمانية إليه، كما أن الحكومة من المتوقع أن تعيد تقديم قانون العمل بعد أن سحبته للمرة الثانية، والأمور لم تتضح بشأن إمكانية النقاش حول قانون المحليات من عدمه.

وواجه البرلمان انتقادات شعبية عدة، لأنه سن الكثير من القوانين التي ترتبت عليها مضاعفة الأعباء الاجتماعية على شريحة كبيرة من المواطنين، وخرجت بعد نقاشات لم تتسم بالجدية، أو الأخذ بأصوات المعارضة الضئيلة، كما أن ضعف الأدوار الرقابية ساهم في تراجع الأداء الحكومي، ويمكن أن يشكل إحراز مغانم سياسية قبل انتهاء فترة عمل هذا البرلمان هدفا لأعضاء يسعون لكسب أصوات أبناء دوائرهم مجددا.

كما أن تعامل مجلس النواب بتركيبته الراهنة مع القوانين المقدمة إليه يمكن أن يساهم في كسب الثقة حال ضبط بوصلته على ما يريده الرأي العام، لكن سيواجه قطيعة قد تمتد للانتخابات المقبلة إذا استمر على نهج الموافقة على ما تريده الحكومة، ما يشكل خطرا تسعى جهات حكومية لعدم الوصول إليه خوفا من تداعياته المجتمعية السلبية.

3