زخم القطاع الخاص يساند اقتصاد الكويت في وجه التقلبات

الكويت- تعطي تقييمات صندوق النقد الدولي بشأن قدرة الاقتصاد الكويتي على مواجهة الرياح العالمية المعاكسة هذا العام والمقبل في ظل زخم نشاط القطاع الخاص المزيد من الدفع المعنوي للبلد رغم استمرار العراقيل السياسية.
وتوقع خبراء المؤسسة المالية الدولية المانحة في تقرير بعد ختام مشاورات المادة الرابعة أن “يظل الاقتصاد غير النفطي الكويتي قويا هذا العام”، الأمر الذي يساند الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في مواجهة تقلبات أسعار النفط وإنتاجه وبطء نمو الطلب الخارجي.
وبينما من المرجح هبوط النمو هذا العام إلى 0.1 في المئة، قدر الصندوق نمو الاقتصاد غير النفطي بنحو 3.8 في المئة بفضل التنشيط المالي والانتعاش الجزئي في توظيف الوافدين، بالرغم من بطء نمو الائتمان الحقيقي.
وتزامن صدور التقرير الذي أوردته وكالة بلومبرغ مع إدلاء الكويتيين الثلاثاء بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الأمة، وعددهم خمسون، في سابع انتخابات تشريعية تُجرى بالبلاد منذ عام 2012.
3.9
في المئة النمو المتوقع للاقتصاد غير النفطي هذا العام مع ارتفاع طفيف في الناتج المحلي
ويشهد البلد الخليجي العضو في منظمة أوبك منذ سنوات أزمات سياسية متكررة جعلته يبتعد كثيرا عن تنفيذ رؤية 2035 التي تتضمن في الكثير من محاورها خططا لتنويع اقتصاد ظل معتمدا على الخام لعقود.
وذكر تقرير الصندوق أن تقلبات أسعار النفط وإنتاجه الناجمة عن عوامل عالمية تفرض مخاطر على النمو والتضخم، وكذلك على رصيد المالية العامة والرصيد الخارجي للكويت.
وأوضح أن حدوث تباطؤ أعمق في النمو العالمي، ربما بسبب زيادة تشديد السياسة النقدية أو الضغوط في القطاعات المصرفية لكبرى الاقتصادات المتقدمة، يمكن أن يؤثر سلباً على اقتصاد الكويت.
وفيما يخص المخاطر على المستوى المحلي، يمكن أن يؤدي التأخر في تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة إلى استمرار السياسة المالية العامة الحالية، وتقويض ثقة المستثمرين، بينما يحول دون التقدم نحو تنويع النشاط الاقتصادي وتعزيز قدرته التنافسية.
وفي مايو الماضي منحت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرة مستقبلية متشائمة لرؤية الكويت 2035 التي أطلقتها في عام 2016، عكس خطط دول الخليج الخمس الباقية، التي صنفتها إما بشكل إيجابي أو إيجابي إلى حد ما أو حيادي أو سلبي إلى حد ما.
وأشارت إلى أن الكويت ستتخلف في إستراتيجيات وخطط التنويع الاقتصادي الخاصة بها، إذ إن البيئة السياسية الصعبة في البلاد أدت إلى تأخير التقدم في خطط التنويع الاقتصادية الخاصة.
وعلى الجانب الإيجابي، فإن تسوية حالة الجمود السياسي يمكن أن تعجل الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة، وتعزز ثقة المستثمرين وتحفز الاستثمارات الخاصة.

ويتوقع خبراء الصندوق هبوط فائض المالية العامة الكلي إلى 6.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2023، وهبوطه باطراد بعد ذلك ليتحول إلى عجز على المدى المتوسط.
ولكن بعد السنة المالية الحالية، التي ستنتهي في أواخر مارس 2024، ستحتاج الحكومة الكويتية إلى ضبط أوضاع المالية العامة لعكس مسار هذا الاتجاه العام المتوقع.
ويطالب خبراء الصندوق بضرورة ترشيد فاتورة أجور القطاع العام، وأيضا إلغاء الدعم الكبير على الطاقة بالتدريج مع الاستعاضة عنها بدعم الدخل الموجه إلى الأسر محدودة الدخل.
وتتوقع الحكومة الكويتية تحقيق عجز مالي في الميزانية الحالية بنحو خمسة مليارات دينار (16.4 مليار دولار) مع تقديرها المتحفظ لسعر النفط وزيادة الدعم والتزامها بسداد استحقاقات متراكمة منذ سنوات.
ولزيادة الإيرادات غير النفطية يطالب الصندوق بفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة خمسة في المئة، وفرض ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات المُحلاة، كما جرى الاتفاق عليه مع بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى في 2015 و2016.
6.9
في المئة النسبة المتوقعة لهبوط فائض المالية العامة الكلي من إجمالي الناتج المحلي في 2023
وإضافة إلى ذلك ينبغي توسيع ضريبة دخل الشركات البالغة نسبتها 15 في المئة لتغطي الشركات المحلية، وهو ما سيجعل الكويت تفي بمتطلبات الاتفاقية بشأن الحد الأدنى العالمي لضريبة الشركات متعددة الجنسيات التي تقودها منظمة التعاون والتنمية.
ويرى الصندوق أنه يمكن تخصيص جزء مما ينتج عن ذلك من مدخرات في المالية العامة للاستثمارات اللازمة في مجالي النقل والبنية التحتية للطاقة المتجددة.
وقال “يمكن تركيز صرف موارد الاستثمار في البنية التحتية في بداية الفترة تحسباً لاحتمال حدوث تراجع كبير في النمو غير النفطي”.
ويبدو التعجيل بتمرير قانون الدين العام أمرا بالغ الأهمية. ويؤكد الصندوق أنه في غياب تشريع يسمح بالاقتراض أو سلطة قانونية للسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، ظل تمويل المالية العامة معتمدا على السحب من صندوق الاحتياطي العام وهو أصغر بكثير.
وقال معدو التقرير إن “هناك ضرورة لإقرار قانون الدين العام الجديد من أجل تسهيل تمويل المالية العامة بشكل منظم من خلال إصدار السندات السيادية، مع دعم تطوير سوق السندات المحلية”.
وأضافوا “في الوضع الأمثل، لا ينبغي أن يفرض هذا القانون الجديد قيوداً على آجال استحقاق السندات السيادية أو ينص على تواريخ محددة مسبقاً لانتهاء المدة”.