زخم الذكاء الاصطناعي يغير وجه صناعة السفر

اتجاه متزايد للشركات نحو اعتماد برامج المساعدة المتطورة رغم التباين بشأن كفاءتها وجدواها.
الثلاثاء 2025/04/15
اتركوا الروبوتات الذكية تتولّ المهمة

تتزايد المؤشرات على أن الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل يلعب دورا متزايد الأهمية في قطاع السفر، حيث تُستخدم تقنياته لتحسين تجربة المسافرين وزيادة كفاءة العمليات، بينما ينظر إلى هذه التكنولوجيا المتقدمة على أنها اتجاه ضروري لتنمية الأعمال وتعزيز الإيرادات.

نيويورك – يُتوقَّع على نطاق واسع أن تُحدث برامج المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع السفر، إذ بات بإمكانها إنجاز مهام كثيرة كانت تُسند سابقا إلى وكيل بشري، بالإضافة إلى مرافقتها الزبون خلال التنقل وتوفير اقتراحات في الوقت الفعلي.

والسفر هو جزء مهم من قطاع الضيافة الذي يضم فئة واسعة من المجالات داخل صناعة الخدمات التي تشمل السكن وخدمة الطعام والمشروبات وتنظيم الفعاليات والمنتزهات الترفيهية والفنادق ووكالات السياحة والمطاعم والحانات.

ورغم الفوائد العديدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات مثل حماية الخصوصية وتكاليف التنفيذ والاعتماد المفرط على التكنولوجيا.

ويقول المختصون إن من المهم التوازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي والحفاظ على العنصر البشري لضمان تقديم خدمات عالية الجودة تلبي احتياجات وتوقعات الزبائن. ومع استمرار هذا التطور، يتعين على الشركات تبني هذه التقنيات بحذر ومسؤولية لضمان تحقيق الفوائد المرجوة وتفادي المخاطر المحتملة.

آندي موس: يمكن تقديم عدة خدمات، كالحديث مع وكيل سفر رقمي
آندي موس: يمكن تقديم عدة خدمات، كالحديث مع وكيل سفر رقمي

وإذا كان الزبون يرغب في زيارة المكسيك لكن ليست لديه أي فكرة واضحة عن المنطقة أو كيفية سير الرحلة أو الفترة، ينشئ برنامج مايندتريب القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي بثوانٍ تصميما مخصصا مع اقتراحات لفنادق ومطاعم وجولات وأنشطة، بناء على طلب مكتوب بسيط. وبمجرد تحديد الخيارات، يمكن حجز كل مراحل الرحلة مباشرة من خلال التطبيق أو عبر مواقع شريكة.

ويقول آندي موس، رئيس شركة مايندتريب التي أُطلقت قبل أكثر من عام، لوكالة فرانس برس “بدل اختيار غوغل وإجراء بحث تلو الآخر، والبدء من الصفر في كل مرة، يمكن تقديم كل ما يريده المستهلك، كالحديث مع وكيل سفر رقمي”.

وقد نجحت شركات ناشئة أخرى أبرزها فاكاي في ترسيخ مكانتها في هذا المجال. أما بعضها مثل نافان فمخصص للشركات.

وتروّج شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي العملاقة مثل غوغل مع برنامجها جيميناي وأوبن أي.آي مع أوبريتر وأنثروبيك مع كلود، بشكل متزايد لبرامجها المساعدة التي تستطيع التخطيط للرحلات.

وبدأ اللاعبون التاريخيون في مجال الحجز عبر الإنترنت في اتباع النهج نفسه لكن بدرجات متفاوتة، فقد أطلقت شركة إكسبيديا مساعدها رومي في العام 2024، ولكن فقط لمراحل تخطيط معينة، تحديدا للسفر الجماعي.

وفي نهاية أكتوبر الماضي، أطلقت منافستها بوكينغ دوت كوم برنامج سمارت فيلتر الذي يوفر توصيات منها مثلا لفندق في أمستردام يطل على القناة المائية.

ويقول روب فرانسيس المسؤول عن التكنولوجيا في بوكينغ “لا يزال الأمر في بدايته، لكننا نعتقد أن برامج الذكاء الاصطناعي المُساعِدة ستتمكن من تقديم قيمة للمسافرين وشركائنا.”

ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي “يوفّر إجابات مناسبة للأسئلة المطروحة باللغة اليومية”، “وهو ما يعزز العلاقة” بين المستخدم والمنصة.

ويشير رئيس مجلس إدارة مجموعة كلوب ميد هنري جيسكار ديستان لفرانس برس، إلى أن المجموعة تعمل تدريجيا على نشر ميزة في واتساب يمكن للزبائن من خلالها طرح أسئلة عملية.

ويضيف “عندما كانت الاستجابة متأتية من بشر، كان الأمر يستغرق في المتوسط ساعة ونصف ساعة”، مضيفا “أما هنا، فالنتيجة تكون فورية. إنها أداة إنتاجية لنا.” وبالإضافة إلى تطبيقها الاستهلاكي، توفر مايندتريب نسخا مخصصة لمجموعات فنادق ومنظمي رحلات سياحية.

وتخطط شركة أمازون الأميركية العملاقة لإطلاق خدمة مساعدة النزلاء أو “الكونسيرج” الرقمية في أوروبا بواسطة أداتها للمساعدة الصوتية أليكسا مع مكبّر صوت متصل وشاشة تعمل باللمس، بعدما كانت وضعتها في الخدمة في الولايات المتحدة.

ويمكن أن يطلب نزيل الفندق من هذا البرنامج الرقمي “معلومات عامة عن الوجهة ومعلومات محددة عن الفندق، مثل وقت الإفطار”، على ما شرحت سيفيرين فيلاردو، مديرة أليكسا إنتربرايز في أمازون.

إيفا ستيوارت: اعتماد برامج المساعدة على نطاق واسع سيكون بطيئا
إيفا ستيوارت: اعتماد برامج المساعدة على نطاق واسع سيكون بطيئا

ووفق مجلس السفر والسياحة العالمي، سجل قطاع السفر والسياحة خلال عام 2024، عاما قياسيا على المستوى العالمي، بمساهمة اقتصادية تبلغ 11.1 تريليون دولار.

ويقول جوكا لايتاماكي، وهو أستاذ في جامعة نيويورك متخصص في اقتصاديات السياحة، إن هذه المواقع ذات النوع الجديد “تستفيد من رغبة الناس في الحصول على خدمات شخصية.”

ويمكن للذكاء الاصطناعي إنجاز أكثر من التخطيط للسفر والحجوزات. ويوضح لايتاماكي “إذا كانت هناك تغييرات فورية في التوقيت أو تحذيرات أو ظروف أمنية (…)، فلن تحتاجوا إلى الاتصال بأحد. ما عليكم سوى إدخالها في التطبيق”، الذي يعيد تنظيم الرحلة فورا.

ومع أنّ برامج الذكاء الاصطناعي المُساعِدة موجودة أصلا، فإن “اعتمادها على نطاق واسع سيكون بطيئا”، وفق إيفا ستيوارت من شركة جي.أس.آي.كيو الاستشارية.

وقالت إن “قطاع السياحة يضم خصوصا لاعبين صغارا (فنادق ومنظمي رحلات ووكالات إقليمية) لا يملكون البنية التحتية اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.”

ويرى جوكا لايتاماكي أن الصورة مختلفة تماما من جانب المستهلك. ويقول “يعرفون أصلا كيفية استخدام تشات جي.بي.تي”، متوقعا تحقيق البرامج الرقمية المساعِدة في قطاع السفر نجاحا خلال العامين المقبلين.

ومع أنّ الشركات الناشئة رائدة في هذا المجال، ترى ستيوارت أن المنصات الكبيرة التاريخية تثبت مكانتها بفضل “مواردها الضخمة وقدراتها التقنية”، بينما يشير لايتاماكي إلى أنها “تتمتع بميزة كبيرة، لأنّ لديها قاعدة من الزبائن.”

ويقول روب فرانسيس “لا أشعر أن المنافسة تزداد صعوبة، لكن لا نية لإبطاء وتيرة الابتكار”، في حين يعتبر جوكا أنّ منصة أير بي.أن.بي يمكنها أيضا الاستفادة من خلال عرضها المتميز.

ويعتقد رئيس التطوير ديف ستيفنسون أن أير بي.أن.بي تريد أن تأخذ وقتها لتقييم ما يمكن أن تضيفه البرامج الرقمية المساعِدة إلى منصة حجز المساكن. وقال لوكالة فرانس برس “إن إضافة روبوت محادثة بسيط على الموقع ليس الحل الصحيح.” من جهة أخرى، يبدو أن وكلاء السفر البشر الذين ما زالوا يشكلون جزءا كبيرا من النظام السياحي العالمي، أصبحوا ضعفاء.

ويقول لايتاماكي إن “ذلك لن يؤثر بالضرورة على الزبائن الأثرياء” الذين سيواصلون الاعتماد على وكيل مادي، “لكنه سيؤثر على الآخرين.”

10