زخم الأعمال في الخليج يجذب كبرى شركات الاستشارات

المشاريع الضخمة الطموحة في المنطقة تفتح أبواب الصفقات أكثر من أي مكان آخر في العالم.
الأربعاء 2024/10/23
هيا انضموا إلينا فهناك الكثير من المفاجآت

يراقب محللو الاستثمار تحولا كبيرا في اتجاهات شركات الاستشارات العالمية الكبرى مع الطفرة التي تشهدها أسواق الخليج العربي والتي تفتح أمامها الأبواب لعقد المزيد من الصفقات في ظل أجواء شاحبة في باقي أسواق العالم جراء المنغصات المختلفة للأعمال.

الرياض - يذلل تواجد البعض من أكبر شركات الاستشارات حول العالم حاليا في منطقة الشرق الأوسط المصاعب التي تواجهها أثناء سعيها للتقدم أو إبرام الصفقات في مناطق أخرى من العالم.

وتعاني هذه الصناعة من ركود من فترة، فقد نمت بنسبة 3 في المئة فقط العام الماضي لتبلغ إيراداتها 250 مليار دولار، وفقا لمؤسسة سورس غلوبال ريسيرش، التي تركز على الشركات المتوسطة والكبيرة.

أما في الخليج فكان معدل الزيادة أعلى بأربع مرات، حيث تنفق حكومات المنطقة المليارات من الدولارات على مشاريع بناء الدولة وإبرام الصفقات، وهو ما حفز توسع شركات ضخمة في المنطقة مثل ماكينزي آند كو ومجموعة بوسطن الاستشارية.

وقالت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ إن “بعض المديرين التنفيذين في شركة ماكينزي يفضلون تولي مناصب في الخليج لأنهم يرونها بمثابة خطوة تمهيدية للتقدم الوظيفي، والدخول في شراكات".

ويعمل لدى الشركة أكثر من ألف استشاري بالشرق الأوسط، وهي زيادة كبيرة مقارنة بسنوات ما قبل الجائحة. في المقابل، يعمل بعض كبار المسؤولين في بوسطن الاستشارية التي يعمل فيها ألف استشاري في المنطقة انطلاقا من دبي، بينما تعتبر الشركة صندوق الثروة السعودي البالغة أصوله 925 مليار دولار أحد أكبر زبائنها.

ويجري التنافس للاستفادة من ثروات النفط في الخليج بالتزامن مع تصاعد الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل، وإلى جانب ذلك، بلغ متوسط أسعار النفط 80 دولارا خلال العامين الماضيين بعد أن قفزت إلى أكثر من 100 دولار في عام 2022.

ويؤكد مسؤولون تنفيذيون أن الجهات الحكومية في المنطقة أصبحت تشترط معايير أعلى، وبدأت تضغط لخفض الرسوم. وخفضت السعودية توقعات النمو مؤخرا، وقلصت العمل في بعض مشاريع رؤية 2030، مما قد يخفض الطلب على المستشارين في بعض المجالات.

هاغوب بانوسيان: الخريجون الجدد يحصلون على وظائف رواتبها عالية
هاغوب بانوسيان: الخريجون الجدد يحصلون على وظائف رواتبها عالية

ورغم ذلك، يرى مسؤولون تنفيذيون أن صناعة الاستشارات من المتوقع أن تكون من بين القطاعات الأكثر مرونة في الخليج. وقال هاغوب بانوسيان، المحاضر الأول بالجامعة الأميركية في بيروت، إن “وراء كل مشروع كبير في الخليج، هناك فريق استشاري”. وأشار إلى أن العديد من الخريجين الجدد يحصلون على وظائف ذات رواتب عالية في هذا القطاع.

وبالنسبة لماكينزي وبوسطن الاستشارية، تُعد المنطقة من أقوى الأسواق عالميا من حيث الإيرادات والربحية، حسبما أفادت المصادر التي رفضت التعليق على أمور غير معلنة.

وتضم بوسطن الاستشارية أسماء بارزة مثل صالح العتيقي، الذي انضم إلى الشركة في 2023 قادما من فرع هيئة الاستثمار الكويتية في لندن الذي ترأسه لمدة أربع سنوات، وإيهاب خليل الذي يحظى بخبرة واسعة في العمل مع صناديق الثروة والمستثمرين الإقليميين. وتقول المصادر إن بعض شركات الاستشارات وظفت كوادر بنظام الإعارة للتعيين في أقسام كاملة بالجهات الحكومية في الشرق الأوسط.

ورغم تصاعد الحرب في المنطقة لا تزال الاستثمارات تسير على قدم وساق. وقال أحد المسؤولين التنفيذيين إن “الصراع لم يكن له تأثير كبير بعد، ولا تزال الجهات تمضي قدما في خطط الاستثمار، رغم أن أي تصعيد قد يؤثر على بيئة الأعمال". ونتيجة لذلك، يمكن أن يتجاوز الأجر المبدئي لمستشارين مبتدئين في عواصم الخليج نظراءهم في لندن، حتى دون تعديل الضرائب.

ويمكن أن يصل الراتب الشهري في الرياض، التي كانت لفترة طويلة أقل جذبا للمغتربين بسبب طبيعة قواعدها الاجتماعية، لحديثي العمل في بوسطن الاستشارية المعفى من الضرائب إلى 10 آلاف دولار، وهو أعلى من متوسط الأجر الأساسي المدرج على منصة غلاسدور للمساعدين في الشركة بالولايات المتحدة.

وظل الاعتماد على الخبرات الخارجية سمة مميزة لتحول المنطقة لسنوات. وربما يكون المثال الأبرز على ذلك هو دبي، التي تعد مركزا للأعمال بالشرق الأوسط. واعتمدت الإمارة على المستشارين في مشاريع تطوير مثل جزيرة نخلة جميرا، وفقا لجيم كرين، زميل في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في هيوستن.

ونخلة جميرا في قلب طفرة العقارات الفاخرة التي تشهدها دبي التي تجذب مليارديرات من جميع أنحاء العالم. وعندما أعادت الإمارة إحياء مشروع مماثل بعد توقفه لسنوات، اصطف المشترون لشراء منازل بملايين الدولارات.

◙ 250 مليار دولار إيرادات الصناعة حول العالم خلال 2023 وكان معدل الزيادة 4 مرات في الخليج

وبينما بدأت دبي تحولها قبل عقود، تشهد السعودية حاليا دورها في التحولات الاقتصادية والاجتماعية. كما أن مدنا أخرى في الإمارات تكثف خططها الطموحة، وهي تحركات يمكن أن تعني المزيد من الأعمال لشركات الاستشارات. ويراهن كرين على أن المستشارين المسؤولين استثمروا نجاحات دبي الكبيرة لتحويلها إلى أعمال جديدة في الخليج.

وثمة هدف إستراتيجي آخر وهو التقدم في الذكاء الاصطناعي، حيث تنفق الإمارات والسعودية المليارات من الدولارات لبناء الخبرة في أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات. وأثارت بعض هذه الطموحات مخاوف في الولايات المتحدة، حيث يشعر المسؤولون بالقلق بشأن علاقات المنطقة مع الصين.

ومع ذلك، فإن شركات الاستشارات تستمر في تعزيز وجودها في مجال التكنولوجيا. فمثلا، يدير رئيس أوليفر وايمان كوتينت، الذي أُطلق في يونيو كعرض عالمي يجمع بين خبرات الشركة في الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية، عملياته من الشرق الأوسط.

وقال نك ستودر، الرئيس التنفيذي للشركة ومقرها نيويورك، "بالنسبة لنا، تعد المنطقة واحدة من أقوى المناطق التي نعمل بها على مستوى العالم". ولكنه أشار لبلومبيرغ إلى أن الشركة تتوخى الحذر في الأعمال التي تنفذها، نظرا لطبيعة المنطقة التي قد تحمل بعض التحديات.

وفي خضم ذلك أصبحت الشركات الأصغر مثل أي.تي كيرني ورولاند بيرغر أكثر نشاطا في أسواق الخليج. ويتناقض النشاط الذي تعيشه المنطقة مع التراجع الذي تشهده أجزاء أخرى من العالم بعد الوباء، حيث تضطر الشركات إلى شطب الوظائف في ظل قلة المعاملات.

ورغم أن إيرادات الاستشارات في المنطقة تشكل جزءا صغيرا من الإجمالي العالمي، لكن سورس غلوبال تقدر أن السوق البالغة حجمها 5.4 مليار دولار نمت بنسبة 13 في المئة العام الماضي.

11