ريشي سوناك: لا عودة عن بريكست

لا تزال الحكومة البريطانية المحافظة مصرة على المضي قدما في بريكست بشكل يحررها نهائيا من قوانين الاتحاد الأوروبي، رغم تنامي السخط الشعبي وتحذيرات الفاعلين الاقتصاديين.
لندن - نفى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الاثنين أي مسعى لدى حكومته للتراجع عن اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من استياء من بريكست في البلاد.
وقال سوناك، أحد مؤيدي بريكست، خلال المؤتمر السنوي لاتحاد قطاع الأعمال في برمنغهام، إن الحياة خارج الاتحاد الأوروبي “تقدم بالفعل مزايا وفرصا هائلة”، متحدثا عن فرض قيود أكبر على الهجرة، وهي بند أساسي في اتفاق بريكست، وتوثيق العلاقات التجارية مع آسيا.
لكنه أضاف “دعوني أكون صريحا: تحت قيادتي، لن تسعى المملكة المتحدة إلى أي علاقة مع أوروبا تعتمد على التوافق مع قوانين الاتحاد الأوروبي”.
وغادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي نهائيا في يناير 2021، بعد سنوات من الجدل السياسي منذ الاستفتاء المثير للانقسام في عام 2016 للانفصال عن التكتل.
وبموجب بريكست، انسحبت المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي، وانتهت حرية الحركة بين الدول الأعضاء واختصاص المحاكم الأوروبية.
لكن الاتفاق بين لندن وبروكسل حافظ إلى حد كبير على تجارة خالية من الرسوم الجمركية مع الأعضاء السبعة والعشرين الباقين.
وتأتي تعليقات سوناك في أعقاب تقرير نشرته صحيفة صنداي تايمز جاء فيه أن “شخصيات حكومية رفيعة” تخطط “لوضع بريطانيا على الطريق نحو علاقة على النمط السويسري” مع الاتحاد الأوروبي.
ولدى سويسرا علاقات أوثق بكثير مع التكتل عبر اتفاقات ثنائية تسمح بالوصول إلى السوق الموحدة، ودرجة عالية من حرية الحركة ومساهمة مالية في ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وأثار التقرير وتعليقات وزير المال جيريمي هانت، الذي صوت للبقاء في الاتحاد الأوروبي، بقوله الأسبوع الماضي إنه حريص على إزالة “الغالبية العظمى” من الحواجز التجارية مع الاتحاد الأوروبي، قلق الأعضاء المشككين في الاتحاد في حزب المحافظين الحاكم.
وقال زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكان سميث لصحيفة ذا صن “على الحكومة التركيز على ما يتعين عليها القيام به، بدلا من محاولة إعادة فتح نقاش انتهينا منه حول أوروبا”.
والأسبوع الماضي، أظهرت نتائج استطلاع أجراه أحد أهم المراكز البريطانية أن غالبية من البريطانيين تعتقد أن بريكست كان خطأ، وتوقعت هزيمة شبه مؤكدة للمحافظين في الانتخابات القادمة.
وقال رئيس “المجلس البريطاني للاستطلاعات” البروفيسور جون كورتيس إن من السابق جدا لأوانه الحديث عن تحول حاسم في الآراء لصالح قلب نتيجة استفتاء 2016، التي أفضت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكنه أضاف للصحافيين أن المنحى اتضح منذ خريف 2021، عندما كشف النقص في عدد سائقي الشاحنات للكثيرين عن الكلفة الفعلية لوقف حرية تنقل اليد العاملة في الاتحاد الأوروبي، كأحد تداعيات الانفصال.
وتابع “قد يكون بريكست الآن، أقل شعبية مما كان عليه في أي مرحلة منذ يونيو 2016”.
وفي 2016 صوت الناخبون في المملكة المتحدة بنسبة 52 في المئة مقابل 48 في المئة، لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويظهر متوسط نتائج استطلاعات الآن أن قرابة 57 في المئة يرغبون في تغيير ذلك، فيما يعتقد 43 في المئة أنه كان القرار الصائب.
واتسع الفارق بين الفئتين هذا العام على وقع معاناة البريطانيين من أزمة ارتفاع كلفة المعيشة، فيما تشير التركيبة السكانية إلى تأييد أكبر للاتحاد الأوروبي في المستقبل مع انضمام ناخبين أصغر سنا إلى لوائح الناخبين منذ 2016.
وأشار المحافظ السابق لبنك إنجلترا المركزي مارك كارني في الرابع من نوفمبر الجاري، إلى أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سبب رئيسي وراء اضطرار البنك الآن إلى زيادة سعر الفائدة، في إطار محاولته لاحتواء ارتفاع معدل التضخم.
وأضاف كارني أن بريكست وارتفاع أسعار الطاقة وقلة العاملين أضافت للرياح الاقتصادية المعاكسة في المملكة المتحدة.
وقال كارني في مقابلة مع برنامج “توداي” على محطة راديو 4 الإذاعية التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، “للأسف، شهدنا في المملكة المتحدة على المدى القريب تداعيات بريكست التي أبطأت وتيرة نمو الاقتصاد”.
وأشار كارني، الذي كان محافظا لبنك إنجلترا في الفترة من 2013 إلى 2020، إلى سعر صرف العملة البريطانية، الذي تراجع بعد تصويت بريكست، وأدى إلى زيادة تكاليف الواردات، مما تسبب في ارتفاع الأسعار المحلية، ومعدل التضخم.
وتابع كارني “هذا ما قلنا إنه سوف يحدث، وهو أن سعر الصرف سوف يتراجع وسوف يبقى على هذا الوضع، وهو ما من شأنه أن يزيد الضغوط التضخمية”.