رياضة الجري تعود بالفائدة على القدرات الذهنية

يعتبر الجري عند المختصين وخبراء اللياقة البدنية بمثابة مفتاح للسعادة، كما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الجري لا يعدّ مفيدا للجسد واللياقة البدنية فحسب، بل للحالة النفسية أيضا. ويؤكد الخبراء أن الجري المعتدل يساعد على إنشاء خلايا عصبية جديدة ويعزز التشابك العصبي، ما يعود بالفائدة على القدرات الذهنية مثل القدرة على التذكر والذاكرة التي تساعد الموظف على أداء لعمله.
ميونخ - يؤكد خبراء اللياقة البدنية على أهمية ممارسة الرياضة في تحسين المزاج، ويشيرون إلى فوائد رياضة الجري على القدرات الذهنية مثل القدرة على التذكر وذاكرة العمل.
وقالت دانييلا ديسماير خبيرة اللياقة البدنية، “إن الجري لا يعد مفيدا للجسد واللياقة البدنية فحسب، بل وللجانب النفسي أيضا؛ حيث إنه يعد بمثابة مفتاح للسعادة”.
وأوضحت مدربة اللياقة البدنية والذهنية الألمانية أنه يُشترط لتحقيق هذا التأثير ممارسة الجري بشكل معتدل؛ حيث لا يتطلب الأمر بذل أكثر من حوالي 60 في المئة من المجهود الأقصى للمرء.
وعند ممارسة الجري باعتدال وبشكل غير مرهق، ينخفض مستوى هرمون التوتر “الكورتيزول” في الجسم، كما يتم إفراز هرمونات السعادة.
ويساعد الجري المعتدل على إنشاء خلايا عصبية جديدة وتعزيز التشابك العصبي، ما يعود بالفائدة على القدرات الذهنية مثل القدرة على التذكر وذاكرة العمل، وهو ما أكدته عديد الدراسات.
وقد أظهرت تجربة من جامعة غرب ميشيغان أن الجري السريع لمدة نصف ساعة يحسن عتبة “تردد الوميض القشري” الذي يرتبط بالقدرة على معالجة المعلومات بشكل أفضل.
عند ممارسة الجري بشكل غير مرهق، ينخفض مستوى هرمون التوتر {الكورتيزول} في الجسم، كما يتم إفراز هرمونات السعادة
كما يمكن للجري المتقطع أن يحسن جوانب “الوظيفة التنفيذية”، وهي مجموعة من القدرات الذهنية عالية المستوى التي تشمل القدرة على تنظيم الانتباه وإزالة تشتت التفكير، والتبديل بين المهام وحل المشكلات، وهو ما أظهرته دراستان من جامعتي ليتوانيا الرياضية ونوتنغهام ترينت.
كما أكدت دراسة تصويرية للدماغ من جامعة أريزونا ما توصلت إليه التجارب والبحوث السابقة، حيث درس علماء الأعصاب الدماغ في حالة الراحة، ووجدوا نشاطا منسقا متزايدا في عدّة مناطق منه، ولاسيما في مقدمة الدماغ المعروفة بارتباطها بالوظائف التنفيذية والذاكرة العاملة.
ويفسر المختصون كيف أن الجري قد يكون وسيلة مفيدة للتغلب على التوتر والاكتئاب، ويشيرون إلى أن الشخص عندما يكون تحت الضغط تقوم العمليات الأيضية في الكبد بإنتاج جزيء يحمل اسم “نيوريناين”، يجد طريقه إلى الدماغ، حيث يرتبط تراكمه بشدة بالاكتئاب الناجم عن الإجهاد والتوتر، وأن مستويات أنزيم يدعى “كينوريناين أمينوترانسفيراز” تتراكم في العضلات، وتعمل على تفتيت الـ”نيوريناين” إلى حمض الكينورنيك، وعند ممارسة رياضة الجري المعتدل تتحسن الحالة النفسية لدى الشخص.
من جهته قال المركز الاتحادي للتوعية الصحية إن التوتر النفسي يُعيق إنقاص الوزن؛ حيث إنه يؤدي إلى إفراز هرمون التوتر “الكورتيزول”، الذي يتسبب في إبطاء عملية الأيض (التمثيل الغذائي)، وخاصة عملية حرق الدهون.
والكورتيزول هرمون يتم إنتاجه بواسطة شبكة معقدة تعرف باسم المحور الوطائي النخامي الكظري، والذي يشمل تحت المهاد والغدة النخامية (كلاهما في الدماغ) كما يشمل الغدد الكظرية التي تقع فوق الكليتين.
ويستجيب الكورتيزول بقوة للضغط النفسي في ظل الظروف العصيبة الشديدة.
وتوجد بخلايا الجسم مستقبلات الكورتيزول، لذلك يمكن لهذا الهرمون أن يحفز الكثير من استجابات التهديد الفورية تقريبا. وتشمل هذه الاستجابات سرعة دقات القلب وارتفاع نسبة السكر في الدم والتنفس السريع وحدة الحواس.
ولتجنب ذلك ينصح المركز الألماني بمحاربة التوتر النفسي من خلال تقنيات الاسترخاء كاليوغا والتأمل والاسترخاء العضلي التقدمي، مع المواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية، التي تعمل على تنشيط الأيض وكذلك الجري.
وتعرف عمليات الأيض بأنها عمليات البناء والهدم في الجسم، فالأيض هو جميع العمليات الكيميائية التي تحدث باستمرار داخل الجسم للمحافظة على العمليات الحيوية المختلفة مثل عملية التنفس وعمليات هضم الطعام والتخلص من الفضلات وغيرها.
وتساعد ممارسة رياضات مثل الجري أو ركوب الدراجات أو السباحة أو المشي على تنشيط معدلات ضربات القلب، مما يؤدي إلى سرعة حرق السعرات الحرارية.
وبحسب ما نشره المجلس الأميركي للتدريب “تعدّ ممارسة التمارين الرياضية مكونا رئيسيا في عملية التمثيل الغذائي لأنها ترتبط ارتباطا مباشرا بكتلة العضلات. وكلما ازدادت نسبة النسيج العضلي النشط بالجسم ازدادت معدلات الأيض”.
وينصح الخبراء بأخذ قسط كاف من النوم بمعدل يتراوح بين 6 و8 ساعات، فضلا عن شرب الماء بكمية كافية تتراوح بين لتر ونصف وثلاثة لترات.
وفي دراسة نشرت في دورية “الغدد العلاجية والأيض”، وجد الباحثون أن شرب 500 ملّيلتر من الماء (حوالي 2 كوب) يزيد من معدل الأيض 30 في المئة، وتستمر هذه الزيادة لأكثر من ساعة.
كما ينصح خبراء التغذية بشرب الماء طوال اليوم ليبقى الجسم رطبا، ويحصل على فائدة إضافية تتمثل في عملية التمثيل الغذائي المعززة.
وعموما يقوي الجري المعتدل عمل الذاكرة ويزيد نسبة التركيز إلى حدّ كبير كما يساعد على النوم بشكل أفضل. وتساعد الرّياضة الإنسان على التخلّص من التوتّر والضغوط المسلطة عليه. وتحارب الاكتئاب، وتقلّل من نسبة حدوثه، وتعالج الاكتئاب ذي الدرجة المتوسطة دون الحاجة إلى العقاقير المهدئة. كما تعزّز ثقة الإنسان بنفسه وتعلّمه الجرأة والقوّة في مواجهة بعض المواقف. وتحسّن المزاج، وتساعد على زيادة قدرة الإنسان على التعلّم بشكل أسرع وذلك من خلال المساعدة في إنشاء خلايا دماغية جديدة عن طريق زيادة المواد الكيميائية التي لها علاقة بالنمو.