رويترز تتراجع عن دعم أفراد الجيش البريطاني للحفاظ على سمعتها

الوكالة قالت إنها انسحبت من أجل الحفاظ على سلامة مراسليها وحيادهم، بعد شكاوى من موظفي رويترز الحاليين والسابقين.
الجمعة 2021/11/19
حياد في الميزان

لندن - سلط انسحاب شركة تومسون رويترز من تعهد بدعم أفراد القوات المسلحة البريطانية الضوء على استقلالية الوكالة العالمية، التي تعد مرجعا مهما لوسائل الإعلام حول العالم.

وقالت الوكالة الأربعاء إنها انسحبت من أجل “الحفاظ على سلامة مراسلينا وحيادهم”، بعد شكاوى من بعض موظفي رويترز الحاليين والسابقين من أن هذا العهد سيلحق الضرر بسمعة وكالة الأنباء كوكالة مستقلة.

ووقّعت تومسون رويترز، الشركة الأم لوكالة رويترز، ومقرها تورنتو، في الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي على ميثاق القوات المسلحة البريطانية، الذي ينص على تعهد بمساعدة من يخدمون في القوات المسلحة البريطانية ودعمهم، وكذلك قدامى المحاربين وعائلاتهم.

وبعد أن خرج تأييد تومسون رويترز للميثاق إلى العلن، قال عدد من صحافيي رويترز الحاليين والسابقين إن ذلك يثير الشكوك في حياد وكالة الأنباء العالمية، الملزَمة، بموجب مبادئ الثقة، بأن يتسم سلوكها في جميع الأوقات بالنزاهة والاستقلالية والتجرد من الانحياز. وأثاروا أيضا مخاوف من أن هذا الميثاق قد يعرض المراسلين العاملين في بعض البلدان للخطر، إذ إن من الممكن تصوير الوكالة على أنها داعمة للقوات المسلحة أو للسياسة الخارجية البريطانية.

وقال متحدث باسم تومسون رويترز “اتخذنا قرارا بضرورة سحب توقيعنا للحفاظ على سلامة مراسلينا وحيادهم”. وأضاف “لا يرتبط الميثاق بأي حزب سياسي وتم توقيع المبادرة بنوايا حسنة خالصة، لكن مشاركتنا أثارت مخاوف من أن مثل هذا التعهد العلني يمكن أن يقوّض مبادئ الثقة لتومسون رويترز ويؤثر على استقلالية غرفة الأخبار وسلامة صحافيينا”.

وينص العهد العسكري أو ميثاق القوات المسلحة على أنه “يدعم الأفراد في الخدمة، ومن تركوها، وقدامى المحاربين، وأسرهم”. وتقول وزارة الدفاع البريطانية إن العهد العسكري يوضح “نية المنظمة دعم مجتمع القوات المسلحة”. وامتنع متحدث باسم الوزارة عن التعليق فورا على انسحاب تومسون رويترز. وقالت تومسون رويترز إنها وقّعت على الميثاق باعتباره “امتدادا لدعمنا طويل الأمد” لرمز زهرة الخشخاش الحمراء، حيث يشتري عشرات الملايين من الناس زهرة من الورق أو المعدن باللون الأحمر كتذكار لقتلى الحرب ولمساعدة أسر القوات المسلحة.

وأضافت أن قرار الانسحاب لا يؤثر على التزامها بأن تكون منظمة شاملة تدعم الجميع على اختلاف مشاربهم، بما في ذلك قدامى العسكريين.

وتمكنت وكالة رويترز عبر تاريخها الطويل من أن تؤسس لنفسها، حسب مراقبين، سمعة إعلامية “متميزة” ترتكز على مبادئها في التعامل مع الأخبار وأبرزها السرعة والدقة، مما جعلها في طليعة مؤسسات الإعلام العالمية في الحصول على الأخبار.

وتؤكد رويترز سعيها لالتزام “الحياد” في تحرير الأخبار، وتلزم المؤسسة صحافييها باتباع المبادئ الواردة في “دليل التحرير الصحافي لرويتز”، الذي أعدته ليكون مرجعا مهنيا لصحافييها في إعداد الأخبار بشكل متوازن وعدم الخضوع للمصالح المتضاربة المرتبطة بذلك، من “أجل الحفاظ على قيم النزاهة وحرية التعبير، وترسيخ مصداقيتها (أي الوكالة) ودقتها وسرعتها وتفردها في نشر الأخبار”.

ورغم ذلك يقول مراقبون إن إشارة أغلب وكالات الأنباء العالمية، ومن ضمنها رويترز، ضمن نصوص قوانينها الأساسية، إلى موضوع استقلاليتها وعدم انحيازها في التغطية الخبرية هي بمثابة “ذر الرماد في العيون”، إذ يبقى الأمر وفق رأيهم رهين تأمل ونقاش منساب بالنظر إلى الجهات الداعمة لهذه الوكالات أو بالتأمل في الدور التاريخي الذي لعبته هذه المؤسسات الإعلامية في علاقتها بأنظمة الحكم في بلادها.

ويقول خبراء إنه بالنسبة لرويترز التي اشتهرت بالموضوعية، فإنها لم تتوان في تلوين الأخبار وتزييفها لمصلحة التاج البريطاني سابقا، حيث بررت الوكالة الاستعمار في الصحافة والأخبار، وهو ما انعكس لاحقا على الدعم الحكومي الرسمي لها في إطار ما منحت إياه من امتيازات، كما جعلها تحظى بدعم مباشر من الجيش البريطاني في تغطياتها الإعلامية، وهو ما انعكس على أدائها من خلال تحقيق السبق الإعلامي وترسيخ أقدامها على اعتبار أنها امتداد للسلطة السياسية والعسكرية لبريطانيا.

ويؤكد خبراء أن الأمر لم يتغير كثيرا منذ ذلك الحين، لكن يمنع خروجه إلى العلن، إذ إن وكالات الأنباء العالمية هي في الغالب أذرع إعلامية لبلدانها وتتجاهل المبادئ الأساسية للصحافة، مثل الحياد والموضوعية، عند تناول المواضيع التي تكون فيها بلدانها الأصلية طرفا في الصراع.

16