روما وتونس توقعان مذكرة تفاهم لإدارة تدفقات الهجرة المنظمة

الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي ستدعم قطاع التدريب المهني في تونس حتى يستجيب للمعايير الأوروبية وتيسير دخول العمال التونسيين لسوق العمل الإيطالية.
الجمعة 2023/10/20
اتفاق يفتح آفاق التعاون

تونس – وقع وزير الخارجية الإيطالي انطونيو تاياني مذكرة تفاهم مع نظيره التونسي نبيل عمار، لإنشاء قنوات جديدة للهجرة النظامية تسمح لأربعة آلاف عامل تونسي مؤهل بالقدوم والعمل في إيطاليا.

ومن شأن الاتفاق إدارة تدفقات الهجرة المنظمة لصالح الطرفين وتجاوز تعقيدات شهدتها مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي أدت إلى تعطيلها.

واتخذت إيطاليا هذه الخطوة لسد احتياجاتها من الأيدي العاملة المؤهلة والمدربة لسوق العمل، وبناء تفاهمات ثنائية مع تونس التي تريد من الاتحاد الأوروبي تفهم أنها أول المتضررين من أزمة الهجرة غير الشرعية وتطالب بحلول تصب لصالح الطرفين.

ووقعت تونس في تموز/ يوليو الماضي مذكرة تفاهم شاملة مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير النظامية ودعم الاقتصاد التونسي، لكنها لا تزال معطلة بسبب خلافات تخص الدعم المالي.

وأكد تاياني قبل توقيع المذكرة بدقائق أن بلاده تعمل على "تعزيز الهجرة النظامية ضد الهجرة غير الشرعية، وبالتالي ضد المتاجرين بالبشر... ونحن نريد أن نمنح العمل أشخاصاً يريدون العمل وللذين جرى تدريبهم والذين لن يذهبوا للتجول في إيطاليا، بل سيذهبون مباشرة للعمل في الزراعة أو الصناعة".

وتأتي مذكرة التعاون بين الطرفين في إطار زيارة يقوم بها ثلاث وزراء إيطاليين إلى تونس، في إطار فعاليات البعثة الإيطالية الثالثة حول الأمن الغذائي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وبمشاركة تاياني، وفرنشيسكو لولوبريجيدا وزير الفلاحة والسيادة الغذائية، ومارينا إلفيرا كالديروني، وزير الشغل والسياسات الاجتماعية.

وكان فابريسو ساجيو، سفير إيطاليا في تونس، قد صرح خلال لقاء نُظم في تونس حول قطاعي النسيج والملابس، أن الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي ستوفر اعتمادات مالية بقيمة 8 ملايين يورو لدعم قطاع التدريب المهني في تونس "حتى يستجيب للمعايير الأوروبية، ومن ثم تيسير دخول العمال التونسيين لسوق العمل الإيطالية".

وأكد استعداد الوكالة لفتح خط تمويل أمام المؤسسات الصغرى والمتوسطة بقيمة 55 مليون يورو، وذلك بالتعاون مع الوكالة التونسية للتكوين المهني (حكومية).

ووفقا لآخر البيانات حتى 19 أكتوبر/تشرين الأول، وصل ما لا يقل عن 14.837 مهاجرا غير نظامي من أصل تونسي إلى إيطاليا منذ بداية العام، أي ما يعادل حوالي 10 بالمائة من حوالي 140.006 مهاجرا وصلوا إلى تونس في المجموع منذ بداية العام.

وتتعرض تونس لضغوط هجرة قوية، بسبب الإعفاء من التأشيرة لمواطني العديد من دول جنوب الصحراء الكبرى المعرضة لخطر الهجرة (ولا سيما غينيا وساحل العاج، الجنسيتان الأوليتان اللتان أعلن عنهما المهاجرون الذين وصلوا إلى إيطاليا).

وتونس هي أول بلد من حيث مغادرة المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر.

قد حددت إيطاليا، من جانبها، تدخلات جديدة مستهدفة تبلغ قيمتها الإجمالية 10 ملايين يورو لشراء معدات جديدة وتنفيذ عمليات العودة الطوعية إلى الوطن، بما في ذلك المساعدة في إعادة الإدماج في بلدان المنشأ والدعم الاقتصادي المفيد لبدء أنشطة ريادة الأعمال الصغيرة.

كما تتم دراسة إطلاق مبادرة رباعية محتملة بين إيطاليا وليبيا وتونس والجزائر لتعزيز التعاون في مجال المساعدة على العودة الطوعية إلى البلدان الأصلية للمهاجرين غير النظاميين.

ويتعين على تاياني محاولة إعادة التوافق بين تونس والاتحاد الأوروبي بعد زيارتين مؤجلتين (الأولى لوفد من أعضاء البرلمان الأوروبي، والثانية لمسؤولين من المفوضية الأوروبية) وإعادة 60 مليون يورو من المساعدات الأوروبية إلى المرسل.

وقال وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، في حوار نشرته صحيفة “الشروق” مؤخرا إن “تونس ليست تحت رحمة أحد”. ومن المناسب توضيح هذه المسألة قليلاً.

وأعلنت المفوضية في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، عن صرف 127 مليون أورو من المساعدات لتونس، مقسمة إلى 60 مليون أورو لدعم الميزانية و67 مليون أورو كمساعدة عملياتية في مجال الهجرة، لكن هذه الـ 60 مليون يورو ليست جزءًا من مبلغ 255 مليون يورو (150 مليونًا لدعم الميزانية بالإضافة إلى 105 مساعدات لمكافحة الهجرة غير الشرعية) المنصوص عليها في مذكرة التفاهم الموقعة في يوليو/تموز بفضل تدخل إيطاليا، ولكنها جزء من البرامج الجاري تنفيذها بالفعل، ولا سيما تلك التي تهدف إلى التعافي بعد كوفيد.

والواقع أن الاتحاد الأوروبي لم يفرج حتى الآن إلا عن 46 مليون يورو فقط من أصل الـ 255 مليون يورو التي وعد بها سابقا.