روما تستشعر تهميشا لدورها في ليبيا بعد اتفاق حفتر والسراج

رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي يدعو إلى التقارب مع باريس بشأن الملف الليبي.
السبت 2019/03/02
لعب دور الوسيط آخر الحلول

تستشعر إيطاليا خطر هيمنة فرنسا على الملف الليبي عقب نجاح القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر في فرض شرط إجراء انتخابات عامة بدل مقترح إجراء التشريعية فقط، والذي يسعى الإسلاميون وحلفاؤهم الإقليميون والدوليون إلى فرضه.

روما - بعث المسؤولون الإيطاليون برسائل قلق بشأن الاتفاق الذي جرى بين القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في أبوظبي الخميس.

وتتالت تصريحات المسؤولين الإيطاليين على مدى يومين بشأن الاتفاق، ما عكس اهتماما إيطاليا بالغا به.

وقال رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي الجمعة، إن مسار الاستقرار في ليبيا يمر من خلال “تعزيز التوافق بين إيطاليا والإمارات العربية المتحدة والوعي بالتقارب المناسب أيضا بين روما وباريس”.

وثمّن رئيس الحكومة الإيطالية، حسبما نقلت عنه صحيفة “لا ستامبا”، دور دولة الإمارات ورأى أنه لن يحدث تقدم في ملف الأزمة الليبية “إذا لم يكن هناك اتفاق بين السراج-حفتر”.

وأضاف “الإماراتيون يقدمون مساعدة كبيرة في هذا الاتجاه. لقد ذهبت مرتين إلى أبوظبي، وأجريت حوارين مباشرين مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، فضلا عن المكالمات الهاتفية. هذا مكنّنا من بناء علاقة تقوم على الثقة التي تمخضت عن استراتيجية مشتركة”.

وأدلى كونتي الخميس أيضا عقب ساعات من الإعلان عن الاتفاق بتصريحات لوسائل إعلام محلية، شكك من خلالها في قوة الاتفاق قائلا “نحن نتابع عن كثب ما يحدث في ليبيا، وهذا ملفنا الأول في ما يتعلق بالسياسة الدولية، ونأمل حقا بأن يكون هذا هو الوقت المناسب للتوافق، ولكني أقول ذلك مع كل الحذر المحيط بالمسألة”.

فشل مجلسي النواب والدولة طيلة السنوات الماضية في إيجاد حل للأزمة، يبدو أنه دفع الأمم المتحدة للاستغناء عنهما

وأضاف “الاتفاق يبدو عمليا، ويلقى استحسانا من قبل كل من حفتر والسراج لكن الوضع الليبي، وعلى هذا النحو يستوجب بعض الانتظار حتى يتم قبول الاتفاق من قبل جميع أصحاب المصلحة، ومن قبل جميع الأطراف الفاعلة”.

وتابع كونتي “فايز السراج وخليفة حفتر قبلا بإعادة تشكيل مجلس الرئاسة وإنشاء مجلس أمن وطني مشترك للقوات المسلحة”، وهو ما بدا محاولة إيطالية للظهور قريبا من الصورة، إذ أن هذه المعلومة لم ترد في بيان البعثة الأممية التي أعلنت عن الاتفاق.

وبدوره لم يتوان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني عن انتقاد الاتفاق ولو بطريقة ضمنية قائلا “لا ينبغي أن تكون هناك أي تدخلات أجنبية أو أي إرغام بشأن تحديد آجال الانتخابات القادمة في ليبيا.”

ويسود التوتر منذ سنوات بين روما وباريس بسبب الصراع على إدارة الملف الليبي. وتزايدت حدة هذا الصراع في الأشهر الأخيرة، وهو ما تعكسه حرب التصريحات بين الجانبين التي تطورت إلى أزمة دبلوماسية في ما بعد.

واختارت روما دعم السلطات في طرابلس منذ بدء الأزمة الليبية في منتصف العام 2014، في ما لم تتردّد باريس عن دعم الجيش في محاربة الإرهاب.

وبسبب ذلك الموقف توترت علاقة روما بالجيش، وهو ما تُركّز الحكومة الحالية على تجاوزه من خلال محاولات متتالية لاستمالة خليفة حفتر كان آخرها إقالة سفيرها السابق في طرابلس جوزيبي بيروني بسبب تصريحات وصفت من قبل بعض الليبيين بـ”المستفزة” وإصرارها على حضوره لمؤتمر باليرمو الذي عقد في نوفمبر الماضي.

وقالت وسائل إعلام محلية في إيطاليا وليبيا إن إقالة بيروني جاءت على خلفية إعلان حفتر أنه أصبح شخصا غير مرغوب فيه في ليبيا.

وكان بيروني قال في أغسطس الماضي إن سلطات بلاده ستتصدى بأي شكل من الأشكال لإجراء الانتخابات في ليبيا، ما أثار استهجانا ليبيا كبيرا واعتبر تدخلا في الشأن الداخلي لليبيا.

وقالت “اللجنة الدولية للأممية الرابعة” إن هناك مصالح مادية رئيسية وراء التوترات الحادة بين فرنسا وإيطاليا، التي أفضت إلى استدعاء فرنسا سفيرها في روما، وهي الحرب بالوكالة بين البلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي في ليبيا، للسيطرة على مصادر النفط والغاز في ليبيا وهي الأكبر في أفريقيا.

وأضافت اللجنة، وهي إحدى المؤسسات التابعة للمنظمة الأممية الرابعة الشيوعية، في تقرير نشر على الموقع الاشتراكي العالمي، أنه في الوقت الذي تدعم فيه إيطاليا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في طرابلس، والتي تدعمها ألمانيا والأمم المتحدة أيضا، تقف فرنسا إلى جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، والذي تدعمه كل من مصر وروسيا أيضا.

ونقل التقرير الذي ترجمه موقع “بوابة الوسط” المحلي، عن محمد الدايري وزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة في طبرق، قوله في مقابلة مع جريدة “تريبون دو جنيف” السويسرية، إن الدوائر المطلعة في ليبيا عزت الصراع المسلح إلى “التنافس بين إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية”.

وبالمثل قال عبدالحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي سابقا، في تصريحات للجريدة، إنه “لن يكون هناك استقرار في ليبيا ما لم يتوصل المجتمع الدولي إلى إجماع”.

Thumbnail

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الخميس، أن فايز السراج وخليفة حفتر اتفقا في العاصمة الإماراتية أبوظبي على “إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا من خلال انتخابات عامة”.

وأشاع الاجتماع الثلاثي بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية وقائد الجيش الوطني الليبي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، أجواء من التفاؤل بتجاوز العراقيل الكثيرة التي حالت دون تنفيذ خارطة الطريق الأممية لحل الأزمة الليبية.

وبدا واضحا استبعاد كل من مجلس الدولة (ممثل الإسلاميين في المفاوضات) ومجلس النواب، من الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق، حيث حصرت المفاوضات بين الجيش والمجلس الرئاسي. وفشل الطرفان على مدى السنوات الماضية في إيجاد حل للأزمة وهو ما يبدو أنه دفع الأمم المتحدة للاستغناء عنهما.

وأعرب مجلس الدولة عن قلقه الشديد إزاء التطورات السريعة السياسية والعسكرية التي تمر بها ليبيا، مطالبا بضرورة التمسك بالاتفاق السياسي الليبي باعتباره الإطار الوحيد والحاكم للعملية السياسية وعدم قبول أي تعديلات إلا وفق الآلية التي ينص عليها الاتفاق. ويدفع تيار الإسلام السياسي، ممثلا في مجلس الدولة، وحلفاؤه الإقليميون والدوليون نحو تأجيل الانتخابات الرئاسية وإجراء التشريعية.

وقال عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية في فبراير الماضي، إن إجراء انتخابات برلمانية فقط يعني الإصرار على استمرار الفوضى  والتمسك بعدم قيام مؤسسات الدولة. وشدد نصية في تغريدة على صفحته بموقع تويتر على  “ضرورة التوقف عن الخداع”، لافتا إلى أهمية أن يعلم الشعب الليبي من يقف وراء رفض الانتخابات الرئاسية سواء في الداخل أو الخارج.

وجاءت تصريحات نصية عقب زيارة السفير البريطاني فرنك بيكر إلى طبرق، حيث تناقش مع أعضاء مجلس النواب بشأن إجراء انتخابات تشريعية فقط وتأجيل الرئاسية إلى ما بعد إصدار دستور للبلاد.

4