روسيا فشلت في تأهيل الأسد دوليا على الرغم من مرور سبع سنوات على تدخلها في سوريا

دمشق تفشل في استعادة مكانتها عربيا ودوليا بالرغم من الجهود الروسية.
السبت 2022/10/01
التوافق مستمر

دمشق - مرت سبع سنوات على التدخل الروسي المباشر في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد في العمليات العسكرية ضد قوى المعارضة. ورغم دورها المحوري في قلب المعادلة على الأرض فشلت روسيا حتى الآن في إعادة تأهيل الأسد على المستوى الدولي.

وجاء التدخل الروسي بعد أن مني نظام الرئيس الأسد بخسائر فادحة، حيث تمكن ما يسمى “الجيش الوطني السوري” (الجيش الحر آنذاك) والمجموعات المناهضة للنظام من السيطرة على محافظة إدلب بشكل كامل، والتقدم جنوباً باتجاه حماة.

كما سيطرت حينها قوى المعارضة على أجزاء واسعة من محافظات ريف دمشق ودرعا وحمص وأحياء من دمشق العاصمة ذاتها.

دراسات تقول إن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا يتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين دولار يوميا

وبدأ التدخل الروسي بقصف جوي على مواقع المعارضة، في ريف حماة، وازدادت وتيرة القصف تدريجياً ليشمل جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الأخيرة، ولم يستثن القصف الروسي الأحياء السكنية بل كانت هي الأكثر تعرضاً للقصف.

وبحسب أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان تسببت القوات الروسية في مقتل 6943 مدنياً منذ تدخلها في سوريا. وتمكن تدخل روسيا بالقصف الجوي المكثف من وقف تقدم المعارضة والسماح للنظام بإعادة السيطرة على مساحات واسعة.

وتوصلت الدول الراعية لمفاوضات “أستانة 4” (تركيا وروسيا وإيران) في 4 مايو 2017 إلى اتفاق “خفض التصعيد” القاضي بإقامة أربع مناطق آمنة في سوريا.

وبالرغم من تسمية روسيا لنفسها كضامن لدمشق في هذا الاتفاق، فإنها لم تلتزم بذلك بل ساعدت الحكومة السورية على استعادة ثلاث مناطق من المناطق الأربع المشمولة بالاتفاق حتى عام 2020 في ريف دمشق وجنوبي البلاد ووسطها.

وفرضت موسكو على المعارضة، التي في معظمها معارضة إسلامية راديكالية، في تلك المناطق اتفاقيات لوقف إطلاق النار أدت إلى تهجير سكانها إلى الشمال.

ويوجد الآلاف من الجنود الروس المتمركزين في أكثر من 30 قاعدة ونقطة عسكرية في مناطق سيطرة دمشق، أبرزها قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية التي تنطلق منها أغلب الطائرات التي تقصف المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة.

كما قامت القوات الروسية بتشكيل مجموعات عسكرية محلية تابعة لها وتتحرك بإمرتها بشكل مباشر، أبرزها ما يسمى “الفيلق الخامس” و”قوات النمر”، حيث ساهمت هاتان المجموعتان بشكل كبير في التقدم الذي أحرزته دمشق على حساب المعارضة والمجموعات المناهضة لها.

وخلال السنوات السبع حدثت توترات بين القوات الروسية ونظيرتها الأميركية شرقي سوريا، إلا أن هذه التوترات لم تتحول إلى اشتباكات أو مناوشات بين الجانبين.

وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردي على معظم المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات، وتتمركز القوات الأميركية في عدة قواعد ونقاط عسكرية فيها، فيما تقتصر سيطرة دمشق على مناطق محدودة في محافظة الحسكة.

صف واحد للدفاع عن مصالح بوتين داخل سوريا
صف واحد للدفاع عن مصالح بوتين داخل سوريا

ويعتبر مطار القامشلي أكبر قاعدة لروسيا شرقي الفرات، وخلال السنوات الماضية حاولت الوصول إلى المناطق النفطية هناك وإقامة نقاط عسكرية فيها إلا أن القوات الأميركية حالت دون ذلك؛ فقد قطعت دوريات أميركية عشرات المرات الطريق على قوافل عسكرية روسية حاولت الوصول إلى منطقة رميلان الغنية بالنفط شمال شرقي سوريا.

ويشير عدد من الدراسات والتقارير إلى أن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا يتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين دولار يوميا.

يضاف إلى ذلك الدعم بالسلاح الذي قدمته روسيا لدمشق، حيث لم تقبض ثمن تلك الأسلحة وحولتها إلى ديون طويلة الأجل، أو اختارت تحصيلها من خلال مزايا أو اتفاقيات تضمن بها مصالحها وتواجدها في المنطقة.

وجل ما حصلت عليه روسيا اقتصاديا من سوريا هو عقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز من نظام يعاني من تدهور اقتصادي كبير، بالإضافة إلى أن الجدوى الاقتصادية من تلك العقود تبقى غير مؤكدة، وخاصة أن معظم الحقول الغنية تقع شرقي البلاد وتحت الحماية الأميركية.

ورغم التقدم العسكري الذي حققه الأسد على الأرض بمساعدة روسيا إلا أن الأخيرة فشلت في إعادة تأهيله على المستوى الدولي، حيث استمرت العقوبات الغربية المفروضة على نظامه.

ولم تتراجع معظم البلدان التي قطعت علاقتها مع الأسد عن قرارها، ولم تتمكن دمشق حتى من استعادة مقعدها في الجامعة العربية بالرغم من الجهود الروسية في هذا الصدد.

ويرفض المجتمع الدولي بشكل متكرر وحازم تمويل أي خطط لإعادة إعمار سوريا، طالما لم يتحقق انتقال سياسي في البلاد وفقا لقرارات مجلس الأمن، ولم تتمكن روسيا رغم كل التقدم على الأرض من فرض أمر واقع يدفع العالم إلى القبول ببقاء النظام مع تغييرات شكلية.

2