روسيا تنفي اطلاعها على مبادرة سعودية بشأن أوكرانيا

موسكو- أوحى رد من الكرملين على تسريبات لوول ستريت جورنال ووكالة أي بي الإخبارية بأن لا علم لروسيا بمحتويات مبادرة تقدمت بها السعودية لاستضافة محادثات مزمعة أو فهم أهداف المبادرة.
ووفق ما عرضته الصحيفة يبدو اجتماع جدة أقرب إلى قمة لدعم أوكرانيا أكثر منه مبادرة سلام تقنع طرفي الأزمة بوجوب الحوار، لاسيما في ظل عدم استدعاء روسيا، وهو ما يؤشّر على أن المبادرة السعودية لم يتم التحضير لها بشكل جيد، ولم تأخذ الوقت الكافي من التحضير خاصة بعرضها على القيادة الروسية وإعطائها الوقت لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، حتى تضمن شروط النجاح.
وتمتلك السعودية علاقات جيدة مع طرفي الأزمة ما يؤهلها لأن تلعب دور الوسيط. لكن إلى حد الآن لم تتحدث أي جهة رسمية سعودية عن المبادرة التي كشفت عنها الصحيفة الأميركية، ولا عن محتواها وقائمة الضيوف الذين سيحضرون لقاء جدة.
◙ زيلينسكي رفض فكرة وقف إطلاق النار في الوقت الحالي واعتبر أن ذلك من شأنه أن يبقي سيطرة روسيا على نحو خُمس أراضي أوكرانيا
ومع اقتراب موعد لقاء جدة وتوسع دائرة الدول المشاركة فيه سيصبح من الصعب تأمين نجاحه، خاصة في ظل استثناء روسيا والحديث عن الغياب المؤثر للصين التي كان حضورها سيضفي مشروعية أكبر ويوفر فرص نجاح الوساطة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال السبت أن السعودية ستدعو دولا غربية وأوكرانيا ودولا نامية كبرى إلى المحادثات المزمعة.
وقالت الصحيفة إن كييف والدول الغربية تأملان أن تفضي المحادثات، التي لن تشمل روسيا، إلى دعم دولي لشروط سلام تصب في صالح أوكرانيا.
وردا على سؤال حول تقرير وول ستريت جورنال، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف “بالطبع، روسيا ستتابع هذا الاجتماع. نحن بحاجة إلى فهم أهداف المحادثات المزمعة وما الذي ستتم مناقشته. أي محاولة لتعزيز تسوية سلمية تستحق تقييما إيجابيا”.
وسبق أن عبرت السعودية عن رغبتها في الوساطة لإنهاء الصراع على لسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقبل أشهر نجح تدخل من ولي العهد السعودي في إطلاق روسيا سراح عدة أجانب أسرتهم في أوكرانيا، من بينهم بريطانيون وأميركيون.
وقبل ذلك أكد الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن السعودية حريصة على الوصول إلى حل سلمي للحرب وتدعم كافة الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد مخرج سياسي للأزمة، وتواصل جهود الإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عنها، مؤكدا استعداد المملكة لبذل جهود الوساطة بين كل الأطراف.
ويرى مراقبون أن وساطة أي جهة مهما كان قربها من الطرفين تبدو صعبة لأن الحرب لم تعد صراعا مباشرا بين روسيا وأوكرانيا، وقد توسعت لتصبح بين موسكو والغرب الذي لا يتوقف عن توجيه الأسلحة المختلفة إلى كييف ويدعمها بالأموال في مسعى لإدامة الصراع وتحويله إلى حرب استنزاف طويلة الأمد بالتزامن مع عقوبات تشمل أهم القطاعات الحيوية في روسيا.
ويشير المراقبون إلى أن الوساطة تحتاج إلى مناخ من التهدئة وإظهار الطرفين المرونة، لكن حاليا كل جهة تدفع نحو التصعيد، وتريد من الجهة الأخرى أن تقدم التنازلات أولا، وهو ما تعكسه تصريحات الرئيسين الروسي والأوكراني والمسؤولين في البلدين المتحاربين.
وكرر المتحدث باسم الكرملين موقف موسكو الذي يفيد بأنها لا ترى حاليا أي أساس لإجراء محادثات سلام مع كييف.
وقال للصحافيين “نظام كييف لا يريد وليس بمقدوره أن يريد السلام طالما أنه يُستخدم حصريا كأداة في حرب الغرب كله ضد روسيا”.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت إن المبادرة الأفريقية، التي تنص على وضع إجراءات لبناء الثقة يليها وقف للأعمال العدائية، قد تكون أساسا للسلام في أوكرانيا وإن كانت الهجمات الأوكرانية على روسيا تجعل من الصعب إدراك ذلك.
وأضاف في أعقاب القمة التي جمعته مع قادة عدد من الدول الأفريقية “إن مبادرتيْ الصين وأفريقيا يمكن أن تشكلا أساسا للسلام في أوكرانيا”. لكنه حذر في الوقت نفسه من أن هناك “أشياء يستحيل تنفيذها”، كأن توافق روسيا على وقف إطلاق نار بينما تتعرض هي للهجوم.
◙ السعودية لم تتحدث عن المبادرة التي كشفت عنها الصحيفة الأميركية، ولا عن محتواها وقائمة الضيوف
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فكرة وقف إطلاق النار في الوقت الحالي إذ من شأن ذلك أن يبقي سيطرة روسيا على نحو خُمس أراضي أوكرانيا ويمنحها وقتا لإعادة تنظيم صفوف قواتها بعد حرب طاحنة تدور رحاها منذ 17 شهرا.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الاثنين أن الضربات التي تستهدف المنشآت العسكرية الأوكرانية “ازدادت كثيرا” ردًا على الهجمات على الأراضي الروسية.
وقال شويغو إنّ “ضرباتنا التي تطال المنشآت العسكرية الأوكرانية، بما فيها تلك التي تدعم هذه الأعمال الإرهابية، ازدادت كثيرا”.
وكان يُلمّح بعبارة “هذه الأعمال الإرهابية” خصوصا إلى هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت شبه جزيرة القرم أو الأراضي الروسية، كما حدث في موسكو الأحد حيث لحقت أضرار طفيفة بمبنيَين في حي تجاري.
وقال “نظرا إلى تطور الوضع، تمّ اتخاذ خطوات إضافية لتحسين الدفاعات ضد الهجمات الجوية والبحرية”.
كما أكد أنّ الهجوم الأوكراني المضاد، الذي بدأ في أوائل يونيو الماضي بعد أشهر من الاستعداد، “غير مثمر”. وأشار إلى أنّ “الأسلحة الغربية المقدَّمة لا توصل إلى النجاح، بل تؤدي فقط إلى إطالة أمد الصراع”.