روسيا تلجأ إلى شاحنات تجنيد متنقلة ورواتب كبيرة لاجتذاب متطوعين للجيش

مجموعة فاغنر الروسية تجند السجناء للقتال في أوكرانيا.
الاثنين 2022/09/19
حوافز مالية للتجنيد خيار يسبق التعبئة العامة

موسكو - لجأ الجيش الروسي، الذي يبحث عن جنود متعاقدين للمشاركة في ما يطلق عليه “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا، إلى نشر شاحنات تجنيد متنقلة لجذب المتطوعين، كما يعرض عليهم ما يقرب من ثلاثة آلاف دولار شهريا لتحفيزهم.

ووضعت وحدة خاصة إحدى هذه الشاحنات في حديقة مركزية بمدينة روستوف في جنوب روسيا السبت وأزالت جانبين منها لتكشف عن مكتب متنقل.

وأظهر جنود يرتدون ملابس مموهة وأقنعة سوداء أسلحتهم للفت أنظار المارة، ووزعوا نشرات إعلانية بعنوان “الخدمة العسكرية بتعاقد - اختيار الرجل الحقيقي”. ولم تكشف روسيا أو أوكرانيا عن خسائرهما من الجنود، التي تقدرها وكالات المخابرات الغربية بعشرات الآلاف من كل جانب.

2700

دولار الحد الأدنى المعروض للراتب، وهو ما يقترب من ثلاثة أضعاف متوسط الراتب في روسيا

ولم تحدّث موسكو العدد الرسمي لحصيلة القتلى منذ الخامس والعشرين من مارس، عندما قالت إن 1351 جنديا روسيا قتلوا وأصيب 3825 جنديا. وأعلن الكرملين الأسبوع الماضي أن مسألة القيام بتعبئة عامة على مستوى البلاد لتعزيز القوات ليست محل نقاش حاليا. إلا أن حملة التجنيد تظهر أن موسكو بحاجة إلى المزيد من الرجال.

وقال الضابط المسؤول عن الشاحنة في روستوف إنه يمكن للروس والأجانب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما ممن أكملوا التعليم الثانوي على الأقل التقدم.

وقال الميجر سيرجي أرداشيف “المواطنون الذين يفكرون بطريقة وطنية يختارون توقيع عقود لمدة ثلاثة أو ستة أشهر للمشاركة في العملية العسكرية الخاصة”، ووعد بتقديم تدريب للجميع.

والحد الأدنى المعروض للراتب الشهري هو 160 ألف روبل (2700 دولار)، وهو ما يقترب من ثلاثة أضعاف متوسط الراتب على مستوى البلاد.

ومن بين المجندين المحتملين الموسيقي فيكتور ياكونين، الذي ذكر أن فكرة الخدمة العسكرية راودته مرارا وأنه يجهز حاليا الوثائق اللازمة.

وقال “أحب أن أخدم في القوات المحمولة جوا… لقد رباني والداي منذ الطفولة على حب وطني وحماية العالم الروسي. وأؤمن بأن القوة معنا”.

وداخل الشاحنة جلس ياكونين مع أرداشيف الذي أخبره بأن الخطوة التالية ستكون فحص المدارك العقلية. وإذا اجتاز هذا الفحص بنجاح فسيكون هناك اختبار جسدي للسرعة والقوة والتحمل.

وفي حال سارت الأمور على ما يرام سيصل ياكونين “إلى وحدة عسكرية، ويلتحق بفرقة معينة، ليبدأ منذ تلك اللحظة الخدمة العسكرية”.

وفي الخارج وقف شباب، بعضهم ترافقهم أسرهم، يتفقدون معرضا مؤقتا فيه صور لأبطال من الصراع، إلى جانب لافتة كبيرة مكتوب عليها شعار “النصر عادتنا”.

ومع استمرار وطول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا بدت علامات هزائم الجيش الروسي في أوكرانيا متعددة، خاصة في الأسابيع الأخيرة، ونتيجة لذلك تعمد روسيا من خلال مجموعة فاغنر شبه العسكرية إلى تعزيز قواتها القتالية في أوكرانيا من خلال تجنيد السجناء في السجون الروسية للزج بهم في جبهات القتال.

التجنيد مستمر
التجنيد مستمر

وتحدث تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الجمعة عن لقطات مسرّبة، أظهرت مؤسس مجموعة فاغنر الروسية للمرتزقة وهو يحاول تجنيد سجناء للقتال في أوكرانيا.

وبيّنت الهيئة أنها تمكنت من التحقق من الفيديو، ويمكن مشاهدة يفغيني بريغوجين وهو يخاطب مجموعة كبيرة من السجناء قائلا إن “الفترات المحكوم بها عليهم يمكن تخفيفها في مقابل الانضمام إلى الخدمة في صفوف مجموعة فاغنر”.

ويؤكد الفيديو المسرّب صحة التقارير المتداولة منذ فترة عن محاولات روسيا لتعزيز قواتها العسكرية عبر تجنيد أشخاص مُدانين بأحكام قضائية.

وفي الفيديو يؤكد بريغوجين أن “ما من أحد سيبقى قابعا خلف أسوار السجن” إذا انضم إلى صفوف مجموعة فاغنر، وخاطب السجناء قائلا “إذا خدمت ستة أشهر في صفوف فاغنر، فأنت حر”. لكنه في الوقت ذاته يحذر المجندين المحتملين من مغبة الهروب من الخدمة بقوله “إذا وصلت إلى أوكرانيا وقرّرت أنك لست معنيا بالأمر، فستواجه الإعدام ميدانيا”.

كما أبلغ بريغوجين مستمعيه من السجناء بقواعد وأحكام مجموعة فاغنر التي تحظر تناول الكحول وتعاطي المخدرات و”الاتصال الجنسي بالنساء المحليات وبالرجال وبالحيوانات والنباتات – وبأي شيء”.

وعلى الرغم من تلك الانتصارات الميدانية التي حققتها القوات الأوكرانية لا يزال واضحا أن أوكرانيا أبعد ما تكون عن تحقيق “أي انتصار حاسم”، بحسب توصيف أولينيسكي ريزنيكوف، وزير الدفاع الأوكراني نفسه.

وتسيطر القوات الروسية على إقليم دونباس بشكل شبه كلّي، وهو أحد الأهداف الرئيسية للحرب، إن لم يكن هدفها الوحيد الآن من وجهة النظر الروسية.

ولذلك ربما تفتح الانتصارات المتتالية والمباغتة الباب أمام المفاوضات لإنهاء الحرب، أما إذا تمسكت كييف وداعموها الغربيون بمواصلة القتال على أمل إلحاق الهزيمة بروسيا فلا يمكن توقّع زمن انتهاء هذه الحرب، ولا نتائجها في نهاية المطاف.

5