روسيا تكثف اتصالاتها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين

جبران باسيل يزور موسكو في الأيام القليلة القادمة.
الأحد 2021/04/18
موسكو تدعم تشكيل حكومة دون ثلث معطل

بيروت – كثّفت موسكو في الآونة الأخيرة اتصالاتها مع الفرقاء اللبنانيين، لتقريب وجهات النظر بينهم والدفع نحو تشكيل حكومة لبنانية في أقرب الآجال.

وبعد زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هذا الأسبوع إلى موسكو، كشفت وسائل إعلام لبنانية السبت عن زيارة مرتقبة لجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر وصهر الرئيس اللبناني ميشال عون، إلى العاصمة الروسية.

ويعجز لبنان جراء خلافات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال التي استقالت في العاشر من أغسطس الماضي، بعد ستة أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.

وفي هذا السياق، قال مستشار ​الرئيس عون للشؤون الروسية أمل أبوزيد، إن "​روسيا​ تعتبر أن الاستشارات أدّت إلى ​تكليف​ ​سعد الحريري​ لذلك تطلب الإسراع ب​تشكيل الحكومة​ برئاسته". لكن المستشار اللبناني يعتقد أن كل زيارات الحريري إلى الخارج لن تنتج ولادة حكومة في ​لبنان.

وكشف أبوزيد في تصريحات محلية عن زيارة مرتقبة لرئيس ​التيار الوطني الحر​ النائب ​جبران باسيل​ إلى ​موسكو​ في الأيام المقبلة.

ويصر باسيل على ألا يترك للحريري الانفراد بعملية التأليف، ويتمسك بالثلث المعطل للتيار الوطني الحر تحت غطاء مراعاة التوازنات النيابية، كما يصر على اختيار الوزراء من الطائفة المسيحية، وهو يستغل في ذلك وجود ميشال عون في موقع رئاسة الجمهورية لفرملة أي تشكيل خارج عن إرادته.

ويحاول رئيس التيار الوطني الحر بدعم وإسناد من حليفه حزب الله، ممارسة أقصى الضغوط على رئيس الوزراء المكلف لإجباره على القبول بشروطه أو الاعتذار.

وحتى الآن لا تزال فرنسا الوسيط الرئيسي في الحوار الوطني في لبنان، لكن السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم سعد الحريري، يرحبون بأي مساعدة، بما في ذلك من موسكو التي تمتلك علاقات جيدة مع جميع القوى السياسية في لبنان.

وبحث الحريري في روسيا مجمل الأوضاع في لبنان والمنطقة، بينما يسعى منذ أشهر للحصول على دعم عربي ودولي واسع لحكومته التي لم تر النور بعد وسط انسداد سياسي وأزمة اقتصادية حادة.

واعتبرت المصادر السياسيّة اللبنانية استقبال موسكو لسعد الحريري في هذا الوقت بالذات، رسالة أخرى فحواها أن رئيس الوزراء المكلّف هو الشخصية السياسية اللبنانية الوحيدة التي تمتلك القدرة على إجراء اتصالات مع جهات خارجية فاعلة عربيا وإقليميا ودوليا.

وترى هذه المصادر أنّ الجولات التي يقوم بها رئيس الوزراء اللبناني المكلّف، والتي شملت إلى الآن دولا عربية وتركيا وفرنسا وروسيا، تستهدف تأكيد أن لبنان ليس معزولا كلّيا وأن الحريري نفسه لا يزال يمتلك رصيدا عربيا وأوروبيا.

ويريد الحريري المكلف منذ الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي تشكيل حكومة اختصاصيين (شخصيات غير حزبية)، ويتهم عون بمحاولة الحصول لفريقه التيار الوطني الحر وحلفائه وبينهم حزب الله على "الثلث المعطل".

و"الثلث المعطل" يعني حصول تحالف برلماني على ثلث عدد الحقائب الوزارية في الحكومة، ما يسمح له بالتحكم في قراراتها وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

وأكدت موسكو مرّة أخرى ضرورة تشكيل حكومة لبنانية برئاسة سعد الحريري "من دون ثلث معطّل" لأي طرف من الأطراف اللبنانية.

وخلال زيارته موسكو دعا الحريري روسيا إلى الاستثمار في مرافق البنى التحتية في لبنان، للاستفادة من فرصة انخفاض الأسعار في بلد يشهد انهيارا اقتصاديا ويأمل الحصول على دعم خارجي.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية طاحنة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق، واحتجاز أموال المودعين لدى المصارف، وخسارة الليرة اللبنانية لأكثر من 85 في المئة من قيمتها. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر.

ومنذ ما قبل انفجار مرفأ بيروت يشترط المجتمع الدولي والمانحون الدوليون على لبنان، تنفيذ إصلاحات ملحة كشرط ليحصل على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه منذ عام ونصف العام.